الوسم: تزوير التاريخ

  • اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ولغتهم العربية ما كان لهم فضل على الحضارة الإنسانية منذ فجر الإسلام… فلنحك نقطة في بحر فضل اللّغة العربية على العالم.

    منذ فجر التاريخ وعبر آلاف السنين، اتّخذت العربية مكانةً مرموقةً بين لغات العالم، تاركةً بصمةً حضاريةً خالدةً عبر مسار الزمن. ومن ذلك حملها لنواة الأديان الأكثر انتشاراً في عالم اليوم. فمَا هي الثمار التي جنتها البشرية من رحلةٍ استمرّت 1400 سنة الأخيرة مع لغة الظاء؟

    تُعدّ اللّغة العربية حاملةً راية حضارةٍ عريقةٍ، غنيّةٍ بالعلوم والآداب والفلسفة. تابعها العصر الإسلامي الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث شهدت ازدهارًا في مختلف المجالات العلمية والفكرية. إليك بعض العلوم التي نشأت وتطورت باستخدام اللّغة العربية:

    أسهم الأطباء والعلماء بتطوّر كبير في الطبّ باللّغة العربية، بواسطة تأليف الكتب والموسوعات التي تعالج مختلف الأمراض وطرق العلاج. وبالعربية كُتب “القانون في الطبّ” و”الحاوي في الطبّ”، والذين كانا مرجعًا طبيًا لقرون في الشرق والغرب. وبقيت العربية لغة تدريس الطب في أوروپا مثلاً لأكثر من خمس قرون.

    وبالعربية انفصلت الكيمياء كعلم عن الخيمياء مع العلماء العرب مثل جابر بن حيان، الذي يعدّ “أبو الكيمياء”. وأدخل العلماء العرب مفاهيم مثل التقطير والتبلور والتصعيد.

    بالعربية نما علم الصيدلة كعلم منفصل عن الطب، حيث قام العلماء بتصنيف الأدوية وتحضير الوصفات الصيدلانية ووضع معايير للجودة. الزهراوي، الذي ألف كتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف”، يعدّ من الروّاد في هذا المجال، وقد أسهم كتابه في تطور الجراحة والصيدلة. فهو أبو الصيدلية.

    بالعربية ازدهر علم الفلك في العالم، حيث قام العلماء ببناء المراصد وتطوير الأدوات الفلكية مثل الأسطرلاب. كانوا يدرسون حركة الكواكب والنجوم وألّفوا الزيجات الفلكية التي تحتوي على جداول معقّدة لحركات الأجرام السماوية. البتّاني مثلاً هو أبو علم الفلك المعاصر.

    في الرياضيات. نجد البغدادي الخوارزمي، الذي يُعدّ أحد أعظم الرياضيّين، أسهم في تأسيس الجبر والخوارزميّات، وأدخل نظام الأرقام العربية، الذي يعتمد على النظام العددي وأصبح أساس النظام العددي المستخدم اليوم في كل أرجاء العالم.

    بالعربية ألّف الجزري كتابه “كتاب في معرفة الحيل الهندسية” والذي ضمّ تصاميم لأجهزة ميكانيكية متطورة مثل الساعات المائية. وكان له فضل اختراع المحرّك المعاصر وعلبة المحرّكات (التروس) والبسطون (المكبس).

    بالعربية تأسّس علم البصريّات وعلم المناظير. ابن الهيثم البصري، مؤلف “كتاب البصريات” و”كتاب المناظر”، قدم نظريات هامة حول كيفية عمل العين وكيف يتم تشكيل الرؤية. واخترع القُمرة (الكميرا).

    ابن العوام وأبو زكريا القسطلاني كتبوا كتبًا هامة في الزراعة، تضمّنت وصفًا لطرق الزراعة، وتحسين التربة، وتقنيات الري، وتصنيف النباتات. كتاب ابن العوام “الفلاحة الأندلسية” يعتبر مرجعًا مهمًّا في هذا العلم، ويقوم عليه علم الزراعة الحديث.

    الفارابي وابن مسكويه من الفلاسفة الذين بحثوا في الأخلاق والقانون، مقدّمين أفكارًا حول العدالة والحكم الرشيد والسلوك الأخلاقي. وعلومهم التي قدّموها باللّغة العربية صارت أساساً لفلسفة الأخلاق في علوم غرب أوروپا الحديثة.

    هذه العلوم تطورت في بيئة ثقافية غنية ومتفاعلة، حيث كانت اللّغة العربية هي وسيلة تدوين المعرفة ونقلها. ولعلّ أهمّ ما يميّز هذه الفترة هو ابتكار نظام التعليم النظامي لتدريس اللّغة العربية والفقه، ولم يزل هذا النظام قائماً مستخدماً في أنحاء العالم المختلفة إلى اليوم.

    اليوم تُعدّ اللّغة العربية لغةً رسميةً لأكثر من 25 دولة، ومعترف بها كلغة أقلّية في أكثر من 40 دولة غيرها، منها الولايات المتحدة الأميركية. ويتحدّثها أكثر من نصف مليار شخص حول العالم.  وتؤدّي دورًا هامًا في التواصل بين الشعوب العربية، ونشر المعرفة والثقافة. كما تُعدّ لغةً دينيةً للقرآن الكريم، ما يمنحها مكانةً مقدسةً لدى المسلمين.

