لماذا يهمّنا نفي خرافة اللاعربيّين وتأكيد عروبة أسلافنا الأگّديّين والفِنيقيّين والآراميّين والأشوريّين، ما هي نتيجة هذا الإثبات؟
سيكون لمثل هذا الإثبات نتائج واسعة النطاق، سواء على المستوى التاريخيّ أو الثقافيّ أو السياسيّ.
على المستوى التاريخيّ، سيؤدّي ذلك إلى تغيير جذري في فهمنا للتاريخ القديم للمنطقة العربيّة. سيؤكّد ذلك أنّ الحضارات العربيّة القديمة كانت أكثر تنوّعاً وتطوّراً ممّا كان يُعتقد سابقاً. كما سيقدّم أدلّة جديدة على العلاقات بين الحضارات العربية القديمة والحضارات الأخرى في المنطقة، مثل الحضارة التركيّة القديمة والحضارة الإغريقية القديمة.
على المستوى الثقافيّ، سيؤدّي ذلك إلى تعزيز الشعور بالوحدة العربيّة بين الشعوب العربيّة. سيؤكّد ذلك على أنّ الشعوب العربيّة لها تاريخ مشترك أطول ممّا كان يُعتقد سابقاً. كما سيوفّر أدلّة جديدة على التراث الثقافي العربي المشترك.
على المستوى السياسي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الشعور بالمطالبة بالأراضي العربيّة القديمة. سيعني ذلك أن الشعوب العربية لديها مطالب تاريخيّة على الأراضي التي كانت تحت سيطرة الأگّديّين والفِنيقيّين والآراميّين والأشوريّين في الماضي. ويمكن أن يؤدّي ذلك تلقائيّاً إلى إضعاف أساطير القوميّين في البلدان التي تسيطر حاليّاً على هذه الأراضي.
في حال تمسّكنا بحقيقة أنّ أسلافنا الأگّديّين والفِنيقيّين والآراميّين والأشوريّين عرب، فستكون هذه بيّنة مهمّة لها آثار عميقة على فهمنا للتاريخ العربيّ والثقافات العربيّة.
يدّعي الشعوبيّون واللاعربيّون أنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ويُنكرون علينا تحدّثنا بالحضارة العربية وبتراثها، ويجبرننا على تسميتها بالحضارة الإسلامية، على أساس أنّها نشأت بـ”تعريب الحضارات الحقيقية”، وهذا غير صحيح. في البلاد العربيّة، لا يسبق الحضارة العربيّة غيرها.
وجود الحضارة العربيّة يسبق وجود الإسلام، بالتالي لم يبدأ الإسلام الحضارة العربيّة. والفكر الإسلامي نفسه هو إحدى نتائج هذه الحضارة العربيّة. بالتالي الإسلام هو جزء من الحضارة العربيّة، لا كلّها.
واستمدّ هذا الفكر الإسلامي رقيّه من رقيّ الحضارة العربيّة؛ لا العكس. تماماً كحال فلسفات الأديان التي سبقته وانتشرت في العالم عن الحضارة العربيّة. فأساس الحضارة الإسلامية هو الحضارة العربية.
ومن جهة أخرى، الإسلام ومع أنّه اليوم دين الأغلبيّة من العرب. لكن، ليس كلّ العرب مسلمين. وغير المسلمين من العرب كذلك من أهل الحضارة العربيّة.
والدفاع عن الهويّة العربيّة ليس دفاعاً عن القوميّة العربيّة بالضرورة. الهويّة العربية لا تحتاج إلى فكر قومي كي تكون لها معالم وسمات. الهويّة العربيّة واضحة بسماتها وهي التي ظُلمت، وليس القوميّة العربيّة.
أستغرب من يقول أنّ العرب كانوا لا شيء قبل الإسلام. وحضارة اليمن وما قدّمته من علوم الهندسة والاقتصاد لا شيء!؟ وحضارة النهرين والشام وما قدّمته من علوم الفكر والصناعة لا شيء!؟ والفلسفة والتشريع الطائي قبل الإسلام لا شيء!؟ إن اكتفيت بسيرة طيء ودولها وحدها؛ أفيض في المنجزات الحضارية على ما قدّمته روما والصين وما كان بينهما.
