الشهر: فيفري 2024

  • اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ولغتهم العربية ما كان لهم فضل على الحضارة الإنسانية منذ فجر الإسلام… فلنحك نقطة في بحر فضل اللّغة العربية على العالم.

    منذ فجر التاريخ وعبر آلاف السنين، اتّخذت العربية مكانةً مرموقةً بين لغات العالم، تاركةً بصمةً حضاريةً خالدةً عبر مسار الزمن. ومن ذلك حملها لنواة الأديان الأكثر انتشاراً في عالم اليوم. فمَا هي الثمار التي جنتها البشرية من رحلةٍ استمرّت 1400 سنة الأخيرة مع لغة الظاء؟

    تُعدّ اللّغة العربية حاملةً راية حضارةٍ عريقةٍ، غنيّةٍ بالعلوم والآداب والفلسفة. تابعها العصر الإسلامي الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث شهدت ازدهارًا في مختلف المجالات العلمية والفكرية. إليك بعض العلوم التي نشأت وتطورت باستخدام اللّغة العربية:

    أسهم الأطباء والعلماء بتطوّر كبير في الطبّ باللّغة العربية، بواسطة تأليف الكتب والموسوعات التي تعالج مختلف الأمراض وطرق العلاج. وبالعربية كُتب “القانون في الطبّ” و”الحاوي في الطبّ”، والذين كانا مرجعًا طبيًا لقرون في الشرق والغرب. وبقيت العربية لغة تدريس الطب في أوروپا مثلاً لأكثر من خمس قرون.

    وبالعربية انفصلت الكيمياء كعلم عن الخيمياء مع العلماء العرب مثل جابر بن حيان، الذي يعدّ “أبو الكيمياء”. وأدخل العلماء العرب مفاهيم مثل التقطير والتبلور والتصعيد.

    بالعربية نما علم الصيدلة كعلم منفصل عن الطب، حيث قام العلماء بتصنيف الأدوية وتحضير الوصفات الصيدلانية ووضع معايير للجودة. الزهراوي، الذي ألف كتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف”، يعدّ من الروّاد في هذا المجال، وقد أسهم كتابه في تطور الجراحة والصيدلة. فهو أبو الصيدلية.

    بالعربية ازدهر علم الفلك في العالم، حيث قام العلماء ببناء المراصد وتطوير الأدوات الفلكية مثل الأسطرلاب. كانوا يدرسون حركة الكواكب والنجوم وألّفوا الزيجات الفلكية التي تحتوي على جداول معقّدة لحركات الأجرام السماوية. البتّاني مثلاً هو أبو علم الفلك المعاصر.

    في الرياضيات. نجد البغدادي الخوارزمي، الذي يُعدّ أحد أعظم الرياضيّين، أسهم في تأسيس الجبر والخوارزميّات، وأدخل نظام الأرقام العربية، الذي يعتمد على النظام العددي وأصبح أساس النظام العددي المستخدم اليوم في كل أرجاء العالم.

    بالعربية ألّف الجزري كتابه “كتاب في معرفة الحيل الهندسية” والذي ضمّ تصاميم لأجهزة ميكانيكية متطورة مثل الساعات المائية. وكان له فضل اختراع المحرّك المعاصر وعلبة المحرّكات (التروس) والبسطون (المكبس).

    بالعربية تأسّس علم البصريّات وعلم المناظير. ابن الهيثم البصري، مؤلف “كتاب البصريات” و”كتاب المناظر”، قدم نظريات هامة حول كيفية عمل العين وكيف يتم تشكيل الرؤية. واخترع القُمرة (الكميرا).

    ابن العوام وأبو زكريا القسطلاني كتبوا كتبًا هامة في الزراعة، تضمّنت وصفًا لطرق الزراعة، وتحسين التربة، وتقنيات الري، وتصنيف النباتات. كتاب ابن العوام “الفلاحة الأندلسية” يعتبر مرجعًا مهمًّا في هذا العلم، ويقوم عليه علم الزراعة الحديث.

    الفارابي وابن مسكويه من الفلاسفة الذين بحثوا في الأخلاق والقانون، مقدّمين أفكارًا حول العدالة والحكم الرشيد والسلوك الأخلاقي. وعلومهم التي قدّموها باللّغة العربية صارت أساساً لفلسفة الأخلاق في علوم غرب أوروپا الحديثة.

    هذه العلوم تطورت في بيئة ثقافية غنية ومتفاعلة، حيث كانت اللّغة العربية هي وسيلة تدوين المعرفة ونقلها. ولعلّ أهمّ ما يميّز هذه الفترة هو ابتكار نظام التعليم النظامي لتدريس اللّغة العربية والفقه، ولم يزل هذا النظام قائماً مستخدماً في أنحاء العالم المختلفة إلى اليوم.