    السؤال الأهم، هو طوال 1400 سنة، ماذا قدّم كارهوا اللّغة العربية اللاعربيّين منكري الحضارة العربية؟

    مراجع

    1. الرصافي، مصطفى صادق. “من تاريخ الحضارة العربية.”
    2. حسين، محمد كامل. “تاريخ الفكر الإسلامي.”
    3. رصا، رجاء نعمة. “اللغة العربية وآدابها في العصر الإسلامي.”
    4. السيد، رشدي. “فجر العلم في الحضارة الإسلامية.”
    5. رضا، محمد عبد الحليم. “العلوم عند العرب.”
    6. الخوارزمي، محمد بن موسى. “الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة.”
    7. ابن النديم، محمد بن إسحاق. “الفهرست.”
    8. ابن سينا. “القانون في الطب.”
    9. جابر بن حيان. “كتاب الكيمياء.”
    10. البتاني، عبد الرحمن بن عمر. “الزيج الصابي.”
    11. ابن الهيثم، حسن بن الهيثم. “كتاب المناظر.”
    12. الجزري، بديع الزمان أبو العز. “كتاب في معرفة الحيل الهندسية.”
    13. ابن العوام، أبو زكريا يحيى. “كتاب الفلاحة الأندلسية.”
    14. ابن رشد، أبو الوليد. “تهافت التهافت.”
    15. الفارابي، أبو نصر. “آراء أهل المدينة الفاضلة.”
    16. ابن مسكويه، أحمد بن محمد. “تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق.”
  • قصّة مبخرة دمشقية سحرية وتزوير فرنسي

    قصّة مبخرة دمشقية سحرية وتزوير فرنسي

    إنكار الحضارة العربية هو كإنكار كُرَوِيّة كوكب الأرض… فإليك قصّة مبخرة دمشقية سحرية وتزوير فرنسي

    استمتع معي بالنظر إلى جمال هذه التحفة العربية من القرن 13 والتي في صنعتها بَذْرَة تقنيّة تخدم اليوم روّاد الفضاء، ولا تخلو مركبة طائرة منها.

    هذه مبخرة نحاسيّة صنعها صنّاع دمشقيّون في القرن 13، وتُظهر القدرة العربية على إبداع أفكار مبتكرة في الهندسة الميكانيكية. وتتميّز بآليّة معقّدة تسمح للفحم المشتعل بالبقاء مستقرّاً حتى ولو تأرجحت أو سقطت الكرة. وتعتمد هذه التقنية على نظام “الجُنْبُل”، الذي اختُرع على يد العرب في القرن التاسع واستُخدم بعدها في الملاحة البحرية.

    المبخرة صُنعت لخيمة الملك المملوكي قُطُز، وربّما كان الغرض منها إشعال البَخُور لتحقيق جوّ من الطُمَأنينة والراحة. وعلى الرغم من إبداع العلماء العرب في تطوير تقنية “الجُنْبُل”، إلّا أنّ بعض الأوروپيين، نسبوا هذا الاختراع خطأ لعلماء بيزنطيّين. مستندين إلى تزوير كذّاب ومزوّر فرنسي من القرن 13 اسمه {ڤيار دو أونكور}.

    وباعتقادي، يجب أن تخرج هذه التحفة إلى العلن، لأنّها أحد الأدلّة العلمية على سبق العرب في اختراع الجُنْبُل وفضلهم على هذه التقنية العظيمة. وتبقى هذه المبخرة العجيبة شاهدًا حيًّا على الإبداع العربي الذي أثرى تاريخ العلوم والتقنية.

    للمزيد من التفاصيل والمراجع اقرأ تدوينتي {حكاية مبخرة دمشقية سحرية وتزوير فرنسي} على مدوّنة البخاري من هنا

  • انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب

    انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب

    انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب وجادلني بعدها في أنّ جمهورية اليونان المعاصرة ليست من لصوص التراث.

    هذه قائمة بأعمدة الحضارة اليونانية القديمة (الإغريقية)، وانتبه أين درسوا واشتغلوا في حياتهم.

    الفلاسفة

    أبيقور (إپِقُرُس) Ἐπίκουρος: مؤسّس المدرسة الإبيكورية للفلسفة. وُلد في العام 341 قبل الميلاد في جزيرة ساموس في اليونان. نشأ في أثينا وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الفلسفة في مدينة الحلّة (بابل) في العراق ومدينة أنطاكيَة في تركيا حيث أقام واشتغل.

    ثالس (طاليس) Θαλῆς وُلد في العام 624 قبل الميلاد في مدينة ديديم Didim (ميليتوس Μίλητος) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن الماء هو أصل الكون.

    أناكسيمينس Ἀναξιμένης وُلد في العام 585 قبل الميلاد في مدينة ديديم Didim (ميليتوس Μίλητος) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطور نظرية أن الهواء هو أصل الكون.

    أنكساغوراس Ἀναξαγόρας وُلد في العام 585 قبل الميلاد في مدينة أورلا Urla (كلازوميناي Κλαζομεναί) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن النار هي أصل الكون. ثم اشتغل في مدينة أثينا.

    أفلوطين (أفلاطون) Πλάτων وُلد في العام 427 قبل الميلاد في مدينة أثينا في اليونان. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن المثل هي أصل الكون. ثمّ اشتغل في مدينة بابل.

    أرسطاطاليس (أرسطو) Ἀριστοτέλης وُلد في العام 384 قبل الميلاد في مدينة ستاگيرا Στάγειρα في شبه جزيرة خلقيدية المقدونية. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، ودرس في أكاديمية أفلوطين في بابل وأصبح تلميذًا لأفلاطون. وطور نظرية أن المادة والصورة هما أصل الكون. وفي حِقْبَة الإمبراطورية الأخمينيّة، سافر إلى العراق وسوريا حيث درس الطبّ والعلوم الطبيعية في مدينة أربيل في العراق ومدينة دمشق في سوريَا. اشتغل في مدينة أثينا.

    زينون القيطي Ζήνων ὁ Κιτιεύς وُلد في العام 334 قبل الميلاد في مدينة لارنكا (قيطعيون) في قبرص. وهو مؤسّس المدرسة الستوية للفلسفة الستوية. درس في أثينا وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الفلسفة في مدينة بابل في العراق ومدينة أنطاكيَة في تركيا، حيث اشتغل.

    فيثاغورث أو فيثاغورس Πυθαγόρας وُلد حوالي عام 570 قبل الميلاد في جزيرة ساموس Σάμος اليونانية. درس في العديد من الأماكن، إذ سافر إلى مصر وبلاد النهرين حيث تعلّم في معابد الكهنة المصريين وتلقى علوم البابليين. وبعد سنوات طويلة من الدراسة والسفر، عاد إلى ساموس ومن ثم استقر في كروتونا Crotone في جَنُوب إيطاليا حيث أسّس مدرسته الفلسفية والدينية التي أصبحت معروفة بالمدرسة الفيثاغورية. مدرسة فيثاغورس أسست نظاماً معقّداً من الإيمان والمعتقدات والعبادات الذي كان له تأثير كبير على الفلسفة اليونانية وأفكار العديد من الفلاسفة اللاحقين.