من يقول لك أنّ العرب ما كانوا شيئاً قبل الإسلام، هو مردّد للدعاية الشعوبيّة الفارسيّة، ومن صفّ كارهي العرب… من يقول لك أنّ العرب كانوا لا شيء قبل الإسلام، أخرسه فوراً فهو يريد تحطيم الهُوِيَّة العربيّة، ولا يخيفه شيء في هذا العالم كما تخيفه قوّة الهُوِيَّة العربيّة. الهُوِيَّة العربيّة حضارة من بداية وجودها، هي المدنيّة وهي أصل فكرة الحكومة والإمارة والشرع والقانون.
لا يوجد حضارة معزولة في هذا العالم، الحضارة هي أثر تفاعل الشعوب والأمم. والحضارة العربيّة لم تكن معزولة عن جوارها وقدّمت، كغيرها، الكثير من المنجزات العلميّة، التي لولاها، لما كان في العالم الكثير من عادات اليوم. النقد الدُّوَليّ وأصول التعاملات المالية هي منجز عربي. فكرة التشريع والقانون هي منجز عربي. الفلسفة هي منجز عربي. علم الفلك هو منجز عربي. معدن البرونز هو منجز عربي. التحوّل من الحديد إلى النحاس هو منجز عربي. علم الساعات هو منجز عربي. كل هذا ولم يكن الإسلام قد وُلد بعد.
لو لم يكن في العربيّ جذوة الحضارة السامية من الأساس لما استطاع نشر الإسلام متراً واحداً خارج بلده العربيّ. طالمَا أنّك تؤمن أنّ الإسلام دين مرسل من عند الله، فيجب أن تؤمن كذلك بأنّ الله ما اختار العرب لنشر الإسلام عن فوضى وفراغ. إنّما اختار من يستطيع برقيّ حضارته أن يكون الوجه الأجمل للإسلام.
واحدة من القصص التي تغيظ العربفوبيّين وبني اللاعربيّة هي قصّة قبيلة جيس العربية، لأنّ الجيس إحدى أنسال الفنيقيّين الباقية إلى اليوم، ولا يقدر أحد على إنكار عروبتها، ولا يسمح الجيس لتافه أن يقول فيهم أنّهم مستعربين… وأوّل ردود اللاعربيّين على هذه القصة تكون دوماً بنفي عروبة تاريخ الجيس.
قبيلة جيس هم جَمجمة من جماجم العرب، أي من ساداتهم. ويُعتقد أنّ عرب الجيس هم رؤساء القيسيّين ما بعد الإسلام، إذ أنّ حلف الجيس هو أمراء أغلب دول القيسيّين. وعلى خلاف ما يُعتقد، أنّ نشاط قبائل الجيس كان في خلاء شبه الجزيرة العربية فقط، ما قبل الإسلام. فإنّ من أصول وأفرع الجيس ملوك مملكة حِمْصَ. أكبر وأهمّ الممالك الدينية في العهد الروماني.
في القرن ١٠ ق.م. خسر عبدة مي (الشمس) معبدهم المقدّس في مدينة الرقّة التي فيها معبد داگون المقدّس، وانتقلت القداسة من بعدها إلى مدينة حِمْصَ في سوريَا. وانتقل إليها حجّ الفنيقيّون من كلّ أنحاء البحر المتوسط. وفي حِمْصَ، نشأت في القرن الثالث قبل الميلاد مملكة إميسان الغربية (مملكة إميسه) المقدّسة برئاسة الفيلسوف يمليكو 𐡉𐡌𐡋𐡊𐡅 (توفّى 245 ق.م) وانتشر مذهبه الفلسفي في كلّ أرجاء المملكة السلوقيّة وبين العديد من القبائل الإغريقيّة والفرنجيّة والتركيّة في البلقان. وانتشرت فلسفة يمليكو داعياً إلى عبادة إله الجبل 𐡁𐡋𐡄𐡀𐡂𐡀𐡋 والحجر الأسود المقدّس الذي أرسله إله الجبل من السماء، ثمّ أودعه العرب في معبد إله الجبل المقدّس في مدينة حِمْصَ مزيّنا بشكل الشمس.