    اليوم تُعدّ اللّغة العربية لغةً رسميةً لأكثر من 25 دولة، ومعترف بها كلغة أقلّية في أكثر من 40 دولة غيرها، منها الولايات المتحدة الأميركية. ويتحدّثها أكثر من نصف مليار شخص حول العالم.  وتؤدّي دورًا هامًا في التواصل بين الشعوب العربية، ونشر المعرفة والثقافة. كما تُعدّ لغةً دينيةً للقرآن الكريم، ما يمنحها مكانةً مقدسةً لدى المسلمين.

    السؤال الأهم، هو طوال 1400 سنة، ماذا قدّم كارهوا اللّغة العربية اللاعربيّين منكري الحضارة العربية؟

    مراجع

    1. الرصافي، مصطفى صادق. “من تاريخ الحضارة العربية.”
    2. حسين، محمد كامل. “تاريخ الفكر الإسلامي.”
    3. رصا، رجاء نعمة. “اللغة العربية وآدابها في العصر الإسلامي.”
    4. السيد، رشدي. “فجر العلم في الحضارة الإسلامية.”
    5. رضا، محمد عبد الحليم. “العلوم عند العرب.”
    6. الخوارزمي، محمد بن موسى. “الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة.”
    7. ابن النديم، محمد بن إسحاق. “الفهرست.”
    8. ابن سينا. “القانون في الطب.”
    9. جابر بن حيان. “كتاب الكيمياء.”
    10. البتاني، عبد الرحمن بن عمر. “الزيج الصابي.”
    11. ابن الهيثم، حسن بن الهيثم. “كتاب المناظر.”
    12. الجزري، بديع الزمان أبو العز. “كتاب في معرفة الحيل الهندسية.”
    13. ابن العوام، أبو زكريا يحيى. “كتاب الفلاحة الأندلسية.”
    14. ابن رشد، أبو الوليد. “تهافت التهافت.”
    15. الفارابي، أبو نصر. “آراء أهل المدينة الفاضلة.”
    16. ابن مسكويه، أحمد بن محمد. “تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق.”
  • كيف سرقت الصهيونية مفردة {عبري} العربية وصنعت منها قومية!

    كيف سرقت الصهيونية مفردة {عبري} العربية وصنعت منها قومية!

    من كلّ ما قرأته ودرسته حتّى اليوم يبدو لي أنّ الفنيقيّين ما كانوا إحدى شعوب العرب أو صنفاً من العرب، إنّما يبدو أنّ الفنيقيّين هم كلّ العرب، وتسمية فنيقي كانت الاسم الذي سبق شيوع كلمة عربي. لا أكثر.

    أطلق الفنيقيّون على أنفسهم تسميات پونت، فونت، پونتُس، بُنطس، بُنطي، فُنط، فِن، فِنتا…

    پونت تفصيحها الپون (الفُن) حيث التاء الأخير هي أداة تعريف، وكتبنها بحرفين پ+ت (𐤐𐤕) وأطلقوا على جموعهم تسمية پونِّيم 𐤐𐤍𐤉𐤌 أي الپونيّين (الفُنيّين).

    ونجد عبر التاريخ ممالك شتّى في غرب آسيا وشرق وشمال أفريقيا اتّخذت لنفسها تسمية بلاد الپونت. في اليمن وعُمان والصومال والسودان وموزامبيق وتونس والجزائر والمغرب وإسپانيا وكذلك في تركيا. حتّى أنّ البحر الأسود أخذ اسمه اللاتيني پونتُس نسبة إلى ممالك الپونت من حوله.

    أطلق الفنيقيّون على ممالكهم تسمية عَفريٌ (عَپريُّن) 𐤏𐤐𐤓𐤉، ونجدها متكرّرة سواء في بلاد الپونت الشرقية أو الغربية. وأطلقوا على المواطِن في هذه المملكة تسمية عَفَري (عپري)، وجمعنها بصيغة عَفر (عَپر) 𐤏𐤐𐤓.

    أضاف اللاتينيّون إلى تسمية عَفَري أداة النسبة فصارت عفريقة وتحوّلوا بلفظها إلى أفريقة، وعن هذه التسمية أطلق الرومان على الإمبراطوريّة القرطاجيّة تسمية أفريگه (أفريجة) وعنها نشأت تسمية القارة كلّها أفريقا Africa.