    العلماء و الأطبّاء

    أوقليدس (إقليدس) Εὐκλείδης وُلد في العام 325 قبل الميلاد في مدينة الإسكندرية في مصر. وهو عالم رياضيات. درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظريّة الهندسة الإقليدية.

    بَطليموس Κλαύδιος Πτολεμαῖος وُلد في العام 100 في ريف مدينة الإسكندرية في مصر. وهو عالم رياضيات وفلكي. درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية النظام الشمسي البطلمي.

    بُقْراط Ἱπποκράτης وُلد في العام 460 قبل الميلاد في جزيرة كوس Κῶς في اليونان. يُعتبر أبو الطب الحديث وأحد أعظم الأطباء في التاريخ. درس في مدينة الخرطوم بحري (نَپَتَا) السودانية وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الطب في مدينة بابل في العراق ومدينة حلب في سوريا. وطوّر نظرية الطبّ الأبقراطية. اشتغل في مدينة نَپَتَا.

    ديُسقوريدس Διοσκουρίδης وُلد في العام 40 في مدينة أناڤارزا Anavarza (أنازاربوس Ἀνάζαρβος) في كيليكيا جَنُوب تركيا. نشأ في مدينة أنطاكيَة ثمّ درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية الطب البيطري. عاد واشتغل في مدينة أنطاكيَة.

    جالين (جالينوس) Γαληνός وُلد في العام 130 في مدينة بيرگاما Bergama في تركيا (پيرگامون Πέργαμος). وهو طبيب درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية الطبّ الهليني. اشتغل في مدينة روما.

  • الأمازيغية والكردية وغيرهما من الهرطقات اللاعربية: دعاوى باطلة في الأصالة والحقوق

    الأمازيغية والكردية وغيرهما من الهرطقات اللاعربية: دعاوى باطلة في الأصالة والحقوق

    تخيّل أن يصل بلادك نازحون من بلد آخر، ثمّ تستقبلهم في بلادك بكلّ عطف لاجئين إليك، ثم يزعم هؤلاء اللاجئين أنّهم أهل البلد الأصليّين! ويستولون بزعمهم على السلطة. لا بل يقولون أنك أنت المستوطن الوافد وعليك الرحيل! هذه وقاحة، أليس كذلك؟

    هذا ما فعلته الصهيونية حين جلبن أوروپيين يهود إلى فلسطين، ثم زعمت أنهم أهل البلد الأصليين، واخترعت أساطير عن تهجير لهم، ثم استولت على السلطة، ثم اتّهمت الفلسطينيين العرب أنهم وافدون وعليهم الرحيل… وبهذا برّرت استيلاء الوافدين الأوروپيين على بيوت الفلسطينيين وأراضي الفلسطينيين وحتى تراثهم اللامادي!

    وهذا ما تكرّر فعله اليوم دعايات الأمازيغية والكردية والكمتية وغيرها من الهرطقات اللاعربية.

    صاحب الدعاية الأمازيغية يفترض أن الوافد الأوروپي وغرب الأفريقي هو من شعب واحد، دمج فيه البربر الحميريين والفنيقيين، وصنع خرافة أمة باسم الأمازيغية. ثم ادعى بوقاحة أن الوافدين اللاجئين هم أصحاب الأرض الأصليين، وأنّ العرب عليهم الرحيل! وكما الصهيونية تماماً، نسج الخرافات عن وفادة العرب بهجرة ما!

    صاحب الدعاية الكردية يفعل الفعلة ذاتها في العراق وسوريا وجنوب تركيا. مع أن الجزيرة الفراتية استقبلت الأكراد نازحين من إيران وآوتهم لاجئين، لا هم أصحاب أرض ولا حتى محلّيين! وطوال قرنين افتعلوا المجازر والتنكيل وأفعال العصابات، لتهجير أهل الأرض الأصليين والاستيلاء على ممتلكاتهم، واليوم يستولون على تاريخهم، تاريخنا.

    هؤلاء لسن أقلّيات محلّية، ولا شعوب أصلية، بل وافدون ضيوف، وعليهم احترام حقوق أصحاب الأرض، فالوافدون القلّة هم الأجانب.

  • نسر العرب

    نسر العرب

    على أهل فكرة اللاعربيّة الخجل والاستحياء عند التكلّم بذمّ في العرب لإنكار الحضارة العربية.

    النسر، الذي تتغنّى به أغلب الرموز السياسيّة اليوم، على أنّه تراث روماني أو إغريقي، هو في الواقع من التراث العربي… لم يعرف التاريخ بلداً عربياً قديماً لم يتّخذ من النسر رمزاً له، قبل الإغريق وقبل الرومان، ومن عصر المورو. حتّى أنّ المدن العربية كانت تضع رمز النسر على مداخلها بديلاً عن اسم الهُوِيَّة العربية.

    الصورة ملتقطة في البتراء في الأرْدُنّ سنة 1950 وهي اليوم من مقتنيات مكتبة الكونگرس الأميركي.
    الصورة ملتقطة في البتراء في الأرْدُنّ سنة 1950 وهي اليوم من مقتنيات مكتبة الكونگرس الأميركي.

    الصورة هنا من القرن الأوّل، نحت نبطي لنسر يحمل البرق تحت مخالبه، كان النسر رمز شائع مرتبط بالإله العربي الأعلى دُسارة أو دوشرع (ذو الشرى)، وتركت العرب الدواسر له منحوتات على نطاق واسع في مقابر الحجر في البتراء بصفة مصدر للحماية الإلهية ضدّ اللصوص وتجده في كلّ مكان إن جلت حوران أو الأرْدُنّ أو فلسطين أو السُّعُودية، وكذلك في العديد من المدن المهجورة في الجزيرة العربية.