أبناء شمس إگِرَم 𐡔𐡌𐡔𐡂𐡓𐡌 (شمسيغرام) هؤلاء كانوا من الجيس، سمّاهم العرب بالجيسيّين والجسياسيّين والجسّاسين والغسياسيّين والغسّاسين والغسيانيّين والغسّان. إحدى ملوكهم يمليكو الأوّل 𐡉𐡌𐡋𐡊𐡅 (حفيد يمليكو الفيلسوف، وتوفّى 31 ق.م) حمل لقب “فيلارخ العرب” أي بابا العرب المقدّس. هؤلاء الجيس سمّاهم الرومان الگَيُس Gaius وسمّاهم الإغريق غايوس أو گايُّس Γάϊος وكذلك قايّوس Κᾱ́ῐ̈ος و قَيس Κάης تحوير بصيغة نسبة عن الكلمة العربية القديمة قيّن التي تعني في الإغريقيّة والسلاڤيّة والتركيّة القديمة: ملك.
الخارطة هي خارطة فنيقيا في القرنين الثاني والثالث، رسمتها وفقاً لكتابات القدّيس هپّوليتُس (هيبوليتوس الرومي)، وهي ذاتها مملكة حمص، إميسان الغربية، إميسه، التي تحالفت مع الرومان ثمّ صارت بعدها جزء من الإمبراطورية.
إنكار الحضارة العربية هو كإنكار كُرَوِيّة كوكب الأرض… فإليك قصّة مبخرة دمشقية سحرية وتزوير فرنسي
استمتع معي بالنظر إلى جمال هذه التحفة العربية من القرن 13 والتي في صنعتها بَذْرَة تقنيّة تخدم اليوم روّاد الفضاء، ولا تخلو مركبة طائرة منها.
هذه مبخرة نحاسيّة صنعها صنّاع دمشقيّون في القرن 13، وتُظهر القدرة العربية على إبداع أفكار مبتكرة في الهندسة الميكانيكية. وتتميّز بآليّة معقّدة تسمح للفحم المشتعل بالبقاء مستقرّاً حتى ولو تأرجحت أو سقطت الكرة. وتعتمد هذه التقنية على نظام “الجُنْبُل”، الذي اختُرع على يد العرب في القرن التاسع واستُخدم بعدها في الملاحة البحرية.
المبخرة صُنعت لخيمة الملك المملوكي قُطُز، وربّما كان الغرض منها إشعال البَخُور لتحقيق جوّ من الطُمَأنينة والراحة. وعلى الرغم من إبداع العلماء العرب في تطوير تقنية “الجُنْبُل”، إلّا أنّ بعض الأوروپيين، نسبوا هذا الاختراع خطأ لعلماء بيزنطيّين. مستندين إلى تزوير كذّاب ومزوّر فرنسي من القرن 13 اسمه {ڤيار دو أونكور}.
وباعتقادي، يجب أن تخرج هذه التحفة إلى العلن، لأنّها أحد الأدلّة العلمية على سبق العرب في اختراع الجُنْبُل وفضلهم على هذه التقنية العظيمة. وتبقى هذه المبخرة العجيبة شاهدًا حيًّا على الإبداع العربي الذي أثرى تاريخ العلوم والتقنية.
انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب وجادلني بعدها في أنّ جمهورية اليونان المعاصرة ليست من لصوص التراث.
هذه قائمة بأعمدة الحضارة اليونانية القديمة (الإغريقية)، وانتبه أين درسوا واشتغلوا في حياتهم.
الفلاسفة
أبيقور (إپِقُرُس) Ἐπίκουρος: مؤسّس المدرسة الإبيكورية للفلسفة. وُلد في العام 341 قبل الميلاد في جزيرة ساموس في اليونان. نشأ في أثينا وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الفلسفة في مدينة الحلّة (بابل) في العراق ومدينة أنطاكيَة في تركيا حيث أقام واشتغل.
ثالس (طاليس) Θαλῆς وُلد في العام 624 قبل الميلاد في مدينة ديديم Didim (ميليتوس Μίλητος) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن الماء هو أصل الكون.
أناكسيمينس Ἀναξιμένης وُلد في العام 585 قبل الميلاد في مدينة ديديم Didim (ميليتوس Μίλητος) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطور نظرية أن الهواء هو أصل الكون.