    التسمية الفنيقية لمواطنيها عَفر (عَپر) 𐤏𐤐𐤓 نجدها ذاتها تماماً واردة في البابلية (الآرامية) وقبلها في الأگّدية بصيغة عبر وعبرات والفرد منها عبري.

    وهنا نلاحظ كذلك أنّ تسمية عبري ولغة عبرية وكتابة عبرية، ليست أكثر من إشارة إلى العرب ولغتهم بواحدة من اللّهجات العربية وكتاباتهم، التي هي في الأصل كتابة عربية بابلية وفنيقية. ثمّ جاءت الصهيونية واخترعت خرافة تنسيب كلمة عبري بعبور نهر أو بحر، ثمّ جعلت من كلمة مواطِن: عبري قومية وإثنية وخرافة سياسية.

    العرب قديماً هم الفنيقيّون نفسهم، والفنيقيّون عرب قدامى. مَن انتشروا بدولهم من خرسان حتّى المغرب، ومن تركيا وكلّ المتوسّط حتى موزامبيق.

    للمزيد اقرأ تدوينتي {الفنيقيّون العرب} على مدوّنة البخاري من هنا

  • يجب أن يتوقّف نشر خرافة قوميّة الأكاديّين

    يجب أن يتوقّف نشر خرافة قوميّة الأكاديّين

    من الخرافات التي دأب عليها مستشرقي الحِقْبَة الاستعمارية؛ اختراع أمّم وقوميّات بناء على أسماء عواصم دولهم… ولو تمكّن لهم اليوم لتحدّثوا مثلاً في القوميّة القاهرية بدل المصرية، والقومية البغدادية، والقومية السُّعُودية! المهم عندهم ألّا يقال: شعوب عربية.

    هذه الأكذوبة هي خرافة اللّغة الأكادية والحضارة الأكادية والأمّة الأكادية… والمكذوب على لسانه فيها هو عالم الأشّوريّات القدير إگناس گلِب Ignace Gelb. الذي برهن، ومن لحظة اكتشافه الأوّل للعاصمة أگَّدة (أقَّدة) أنّ اسم المدينة منسوب إلى اسم أسلاف العرب القدرو، وأنّ معنى اسم القدرو الأصلي هو البنّائين والمنظِّمين.

    بعد هذا الاكتشاف، كُذب على لسانه، واخترعت القوميّة الأگّديّة، دون أيّ اعتبار إلى أنّ أگَّد كان مجرّد اسم دولة منسوب إلى اسم عاصمتها، إحدى دول شعب المنطقة العربية.

    في النقوش العراقية استخدمت النصوص الأگّدية كلمة أگَّدة، وهي مشابهة للكلمة السومرية أقاد 𒀝 التي تعني “بناء” أو “تنظيم” أو “تشييد” أو “توجيه”.

    كذلك الكلمة الأگّدية أگّيدُ (أكيدو) 𒀕𒅖𒋾𒄿 ومعناها “باني”، وهي مرتبطة أيضاً بكلمة أگَّد ومطابقة للكلمة السومريّة أقّيدُ بنفس المعنى، باستبدال حرف ق بحرف گ.

    اسم أگَّدة مشتقّ في الأساس من اسم شعب القِدرو (گِدْرُ) 𒆕𒉈𒇓 (جِدرو)، وهم قبيلة سومريّة كانت تعيش في منطقة أگَّد، سجّلت مسماريّات أُرُگ (أوروك) تسميتهم بصيغة أُگِّد (أُقِّد) 𒀠𒆗𒀖.

    عدد من علماء الآثار شاركوا گلِب نظريّته ودافعوا عن الصلة بين قوم گِدرُ (قِدرو) والعرب. ومن هؤلاء العلماء متخصّص الأشّوريّات نيقولاس پوستگيٓت والآثارية جوان أوتس، الذين يرون أنّ قوم گِدرُ كانوا مجموعة إثنيّة مميّزة منحدرة عن السومريّين وسلف للعرب.

    عُرف عن قوم الگِدرُ مهارتهم في البناء والهندسة، ويُنسب إليهم بناء مدينة أگَّدة التي كانت عاصمة الإمبراطورية الأگّديّة. وهذا يشير إلى أنّهم كانوا شعباً متقدّماً تقنيّاً وذا ثقافة راقية. ويرى پوستگيٓت أنّ لغة قوم گِدرُ مرتبطة باللّغة العربية ولهجاتها. وعليه، فالتاريخ واضح في أنّ عرب اليوم هم نسل حضارات أگّد وسومر.

    للمزيد اقرأ تدوينتي {الأگّديّين: أسلافنا القِدرو} مع مراجعها على مدوّنة البخاري من هنا