    وذو الشرى هو ابن عشتار، استمرّت عبادته عند بعض العرب من العهد السومري حتّى العهد المسيحي، وبأسماء مختلفة. وفي آخر عهوده العربية عُرف عبدته باسم الدوسريّين، وكان منهم والد الإمبراطور الروماني فيليپ العرب. حتّى يكاد علم الآثار أن يقول أنّ الديانة المسيحيّة التي حاول فيليپ تحويل روما إليها هي في الواقع ديانة ذو الشرى نفسها.

    {ذو الشرى} 𐢇𐢎𐢕𐢏𐢄𐢇 هو اسمه المعيني اليماني، أمّا اسمه النبطي فكان {دوشرع} 𐢅𐢈𐢝𐢛𐢀، وفي بعض اللّهجات اليمانية كذلك {ذو سراة} و {دوسرات} ومنه اسم جبال السرات والسروات الممتدّة اليوم في المملكة السُّعُودية واليمن، وعلى أعلى قممها تتربّع مدينة المحجّ القديمة لذو الشرى: مدينة القليس؛ صنعاء.

    اسمه السومري هو {شره} 𒀭𒁈 (شرع، ساره) وهو ابن {إننّة} العذراء؛ التي عُرفت ومنذ العصر البابلي باسم عشتار، بتشكيلاته المختلفة. وكان شره هو القمح وهو الشعير وهو واهب الخير والحبوب، ومن جسده أكلت الناس خبزاً كافياً كلّ يوم (خبز الشعير) ومن دمه شربت الناس خمراً شافياً كلّ يوم (البيرة ولاحقاً نبيذ العنب).

    قدّست العرب النسر والطير منذ العهد الموري الأوّل، عهد المورو (الأمو، الأموريّين) الذين كانوا إذا مات منهم أحد، رفعوا جسده إلى أعلى قمم الجبال لتأكلها النسور، وظنّوا هكذا أنّ الخالق يستعيد الجسد المَيِّت فترفعه إليه النسور. وعليه عدّوا أن النسر المحلّق هو عين اللّه ترقب الناس من العُلا، فهو الرقيب من يخبر اللّه عن العصاة كي ينولوا العقاب. وهو العتيد من يحمل البرق كي يضرب به المفسدين في الأرض. وهو الرسول من يحمل شرع اللّه إلى أهل الأرض فتنتظم حياتهم.

    يعود استعمال النسر كرمز سياسي بين العرب إلى أكثر من خمس آلاف سنة، طالمَا أنّه كان بالأساس رمزاً دينياً وإلى زمن يعود عمقاً إلى ثماني آلاف سنة على الأقل.

    كامل التدوينة مع المراجع على مدوّنة البخاري من هنا

  • المحيط الهندي عربي قبل الإسلام

    المحيط الهندي عربي قبل الإسلام

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، فإليك حكاية عن عظمة البحريّة العربيّة في العصر الروماني. قبل الإسلام بسبع قرون.

    من نفائس المكتشفات الأثرية المهملة كتاب جغرافي مصري من منتصف القرن الأول، اسمه “رحماني البحر الإريتري” Periplus Maris Erythraei أي الطواف حول البحر الإريتري. ومنطقة البحر الإريتري في الثقافة الهلنستية كانت دائماً تشير إلى مجموع مناطق البحر الأحمر وخليج عدن مع ساحل القرن الأفريقي.

    الكتاب مجهول اسم المؤلّف، لكن من الواضح أنّ مؤلّفه كان جغرافيّاً رحل في البحار بأمر من ملك مصري پطولمي في العهد الروماني، مكلّفاً بتدوين فِهْرِس تجاري ملكي. واسم الكتاب بالإغريقية Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης، وقد خطّ الكتاب باللّغة الإغريقية الكوينية مخطوطاً بالحرف اللاتيني في منتصف القرن الأول. والكتاب يسجل مسارات إبحار ومعلومات تجارية وسياسية وتفاصيل عن السلالات الحاكمة للموانئ في فتره كتابته. وكان أُنجر في حِقْبَة لم ينتشر فيها بعد استعمال الخرائط في الثقافتين الهلنستية والرومانية، فأتى مزيجاً ما بين الأطلس وكتاب الرحّالة.
    الكتاب مجهول اسم المؤلّف، لكن من الواضح أنّ مؤلّفه كان جغرافيّاً رحل في البحار بأمر من ملك مصري پطولمي في العهد الروماني، مكلّفاً بتدوين فِهْرِس تجاري ملكي. واسم الكتاب بالإغريقية Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης، وقد خطّ الكتاب باللّغة الإغريقية الكوينية مخطوطاً بالحرف اللاتيني في منتصف القرن الأول. والكتاب يسجل مسارات إبحار ومعلومات تجارية وسياسية وتفاصيل عن السلالات الحاكمة للموانئ في فتره كتابته. وكان أُنجر في حِقْبَة لم ينتشر فيها بعد استعمال الخرائط في الثقافتين الهلنستية والرومانية، فأتى مزيجاً ما بين الأطلس وكتاب الرحّالة.

    من معلومات الكتاب المهمّة الحديث عن مملكتي حِمير وسبأ واتّساع نشاطهم التجاري، حيث يذكر المؤلّف أنّ مملكتي حمير وسبأ قد أعادوا تنظيم صفوفهم تحت سلطة حاكم واحد اسمه {كربال} بالسبئية 𐩫𐩧𐩨𐩱𐩡 وتعرفه المصادر الغربية باسم شربل أو شربَئيل. وقد يكون هو الملك السبئي {كرب-ئيل وتر الثاني}.

    يورد المؤلّف بالحرف الاقتباس التالي: “وبعد تسع أيّام أو أكثر نصل “سفر” Saphar، مدينة عاصمة، حيث يقيم شريب-ئيل، ملك شرعي على قبيلتين، الحميريّون وأولئك الذين يعيشون بجوارهم، يقال لهم السبئيّين، ومن خلال السفارات والهدايا المستمرّة هو صديق للأباطرة” ويقصد أباطرة روما.