أنكساغوراس Ἀναξαγόρας وُلد في العام 585 قبل الميلاد في مدينة أورلا Urla (كلازوميناي Κλαζομεναί) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن النار هي أصل الكون. ثم اشتغل في مدينة أثينا.
أفلوطين (أفلاطون) Πλάτων وُلد في العام 427 قبل الميلاد في مدينة أثينا في اليونان. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن المثل هي أصل الكون. ثمّ اشتغل في مدينة بابل.
أرسطاطاليس (أرسطو) Ἀριστοτέλης وُلد في العام 384 قبل الميلاد في مدينة ستاگيرا Στάγειρα في شبه جزيرة خلقيدية المقدونية. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، ودرس في أكاديمية أفلوطين في بابل وأصبح تلميذًا لأفلاطون. وطور نظرية أن المادة والصورة هما أصل الكون. وفي حِقْبَة الإمبراطورية الأخمينيّة، سافر إلى العراق وسوريا حيث درس الطبّ والعلوم الطبيعية في مدينة أربيل في العراق ومدينة دمشق في سوريَا. اشتغل في مدينة أثينا.
زينون القيطي Ζήνων ὁ Κιτιεύς وُلد في العام 334 قبل الميلاد في مدينة لارنكا (قيطعيون) في قبرص. وهو مؤسّس المدرسة الستوية للفلسفة الستوية. درس في أثينا وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الفلسفة في مدينة بابل في العراق ومدينة أنطاكيَة في تركيا، حيث اشتغل.
فيثاغورث أو فيثاغورس Πυθαγόρας وُلد حوالي عام 570 قبل الميلاد في جزيرة ساموس Σάμος اليونانية. درس في العديد من الأماكن، إذ سافر إلى مصر وبلاد النهرين حيث تعلّم في معابد الكهنة المصريين وتلقى علوم البابليين. وبعد سنوات طويلة من الدراسة والسفر، عاد إلى ساموس ومن ثم استقر في كروتونا Crotone في جَنُوب إيطاليا حيث أسّس مدرسته الفلسفية والدينية التي أصبحت معروفة بالمدرسة الفيثاغورية. مدرسة فيثاغورس أسست نظاماً معقّداً من الإيمان والمعتقدات والعبادات الذي كان له تأثير كبير على الفلسفة اليونانية وأفكار العديد من الفلاسفة اللاحقين.
العلماء و الأطبّاء
أوقليدس (إقليدس) Εὐκλείδης وُلد في العام 325 قبل الميلاد في مدينة الإسكندرية في مصر. وهو عالم رياضيات. درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظريّة الهندسة الإقليدية.
بَطليموس Κλαύδιος Πτολεμαῖος وُلد في العام 100 في ريف مدينة الإسكندرية في مصر. وهو عالم رياضيات وفلكي. درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية النظام الشمسي البطلمي.
بُقْراط Ἱπποκράτης وُلد في العام 460 قبل الميلاد في جزيرة كوس Κῶς في اليونان. يُعتبر أبو الطب الحديث وأحد أعظم الأطباء في التاريخ. درس في مدينة الخرطوم بحري (نَپَتَا) السودانية وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الطب في مدينة بابل في العراق ومدينة حلب في سوريا. وطوّر نظرية الطبّ الأبقراطية. اشتغل في مدينة نَپَتَا.
ديُسقوريدس Διοσκουρίδης وُلد في العام 40 في مدينة أناڤارزا Anavarza (أنازاربوس Ἀνάζαρβος) في كيليكيا جَنُوب تركيا. نشأ في مدينة أنطاكيَة ثمّ درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية الطب البيطري. عاد واشتغل في مدينة أنطاكيَة.
جالين (جالينوس) Γαληνός وُلد في العام 130 في مدينة بيرگاما Bergama في تركيا (پيرگامون Πέργαμος). وهو طبيب درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية الطبّ الهليني. اشتغل في مدينة روما.