    وبحسب مؤلّف الرحماني، عقد الملك كربال اتّفاقيات تعاون تجارية مع رومَا وانتشرت موانئه على سواحل اليمن وساحل القرن الأفريقي حتى ميناء “ربطه” قبالة جزيرة مدغشقر، كما كانت له مواني وعلاقات جيدة بمملكة “فُنَن” جَنُوب شرق آسيا. وهذه الأخيرة هي سبب وصول الأرز إلى أسواق العرب، قبل الإسلام بنحو ألف عام. وهي التي أعارت العرب تسميتها للأرز المسلوق أتَمَنّ. حيث {أتَ} تعني مسلوق، مطهو، و{مَنّ} تعني أرز.

    ما يعني ببساطه أن سفن مملكة حمير قد سيطرت فعلاً على خطوط النقل البحرية على عرض المحيط الهندي في العالم القديم، وحملت التجارة العالمية ما بين الصين والهند من جهة والامبراطورية الرومانية من جهة ثانية.

    يذكر الكتاب كذلك امتلاك الملك إليعازر ملك الأنباط ثلاث محطّات تجارية في حضرموت، مينائي ملاحة ومحطّة برّية هي مدينة “شبوة” المعاصرة، كما تنفّذ الحضارمة تحت سلطة الأنباط على سبع محطات تجاريه في الهند، خمس منها مواني على الساحل الهندي الغربي.

    أهمّ صادرات الرومان تَبَعاً للرحماني كان النبيذ من المناطق الإغريقية، والمعادن من سوريا والشام والملابس من مصر. بينما كانت أهمّ صادرات العرب هي النبيذ والزهور العطرية، أما صادرات القرن الأفريقي فكانت البهارات والعاج. وعلى الطرف المقابل كانت صادرات الصين أساساً الحرير، في حين تصدّر الهند البهارات والمعادن والملابس والأحجار الثمينة، أمّا فُنن فكانت تصدّر الأرز.

    مملكة “فُنَن” هي مملكة عاشت من 68 ق.م حتى 550 ميلادية، تمثل مساحتها اليوم منطقة موزعة على ڤييتنام وكمبوديا ولاوس وتايلاند وماليزيا وجزئ من ميانمار.

    تسمّى بالصينية بانان Bānān، وبالخميريّة فونون Phouṇn. كانت على علاقات تجارية ممتازة بالصين حيث تمرّر مراكزها التجارية أغلب التجارة الصينية مع رومَا واليمن.

    وأدّى امتزاجها بالثقافة الآرامية الوافدة من الشمال إلى ولادة شعب وثقافة ولغة الخمير.

  • العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة

    العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة

    العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة هي مصطلحات تُستخدم لوصف أنواع مختلفة من التحيّز والمواقف تجاه العرب والثقافة العربية. إليك تعريف كلّ منها:

     العربفوبيا Arabophobia 

    ومعناها الحرفي: اضطراب رُهاب العرب

    العربفوبيا هي مصطلح يُستخدم لوصف الخوف، والكراهيَة، أو التحيّز ضدّ العرب. يمكن أن يشمل هذا: الخوف أو الكراهيَة للّغة العربيّة، أو الثقافة العربيّة، أو الأديان السائدة في الدول العربيّة مثل الإسلام. العربفوبيا واحدة من أشكال ذُهان العنصريّة والتمييز الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء التفاهم، والإقصاء الاجتماعي، وأحيانا العنف ضدّ الأفراد العرب، سواء البدني أو اللّفظي.

    كثيراً ما تتطوّر أعراض العربفوبيا إلى الإسلامفوبيا، من باب أن العربي لا يقدر على إنتاج ديانة راقية.

     الشعوبيّة Shu’ubiyya

    الشعوبية كانت في الأصل حركة ثقافيّة وسياسيّة داخل الإسلام، دعت إلى القوميّة؛ أي رفض مفهوم الأمّة الإسلاميّة وتفضيل الهويّات الشعوبيّة على الهُوِيَّة الدينيّة. لكن، حين رأت هذه الحركة ارتباط الإسلام بسمات الهُوِيَّة العربيّة، تحوّلت إلى حركة لانتقاد العروبة نفسها وتفضيل العجم على العرب، وتشجيع الفصل بين الإسلام وسمات العروبة، وتحقير العرب.

     اللاعربيّة Anti-Arabism

    اللاعربيّة كما اللاساميّة هي موقف أو إيديولوجيّة تتضمّن التحيّز ضدّ العرب وثقافتهم وتاريخهم. هذا يشمل إنكار إنجازات الحضارة العربيّة وتقليل شأن دور العرب في التاريخ العالمي والمساهمات الثقافيّة. واللاعربيّة يمكن أن تتّخذ أشكالاً متعدّدة من التمييز، بما في ذلك التمييز العنصري والثقافي والديني ضدّ الأشخاص الذين ينتمون إلى الهويّة العربيّة أو يعبّرون عن الثقافة العربيّة.

    تتجلّى اللاعربيّة في العديد من السياقات، مثل الإعلام والسياسة والتعليم والممارسات الاجتماعيّة، حيث يُصوّر العرب بطريقة سلبيّة، وإنكار دورهم التاريخي والحالي في الحضارة الإنسانيّة.

    مقارنة مع العربفوبيا والشعوبية

    العربفوبيا تشير إلى الخوف غير المنطقي والكراهيّة أو التحيّز ضدّ العرب، وقد تتداخل مع اللاعربيّة ولكنّها تركّز أكثر على الخوف والنفور العاطفي.

    الشعوبيّة في الاستخدام الحديث، تشير إلى تفضيل الهويّات القوميّة الأخرى على حساب الهُوِيَّة العربيّة، سواء داخل المجتمعات العربيّة أو خارجها. وهي هكذا جزء من العربفوبيا.

    إنّ اللاعربية كإيديولوجية إنكاريّة تؤدّي إلى تشويه صورة العرب والتقليل من شأن مساهماتهم الثقافية والحضارية، ممّا يساهم في تغذية الصور النمطية السلبية والتمييز ضدّهم. وما يسق إليها هو اضطراب العربفوبيا.

  • حضارة أوسان

    حضارة أوسان

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ألم يسمعوا بحضارة أوسان؟

    حضارة أوسان (ملكه أوسه‌ن 𐩣𐩤𐩨𐩥𐩫𐩬𐩣 𐩱𐩠𐩣𐩲𐩵𐩷𐩣) في اليمن وشرق أفريقيا هي واحدة من أهمّ الحضارات العربية القديمة، وتركت إرثاً حضارياً غنيّاً يمتدّ إلى يومنا هذا. إذ ازدهرت حضارة أوسان في الحِقْبَة بين القرن ٨ ق.م والقرن الأول ميلادية. وكانت عاصمتها مدينة مسورة ثم هجر يهر، التي تقع في محافظة شبوة جَنُوب اليمن. وتميزت حضارة أوسان بمهاراتها المعمارية والزراعية المتطوّرة، حيث كانت تبني مدناً وحصوناً ضخمة، وتستخدم تقنيّات متقدّمة في الزراعة.

    كما سيطرت حضارة أوسان على طرق التجارة البحرية بين الهند واليمن وشرق أفريقيا، وكانت تؤدّي دوراً مهمّاً في التجارة بين هذه المناطق. وأسّست حضارة أوسان مستعمرات ومراكز تجارية على سواحل القرن الأفريقي، لذلك سُمّيت سواحل شرق أفريقيا في تلك الحِقْبَة بالساحل الأوساني نسبة إلى حضارة أوسان. حتّى أنّ بحر العرب كلّه حمل اسم بحر أوسان لمدّة ستّ قرون! وبعد تدمير السبئيّين لمملكة أوسان، نزح أغلب سكّانها وملوكها وتابعوا حياة أملاكهم في “الساحل الأوساني” شرق أفريقيا وفي الحبشة وغرب الهند، حيث استمرّت اللّغة الأوسانية وتطوّرت إلى لغات غيرها.

    تعدّ حضارة أوسان شاهداً آخر على عمق التاريخ الحضاري العربي وتفوّقه في مجالات متعدّدة. وما هي سلطنة كِلوة الإسلامية إلّا امتداد لحضارة أوسان وتراثها. إذ اشتهرت حضارة أوسان بمهاراتها المعمارية المتطورة، حيث كانت تبني مدناً وحصوناً ضخمة. وعُثر على العديد من الأبنية الأثرية التي تعود إلى حضارة أوسان، والتي تتميّز بتصميمها الفريد ودقّة بنائها. كذلك تميّزت حضارة أوسان بمهاراتها الزراعية المتطوّرة، حيث كانت تمارس الزراعة على نطاق واسع. واستخدمت حضارة أوسان تقنيّات متقدّمة في الزراعة، مثل الري والاستخدام المكثّف للأسمدة. كما لعبت حضارة أوسان دوراً مهمّاً في التجارة بين الهند واليمن وشرق أفريقيا وأوروپا. وأسّست مستعمرات عربية ومراكز تجارية على سواحل القرن الأفريقي، ممّا ساعد على ازدهار التجارة بين هذه المناطق.

    تركت حضارة أوسان إرثاً حضارياً غنيّاً يمتدّ إلى يومنا هذا. كما تركت حضارة أوسان آثاراً عميقة على مناطق سلطنة كلوة السابقة (كينيا وتنزانيا وموزامبيق ومدغشقر)، وذلك لعدّة أسباب، منها القرب الجغرافي، والتواصل التجاري، والهجرة. كذلك هاجر العديد من العرب من حضارة أوسان إلى شرق أفريقيا، بما في ذلك، المنطقة التي صارت لاحقاً سلطنة كِلوة، ثم منطقة اللّغة السواحلية.

    الخريطة للمناطق التي ثبتت تبعيّتها لحضارة أوسان، سواء على المستوى السياسي أو التجاري، ونرى أنّها سيطرت على مناطق حساسة من المضائق البحرية، من تركيا وقبرص حتى سيناء والقلزم، بالإضافة إلى مداخل الخليج العربي. كامل الساحل الشرقي لأفريقيا ومعظم الساحل الغربي للهند. وقسم كبير من الحبشة (إرتريا وإثيوپيا).

    للمزيد اقرأ تدوينتي {سلطنة كِلوة} على مدونة البخاري من هنا

  • العربفوبيا واللاعربية في إيران وانعكاساتها على الأقلية العربية

    العربفوبيا واللاعربية في إيران وانعكاساتها على الأقلية العربية

    ترتبط القوميّة الفارسية ارتباطاً وثيقاً بحركات العربفوبيا والاعربية. فالقوميّة الفارسية هي حركة سياسية وثقافية ظهرت مع الأسرة الپهلوية عقب الحرب العالمية الأولى، وتسعى إلى تعزيز الهُوِيَّة الفارسية والثقافة الفارسية. وغالباً ما ترتبط هذه الحركة بمشاعر العداء تجاه العرب، ممّا يؤدّي إلى ظهور حركات العربفوبيا والاعربية في إيران وبين الموالين لها.

    لتعزيز مشاعر العداء هذه، يدّعي منظّرو القومية الفارسية خرافات عن تاريخ طويل من صراع مُفترض بين الفُرس والعرب، وهي ذاتها رواية الشعوبيّة. وتروي هذه الخرافة أسطورة تقول: أنّ العرب ومنذ القرن السابع الميلادي، حكموا بلاد فارس مدة خمس قرون. وترك هذا الحكم تأثيراً عميقاً على الثقافة الفارسية، ممّا أدّى إلى ظهور مشاعر العداء تجاه العرب لدى بعض الفرس. وهكذا تدّعي خرافة القوميّين الفرس أنّ ثقافتهم مهدّدة من قبل الثقافة العربية.

    ومن حركات العربفوبيا والاعربية في إيران الملكية والجمهورية:

    – جمعية “فرهنگ” (الثقافة) السرية التي تأسّست عام ١٨٩٠، والتي كانت أوّل منظّمة تدعو إلى القومية الفارسية. وأدّت هذه الأفكار إلى ظهور مشاعر العداء تجاه العرب لدى أعضاء الجمعية، الذين كانوا يعتقدون أنّ الثقافة العربية تهديد للهوية الفارسية. إذ زعم بعض أعضاء الجمعية أنّ العرب هم “غزاة” لبلاد فارس، وأنّهم حاولوا القضاء على الثقافة الفارسية. فدعا أعضاء الجمعية إلى طرد العرب من بلاد فارس. وهاجموا الإسلام، الذي يُرى أنّه دين عربي.