تخيّل أن يصل بلادك نازحون من بلد آخر، ثمّ تستقبلهم في بلادك بكلّ عطف لاجئين إليك، ثم يزعم هؤلاء اللاجئين أنّهم أهل البلد الأصليّين! ويستولون بزعمهم على السلطة. لا بل يقولون أنك أنت المستوطن الوافد وعليك الرحيل! هذه وقاحة، أليس كذلك؟
هذا ما فعلته الصهيونية حين جلبن أوروپيين يهود إلى فلسطين، ثم زعمت أنهم أهل البلد الأصليين، واخترعت أساطير عن تهجير لهم، ثم استولت على السلطة، ثم اتّهمت الفلسطينيين العرب أنهم وافدون وعليهم الرحيل… وبهذا برّرت استيلاء الوافدين الأوروپيين على بيوت الفلسطينيين وأراضي الفلسطينيين وحتى تراثهم اللامادي!
وهذا ما تكرّر فعله اليوم دعايات الأمازيغية والكردية والكمتية وغيرها من الهرطقات اللاعربية.
صاحب الدعاية الأمازيغية يفترض أن الوافد الأوروپي وغرب الأفريقي هو من شعب واحد، دمج فيه البربر الحميريين والفنيقيين، وصنع خرافة أمة باسم الأمازيغية. ثم ادعى بوقاحة أن الوافدين اللاجئين هم أصحاب الأرض الأصليين، وأنّ العرب عليهم الرحيل! وكما الصهيونية تماماً، نسج الخرافات عن وفادة العرب بهجرة ما!
صاحب الدعاية الكردية يفعل الفعلة ذاتها في العراق وسوريا وجنوب تركيا. مع أن الجزيرة الفراتية استقبلت الأكراد نازحين من إيران وآوتهم لاجئين، لا هم أصحاب أرض ولا حتى محلّيين! وطوال قرنين افتعلوا المجازر والتنكيل وأفعال العصابات، لتهجير أهل الأرض الأصليين والاستيلاء على ممتلكاتهم، واليوم يستولون على تاريخهم، تاريخنا.
هؤلاء لسن أقلّيات محلّية، ولا شعوب أصلية، بل وافدون ضيوف، وعليهم احترام حقوق أصحاب الأرض، فالوافدون القلّة هم الأجانب.
على أهل فكرة اللاعربيّة الخجل والاستحياء عند التكلّم بذمّ في العرب لإنكار الحضارة العربية.
النسر، الذي تتغنّى به أغلب الرموز السياسيّة اليوم، على أنّه تراث روماني أو إغريقي، هو في الواقع من التراث العربي… لم يعرف التاريخ بلداً عربياً قديماً لم يتّخذ من النسر رمزاً له، قبل الإغريق وقبل الرومان، ومن عصر المورو. حتّى أنّ المدن العربية كانت تضع رمز النسر على مداخلها بديلاً عن اسم الهُوِيَّة العربية.
الصورة ملتقطة في البتراء في الأرْدُنّ سنة 1950 وهي اليوم من مقتنيات مكتبة الكونگرس الأميركي.
الصورة هنا من القرن الأوّل، نحت نبطي لنسر يحمل البرق تحت مخالبه، كان النسر رمز شائع مرتبط بالإله العربي الأعلى دُسارة أو دوشرع (ذو الشرى)، وتركت العرب الدواسر له منحوتات على نطاق واسع في مقابر الحجر في البتراء بصفة مصدر للحماية الإلهية ضدّ اللصوص وتجده في كلّ مكان إن جلت حوران أو الأرْدُنّ أو فلسطين أو السُّعُودية، وكذلك في العديد من المدن المهجورة في الجزيرة العربية.
وذو الشرى هو ابن عشتار، استمرّت عبادته عند بعض العرب من العهد السومري حتّى العهد المسيحي، وبأسماء مختلفة. وفي آخر عهوده العربية عُرف عبدته باسم الدوسريّين، وكان منهم والد الإمبراطور الروماني فيليپ العرب. حتّى يكاد علم الآثار أن يقول أنّ الديانة المسيحيّة التي حاول فيليپ تحويل روما إليها هي في الواقع ديانة ذو الشرى نفسها.
{ذو الشرى} 𐢇𐢎𐢕𐢏𐢄𐢇 هو اسمه المعيني اليماني، أمّا اسمه النبطي فكان {دوشرع} 𐢅𐢈𐢝𐢛𐢀، وفي بعض اللّهجات اليمانية كذلك {ذو سراة} و {دوسرات} ومنه اسم جبال السرات والسروات الممتدّة اليوم في المملكة السُّعُودية واليمن، وعلى أعلى قممها تتربّع مدينة المحجّ القديمة لذو الشرى: مدينة القليس؛ صنعاء.
اسمه السومري هو {شره} 𒀭𒁈 (شرع، ساره) وهو ابن {إننّة} العذراء؛ التي عُرفت ومنذ العصر البابلي باسم عشتار، بتشكيلاته المختلفة. وكان شره هو القمح وهو الشعير وهو واهب الخير والحبوب، ومن جسده أكلت الناس خبزاً كافياً كلّ يوم (خبز الشعير) ومن دمه شربت الناس خمراً شافياً كلّ يوم (البيرة ولاحقاً نبيذ العنب).
قدّست العرب النسر والطير منذ العهد الموري الأوّل، عهد المورو (الأمو، الأموريّين) الذين كانوا إذا مات منهم أحد، رفعوا جسده إلى أعلى قمم الجبال لتأكلها النسور، وظنّوا هكذا أنّ الخالق يستعيد الجسد المَيِّت فترفعه إليه النسور. وعليه عدّوا أن النسر المحلّق هو عين اللّه ترقب الناس من العُلا، فهو الرقيب من يخبر اللّه عن العصاة كي ينولوا العقاب. وهو العتيد من يحمل البرق كي يضرب به المفسدين في الأرض. وهو الرسول من يحمل شرع اللّه إلى أهل الأرض فتنتظم حياتهم.
يعود استعمال النسر كرمز سياسي بين العرب إلى أكثر من خمس آلاف سنة، طالمَا أنّه كان بالأساس رمزاً دينياً وإلى زمن يعود عمقاً إلى ثماني آلاف سنة على الأقل.
لا أقدر على السخرية من معتقدات أسلافنا العرب، وأديانهم التي قدّست السمك والأفاعي والثيران والوعول والأيائل والنسور والذئاب والبوم وغيرها من الحيوانات. ولا أغفر لأهل العربفوبيا واللاعربية سخريتهم من أسلافي العرب.
حين درست فلسفة تلك المعتقدات القديمة وجدت أنها بدأت بمفهوم شكر المخلوق امتناناً للتضحية بجسده غذاء حياة الإنسان. فصارت الناس تصلّي للحيوان بعد صيده امتناناً وشكراً له لمعروفه.
ثمّ صارت الناس تشكر الخالق على توفير هذه المخلوقات زاداً للحياة، وتعبّر عن شكرها هذا بواسطة أكل واحترام أكل هذه المخلوقات، والاحتفال بمواسم خاصّة للتعبير عن هذا الشكر.
مثلاً، العربي القديم ومن حسن الأخلاق فيه، شعر بالامتنان للسمكة التي صادها وأكلها، فقد ماتت لتمنحه وأولاده حياتها كي يستمروا. فصار يحترم تقدمة هذه السمكة ويضع معروفها على رأسه.
ثمّ ذهب إدراكه أن لا بدّ للسمكة من خالق يوفّر وجودها ويكرّسها لحياة الإنسان، فصار يجلّ ويحترم هذا الخالق ويتعبّد امتناناً لمعروفه.
هذا العربي قديماً لم يعبد السمكة، فهو يقتلها ويأكلها يوميّاً. إنما شكرها امتناناً لفضلها على حياته. وصار يعقد الاحتفالات الدينية لشكر السمك وخالق السمك، وليس للتعبّد للسمك.
فهذا العربيّ قديماً ما شعر بالاستعلاء على مخلوقات الأرض، إنما رأى نفسه معها سواء، فخجل أمام تضحية السمكة، وشكرها باحترامها.
وكعادة الأديان في كلّ عصر، انحرف بعض أتباعها لاحقاً عن المفهوم الأول، وصاروا يتعبّدون للسمك ويحرّمون أكله، تكرار للاحترام القديم؛ دون فهم لفحوى العقيدة الأولى.
المعتقدات العربيّة القديمة بدأت كلّها على أساس الامتنان وشكر المعروف، قبل الغرق في فلسفة الخطايا ودفع العقوبات. وهذه أخلاق عالية تُحترم. ولو خالفت معتقداتنا المعاصرة.
يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، فإليك حكاية عن عظمة البحريّة العربيّة في العصر الروماني. قبل الإسلام بسبع قرون.
من نفائس المكتشفات الأثرية المهملة كتاب جغرافي مصري من منتصف القرن الأول، اسمه “رحماني البحر الإريتري” Periplus Maris Erythraei أي الطواف حول البحر الإريتري. ومنطقة البحر الإريتري في الثقافة الهلنستية كانت دائماً تشير إلى مجموع مناطق البحر الأحمر وخليج عدن مع ساحل القرن الأفريقي.
الكتاب مجهول اسم المؤلّف، لكن من الواضح أنّ مؤلّفه كان جغرافيّاً رحل في البحار بأمر من ملك مصري پطولمي في العهد الروماني، مكلّفاً بتدوين فِهْرِس تجاري ملكي. واسم الكتاب بالإغريقية Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης، وقد خطّ الكتاب باللّغة الإغريقية الكوينية مخطوطاً بالحرف اللاتيني في منتصف القرن الأول. والكتاب يسجل مسارات إبحار ومعلومات تجارية وسياسية وتفاصيل عن السلالات الحاكمة للموانئ في فتره كتابته. وكان أُنجر في حِقْبَة لم ينتشر فيها بعد استعمال الخرائط في الثقافتين الهلنستية والرومانية، فأتى مزيجاً ما بين الأطلس وكتاب الرحّالة.
من معلومات الكتاب المهمّة الحديث عن مملكتي حِمير وسبأ واتّساع نشاطهم التجاري، حيث يذكر المؤلّف أنّ مملكتي حمير وسبأ قد أعادوا تنظيم صفوفهم تحت سلطة حاكم واحد اسمه {كربال} بالسبئية 𐩫𐩧𐩨𐩱𐩡 وتعرفه المصادر الغربية باسم شربل أو شربَئيل. وقد يكون هو الملك السبئي {كرب-ئيل وتر الثاني}.
يورد المؤلّف بالحرف الاقتباس التالي: “وبعد تسع أيّام أو أكثر نصل “سفر” Saphar، مدينة عاصمة، حيث يقيم شريب-ئيل، ملك شرعي على قبيلتين، الحميريّون وأولئك الذين يعيشون بجوارهم، يقال لهم السبئيّين، ومن خلال السفارات والهدايا المستمرّة هو صديق للأباطرة” ويقصد أباطرة روما.
وبحسب مؤلّف الرحماني، عقد الملك كربال اتّفاقيات تعاون تجارية مع رومَا وانتشرت موانئه على سواحل اليمن وساحل القرن الأفريقي حتى ميناء “ربطه” قبالة جزيرة مدغشقر، كما كانت له مواني وعلاقات جيدة بمملكة “فُنَن” جَنُوب شرق آسيا. وهذه الأخيرة هي سبب وصول الأرز إلى أسواق العرب، قبل الإسلام بنحو ألف عام. وهي التي أعارت العرب تسميتها للأرز المسلوق أتَمَنّ. حيث {أتَ} تعني مسلوق، مطهو، و{مَنّ} تعني أرز.
ما يعني ببساطه أن سفن مملكة حمير قد سيطرت فعلاً على خطوط النقل البحرية على عرض المحيط الهندي في العالم القديم، وحملت التجارة العالمية ما بين الصين والهند من جهة والامبراطورية الرومانية من جهة ثانية.
يذكر الكتاب كذلك امتلاك الملك إليعازر ملك الأنباط ثلاث محطّات تجارية في حضرموت، مينائي ملاحة ومحطّة برّية هي مدينة “شبوة” المعاصرة، كما تنفّذ الحضارمة تحت سلطة الأنباط على سبع محطات تجاريه في الهند، خمس منها مواني على الساحل الهندي الغربي.
أهمّ صادرات الرومان تَبَعاً للرحماني كان النبيذ من المناطق الإغريقية، والمعادن من سوريا والشام والملابس من مصر. بينما كانت أهمّ صادرات العرب هي النبيذ والزهور العطرية، أما صادرات القرن الأفريقي فكانت البهارات والعاج. وعلى الطرف المقابل كانت صادرات الصين أساساً الحرير، في حين تصدّر الهند البهارات والمعادن والملابس والأحجار الثمينة، أمّا فُنن فكانت تصدّر الأرز.