    شكّل العرب آنذاك نسبة حوالي ٢٥٪ من سكّان إيران (باستثناء الأحواز التي لم تكن جزء من إيران قبل ١٩٢٥ والعرب كانوا ٨٠٪ من أهلها)

    – حركة الفدائيّين الماركسيّين-اللينينيّين (فدائيان خلق)، التي تأسّست في عام ١٩٦٥. و كانت هذه الحركة متطرّفة في موقفها من العرب، حيث كانت تدعو إلى طرد جميع العرب من إيران.

    – حركة جبهة التحرير الوطني للإيرانيّين (فليت)، التي تأسست في عام ١٩٧٩. و كانت هذه الحركة أيضاً متطرّفة في موقفها من العرب، حيث كانت تدعو إلى إنشاء دولة فارسية قومية خالية من العرب.

    – حركة المقاومة الوطنية الإيرانية (مجاهدين خلق)، التي تأسّست في عام ١٩٦٥. و كانت هذه الحركة أقل تطرفاً من الحركات السابقة، لكنّها كانت أيضاً تدعو إلى تعزيز الهُوِيَّة الفارسية والثقافة الفارسية، ممّا أدّى إلى ظهور بعض المشاعر العدائية تجاه العرب.

    وأخيراً، فإنّ ظهور حركات القوميّة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين أدّى دوراً في ظهور حركات العربفوبيا وأفكار الاعربية في إيران. فأدّت هذه الحركات إلى تصاعد الشعور العربي القومي في المنطقة، ممّا أثار مخاوف بعض الفرس من أن تصبح بلاد فارس جزء من العالم العربي.

    ولم تزل حركات العربفوبيا والاعربية في إيران مصدر للقلق بالنسبة للعديد من العرب. إذ وبالرغم من ضمّ الأحواز العربية إلى إيران، غير أنّ مجموع العرب لا يشكّل أكثر من ١٠٪ من سكّان جمهورية إيران الإسلامية المعاصرة، انخفاض كبير عمّ كانت عليه قبل مئة عام.

    لحركات العربفوبيا واللاعربية في إيران تأثير كبير على انخفاض أعداد العرب من سكّان الجمهورية الإيرانية المعاصرة. فهذه الحركات تروّج لأفكار عنصرية وتمييزية ضدّ العرب، ممّا يخلق جوّاً من الكراهيَة والعداء تجاههم. وهذا الجو من الكراهيَة والعداء يؤدي إلى هجرة العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية.

    إذ تروّج حركات العربفوبيا واللاعربية في إيران لخرافة أنّ العرب هم “غزاة” أو “خطر” على الثقافة الفارسية. وهذا يؤدّي إلى خلق جو من الكراهيَة والعداء تجاه العرب، ممّا يدفع بعض العرب إلى الهجرة من إيران بحثاً عن بيئة أكثر أماناً.

    وتحاول حركات العربفوبيا واللاعربية في إيران فرض الثقافة الفارسية على العرب، ممّا يدفع بعض العرب إلى الاندماج في الثقافة الفارسية. وهذا الاندماج يؤدّي إلى فقدان العرب لهويّتهم العربية، ممّا يساهم في انخفاض عددهم في إيران.

    في عام ١٩٧٩، اندلعت انتفاضة في منطقة الأحواز العربية، حيث طالب العرب بحقّهم في تقرير المصير. وقامت الحكومة الإيرانية بقمع هذه الانتفاضة بقسوة، ممّا أدى إلى هجرة العديد من العرب من الأحواز.

    في عام ١٩٨٠، اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، حيث دعمت الحكومة الإيرانية الفصائل العربية والكردية التي كانت تقاتل ضدّ الحكومة العراقية. وقامت هذه الفصائل بارتكاب جرائم ضدّ المدنيين العرب، ممّا أدّى إلى هجرة العديد من العرب من إيران.

    في السنوات الأخيرة، تعرضت الأقلية العربية في إيران لحملة من القمع من قبل الحكومة الإيرانية. وأدّت هذه الحملة إلى هجرة العديد من العرب من إيران.

    انتهجت الحكومة الإيرانية سياسات تمييزية ضدّ العرب، مما أدّى إلى هجرة بعض العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية. ففي القرن التاسع عشر، فرضت الحكومة الإيرانية قيوداً على حرية العرب في التعليم والعمل والسفر. وفي القرن العشرين، استمرّت الحكومة الإيرانية في التمييز ضدّ العرب، مما أدّى إلى هجرة بعض العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية.

    هناك عدة أسباب لانخفاض نسبة العرب من سكّان الجمهورية الإيرانية المعاصرة خلال مئة عام، إذ هاجرت أعداد كبيرة من العرب من إيران إلى دول عربية أخرى، وذلك بحثاً عن فرص عمل أفضل أو هربًا من القمع السياسي. وانتهجت الحكومة الإيرانية سياسات تمييزية ضدّ العرب، مما أدّى إلى هجرة بعض العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية.

    عموماً، يمكن القول أنّ حركات العربفوبيا واللاعربية في إيران تشكّل تهديداً شديد الْخَطَر على الأقلّية العربية في إيران.

  • لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    أمسِ تحدّتني واحدة من العربفوبيّات لأستجمع شجاعتي وأجيبها عن سؤال غريب. ومع أنّني استغرب عَلاقة الموضوع بالشجاعة، غير أنّني أحبّ تقديم إجابة. 