مملكة “فُنَن” هي مملكة عاشت من 68 ق.م حتى 550 ميلادية، تمثل مساحتها اليوم منطقة موزعة على ڤييتنام وكمبوديا ولاوس وتايلاند وماليزيا وجزئ من ميانمار.
تسمّى بالصينية بانان Bānān، وبالخميريّة فونون Phouṇn. كانت على علاقات تجارية ممتازة بالصين حيث تمرّر مراكزها التجارية أغلب التجارة الصينية مع رومَا واليمن.
وأدّى امتزاجها بالثقافة الآرامية الوافدة من الشمال إلى ولادة شعب وثقافة ولغة الخمير.
العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة هي مصطلحات تُستخدم لوصف أنواع مختلفة من التحيّز والمواقف تجاه العرب والثقافة العربية. إليك تعريف كلّ منها:
العربفوبيا Arabophobia
ومعناها الحرفي: اضطراب رُهاب العرب
العربفوبيا هي مصطلح يُستخدم لوصف الخوف، والكراهيَة، أو التحيّز ضدّ العرب. يمكن أن يشمل هذا: الخوف أو الكراهيَة للّغة العربيّة، أو الثقافة العربيّة، أو الأديان السائدة في الدول العربيّة مثل الإسلام. العربفوبيا واحدة من أشكال ذُهان العنصريّة والتمييز الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء التفاهم، والإقصاء الاجتماعي، وأحيانا العنف ضدّ الأفراد العرب، سواء البدني أو اللّفظي.
كثيراً ما تتطوّر أعراض العربفوبيا إلى الإسلامفوبيا، من باب أن العربي لا يقدر على إنتاج ديانة راقية.
الشعوبيّة Shu’ubiyya
الشعوبية كانت في الأصل حركة ثقافيّة وسياسيّة داخل الإسلام، دعت إلى القوميّة؛ أي رفض مفهوم الأمّة الإسلاميّة وتفضيل الهويّات الشعوبيّة على الهُوِيَّة الدينيّة. لكن، حين رأت هذه الحركة ارتباط الإسلام بسمات الهُوِيَّة العربيّة، تحوّلت إلى حركة لانتقاد العروبة نفسها وتفضيل العجم على العرب، وتشجيع الفصل بين الإسلام وسمات العروبة، وتحقير العرب.
اللاعربيّة Anti-Arabism
اللاعربيّة كما اللاساميّة هي موقف أو إيديولوجيّة تتضمّن التحيّز ضدّ العرب وثقافتهم وتاريخهم. هذا يشمل إنكار إنجازات الحضارة العربيّة وتقليل شأن دور العرب في التاريخ العالمي والمساهمات الثقافيّة. واللاعربيّة يمكن أن تتّخذ أشكالاً متعدّدة من التمييز، بما في ذلك التمييز العنصري والثقافي والديني ضدّ الأشخاص الذين ينتمون إلى الهويّة العربيّة أو يعبّرون عن الثقافة العربيّة.
تتجلّى اللاعربيّة في العديد من السياقات، مثل الإعلام والسياسة والتعليم والممارسات الاجتماعيّة، حيث يُصوّر العرب بطريقة سلبيّة، وإنكار دورهم التاريخي والحالي في الحضارة الإنسانيّة.
مقارنة مع العربفوبيا والشعوبية
العربفوبيا تشير إلى الخوف غير المنطقي والكراهيّة أو التحيّز ضدّ العرب، وقد تتداخل مع اللاعربيّة ولكنّها تركّز أكثر على الخوف والنفور العاطفي.
الشعوبيّة في الاستخدام الحديث، تشير إلى تفضيل الهويّات القوميّة الأخرى على حساب الهُوِيَّة العربيّة، سواء داخل المجتمعات العربيّة أو خارجها. وهي هكذا جزء من العربفوبيا.
إنّ اللاعربية كإيديولوجية إنكاريّة تؤدّي إلى تشويه صورة العرب والتقليل من شأن مساهماتهم الثقافية والحضارية، ممّا يساهم في تغذية الصور النمطية السلبية والتمييز ضدّهم. وما يسق إليها هو اضطراب العربفوبيا.