    كان سؤالها “ليش الحضارة الإسلامية صارت في دول الروم والفرس وما صارت في السُّعُودية وقطر والإمارات؟” وبصراحة، لم أفهم في سؤالها ماذا تقصد بدول الروم والفرس. فأهمّ مراكز الحضارة الإسلامية في عصر الإسلام الذهبي لم تكن في دول للروم أو للفرس، إنّما كانت (على ترتيب النشاط): بغداد، دمشق، القاهرة، الرقّة، قرطبة، بخارى، سمرقند، الري، مكّة المكرّمة، المدينة المنوّرة، بيت المقدس، فاس، الرباط، مُرسيّة، تونس، طرابلس (الغرب)، المُكلّا، الغيضة، عتق، شبوة، عدن، زبيد، تعز، صنعاء… والمملكة الرسوليّة بالعموم كانت دولة علماء، أطبّاء وفلكيّين، حكموا المملكة ملوكاً وعلماء، وهذه ليست للفرس ولا للروم.

    من جهة ثانية، لم أفهم تماماً سبب تحديدها “السُّعُودية وقطر والإمارات” في سؤالها. لربّما جهلها بالتاريخ يدفعها للظنّ ألّا بلاد لغير “الروم والفرس” في هذا العالم سوى هذه البلدان الثلاث. وهذا طبيعي حين تكون من بنات العربفوبيا. مع ذلك، هذه إجابة على سؤالها، دون زيادة، عسى أن ترضيها وترضي جمع العربفوبيّين واللاعربيّين كذلك.

    وأحبّ أن أذكر هنا، أنّ إقناع العربفوبيّين واللاعربيّين لا يهمّني فعلاً، فهؤلاء عقدوا العزم على كراهة العرب ومعاداة العرب وجعلوا ديدنهم نكران الحضارة العربية ونفي عروبة شعوب العرب، لمحو التاريخ العربي تمهيداً لمحو الهُوِيَّة العربية بالمطلق من هذا العالم. وهذا ما يهمّني فعلاً، يهمّني أن يحافظ أبناءنا وبناتنا في نفوسهم على هويّة عربية صحيحة وسليمة من خرافات وسموم العربفوبيّين واللاعربيّين هؤلاء.

    عربفوبي
    عربفوبي

    للأسف، التوثيق التاريخي للإنجازات العلمية في المناطق التي تشمل اليوم السُّعُودية وقطر والإمارات محدود بالمقارنة مع بعض المراكز العلمية الأخرى في العالم الإسلامي مثل بغداد، القاهرة، تعز، وقرطبة خلال العصور الذهبية. ببساطة، لأنّها لم تكن مراكز قيادات سياسية على صعيد دُوَليّ. ومع ذلك، سأحاول تقديم معلومات أكثر تحديداً حول المنجزات العلمية في هذه المناطق:

    لنبدأ مع السُّعُودية: مع أنّ معظم الإنجازات العلمية التي نسبت إلى الحضارة الإسلامية لم تكن منسوبة مباشرة إلى منطقة قلب الجزيرة العربية، إلا أن هناك بعض الجوانب التي يمكن الإشارة إليها في علم الفلك والتقويم، ففي السُّعُودية الحالية، ولا سيما في مكّة والمدينة، كان هناك اهتمام بتحديد الأوقات الدقيقة للصلاة ومواقع النجوم والأهلة، الأمر الذي كان له بالغ الأهمية في تحديد الأشهر الهجرية ومواسم الحج. لهذا نشأت أكاديميّات فلكية ذات مراصد مهمّة، درست الفلك وأخرجت فلكيّين مهمّين، كانت لهم الكلمة العلمية في عموم العالم الإسلامية.

    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى

    منطقة قطر كان لها تاريخ طويل في الملاحة البحرية، فتطوير تقنيات الملاحة البحرية وأساليب صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ. كان القطريّون يعتمدون على المعرفة العميقة بالتيارات البحرية والنجوم للإبحار والعودة إلى سواحلهم. ويعتمد العالم على خبرائهم لتطوير هذه العلوم. بالإضافة إلى صناعة السفن، إذ أنّ تطوير تقنيات بناء السفن الخشبية التي كانت تستخدم في الإبحار والتجارة، وهذا يشمل معرفة بالهندسة البحرية وتصميم السفن. وكانت في قطر والإمارات أكاديميّات مهمّة للهندسة البحرية بقيت حتى عهد استيلاء بريطانيا على الخليج العربية في القرن ١٩. وفي القرون الوسطى كانت الساحل الغربي للخليج العربية هو المصدر الأوّل للسفن في كل بلاد العالم.

    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى

    الإمارات، وخاصّة منطقة العين، كانت معروفة بنظام الري التقليدي: نظام الأفلاج: وهو نظام معقّد لتوزيع المياه يتألّف من قنوات تحت الأرض تنقل المياه من الآبار إلى المناطق الزراعية. هذا النظام يظهر معرفة متقدمة بالهيدرولوجيا وإدارة الموارد المائية. فضلاً على ذلك، يجدر الذكر أنّ البيئة الصحراوية والساحلية في الإمارات طورت معرفة خاصة في العديد من المجالات، مثل المعمار والبناء كتطوير تقنيات البناء المناسبة للظروف الصحراوية، مثل تقنيات التبريد الطبيعي واستخدام مواد البناء المحلية. وفي الزراعة والرعي كان تطوير أساليب زراعية معينة للتكيف مع البيئة القاحلة، مثل استخدام نظم الري المحورية وأساليب الزراعة الموسمية.

    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى

    من الجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة، تمّ الاهتمام بشكل متزايد في تلك المناطق بالحفاظ على التراث وتوثيق الإنجازات التاريخية. وقد شمل هذا إعادة بناء وصيانة الأفلاج والآثار التاريخية الأخرى، وكذلك دراسة التقاليد البحرية والصحراوية والأساليب التقليدية في الملاحة والزراعة والبناء.

    مع الرغم من أن هذه المناطق لم تكن مراكز علمية بارزة في العصور الوسطى بالمقارنة مع بعض المناطق الأخرى في العالم الإسلامي، إلا أنها كانت لها إسهامات مهمّة في مجالات مثل الملاحة البحرية وإدارة الموارد المائية والزراعة والبناء، والتي كانت تظهر التكيف مع البيئة المحلية والمعرفة العملية المتوارثة.

    بكلّ حال، يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج غرب الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أنّ بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب
    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.