الوسم: حضارة

  • اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ولغتهم العربية ما كان لهم فضل على الحضارة الإنسانية منذ فجر الإسلام… فلنحك نقطة في بحر فضل اللّغة العربية على العالم.

    منذ فجر التاريخ وعبر آلاف السنين، اتّخذت العربية مكانةً مرموقةً بين لغات العالم، تاركةً بصمةً حضاريةً خالدةً عبر مسار الزمن. ومن ذلك حملها لنواة الأديان الأكثر انتشاراً في عالم اليوم. فمَا هي الثمار التي جنتها البشرية من رحلةٍ استمرّت 1400 سنة الأخيرة مع لغة الظاء؟

    تُعدّ اللّغة العربية حاملةً راية حضارةٍ عريقةٍ، غنيّةٍ بالعلوم والآداب والفلسفة. تابعها العصر الإسلامي الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث شهدت ازدهارًا في مختلف المجالات العلمية والفكرية. إليك بعض العلوم التي نشأت وتطورت باستخدام اللّغة العربية:

    أسهم الأطباء والعلماء بتطوّر كبير في الطبّ باللّغة العربية، بواسطة تأليف الكتب والموسوعات التي تعالج مختلف الأمراض وطرق العلاج. وبالعربية كُتب “القانون في الطبّ” و”الحاوي في الطبّ”، والذين كانا مرجعًا طبيًا لقرون في الشرق والغرب. وبقيت العربية لغة تدريس الطب في أوروپا مثلاً لأكثر من خمس قرون.

    وبالعربية انفصلت الكيمياء كعلم عن الخيمياء مع العلماء العرب مثل جابر بن حيان، الذي يعدّ “أبو الكيمياء”. وأدخل العلماء العرب مفاهيم مثل التقطير والتبلور والتصعيد.

    بالعربية نما علم الصيدلة كعلم منفصل عن الطب، حيث قام العلماء بتصنيف الأدوية وتحضير الوصفات الصيدلانية ووضع معايير للجودة. الزهراوي، الذي ألف كتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف”، يعدّ من الروّاد في هذا المجال، وقد أسهم كتابه في تطور الجراحة والصيدلة. فهو أبو الصيدلية.

    بالعربية ازدهر علم الفلك في العالم، حيث قام العلماء ببناء المراصد وتطوير الأدوات الفلكية مثل الأسطرلاب. كانوا يدرسون حركة الكواكب والنجوم وألّفوا الزيجات الفلكية التي تحتوي على جداول معقّدة لحركات الأجرام السماوية. البتّاني مثلاً هو أبو علم الفلك المعاصر.

    في الرياضيات. نجد البغدادي الخوارزمي، الذي يُعدّ أحد أعظم الرياضيّين، أسهم في تأسيس الجبر والخوارزميّات، وأدخل نظام الأرقام العربية، الذي يعتمد على النظام العددي وأصبح أساس النظام العددي المستخدم اليوم في كل أرجاء العالم.

    بالعربية ألّف الجزري كتابه “كتاب في معرفة الحيل الهندسية” والذي ضمّ تصاميم لأجهزة ميكانيكية متطورة مثل الساعات المائية. وكان له فضل اختراع المحرّك المعاصر وعلبة المحرّكات (التروس) والبسطون (المكبس).

    بالعربية تأسّس علم البصريّات وعلم المناظير. ابن الهيثم البصري، مؤلف “كتاب البصريات” و”كتاب المناظر”، قدم نظريات هامة حول كيفية عمل العين وكيف يتم تشكيل الرؤية. واخترع القُمرة (الكميرا).

    ابن العوام وأبو زكريا القسطلاني كتبوا كتبًا هامة في الزراعة، تضمّنت وصفًا لطرق الزراعة، وتحسين التربة، وتقنيات الري، وتصنيف النباتات. كتاب ابن العوام “الفلاحة الأندلسية” يعتبر مرجعًا مهمًّا في هذا العلم، ويقوم عليه علم الزراعة الحديث.

    الفارابي وابن مسكويه من الفلاسفة الذين بحثوا في الأخلاق والقانون، مقدّمين أفكارًا حول العدالة والحكم الرشيد والسلوك الأخلاقي. وعلومهم التي قدّموها باللّغة العربية صارت أساساً لفلسفة الأخلاق في علوم غرب أوروپا الحديثة.

    هذه العلوم تطورت في بيئة ثقافية غنية ومتفاعلة، حيث كانت اللّغة العربية هي وسيلة تدوين المعرفة ونقلها. ولعلّ أهمّ ما يميّز هذه الفترة هو ابتكار نظام التعليم النظامي لتدريس اللّغة العربية والفقه، ولم يزل هذا النظام قائماً مستخدماً في أنحاء العالم المختلفة إلى اليوم.

    اليوم تُعدّ اللّغة العربية لغةً رسميةً لأكثر من 25 دولة، ومعترف بها كلغة أقلّية في أكثر من 40 دولة غيرها، منها الولايات المتحدة الأميركية. ويتحدّثها أكثر من نصف مليار شخص حول العالم.  وتؤدّي دورًا هامًا في التواصل بين الشعوب العربية، ونشر المعرفة والثقافة. كما تُعدّ لغةً دينيةً للقرآن الكريم، ما يمنحها مكانةً مقدسةً لدى المسلمين.

    السؤال الأهم، هو طوال 1400 سنة، ماذا قدّم كارهوا اللّغة العربية اللاعربيّين منكري الحضارة العربية؟

    مراجع

    1. الرصافي، مصطفى صادق. “من تاريخ الحضارة العربية.”
    2. حسين، محمد كامل. “تاريخ الفكر الإسلامي.”
    3. رصا، رجاء نعمة. “اللغة العربية وآدابها في العصر الإسلامي.”
    4. السيد، رشدي. “فجر العلم في الحضارة الإسلامية.”
    5. رضا، محمد عبد الحليم. “العلوم عند العرب.”
    6. الخوارزمي، محمد بن موسى. “الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة.”
    7. ابن النديم، محمد بن إسحاق. “الفهرست.”
    8. ابن سينا. “القانون في الطب.”
    9. جابر بن حيان. “كتاب الكيمياء.”
    10. البتاني، عبد الرحمن بن عمر. “الزيج الصابي.”
    11. ابن الهيثم، حسن بن الهيثم. “كتاب المناظر.”
    12. الجزري، بديع الزمان أبو العز. “كتاب في معرفة الحيل الهندسية.”
    13. ابن العوام، أبو زكريا يحيى. “كتاب الفلاحة الأندلسية.”
    14. ابن رشد، أبو الوليد. “تهافت التهافت.”
    15. الفارابي، أبو نصر. “آراء أهل المدينة الفاضلة.”
    16. ابن مسكويه، أحمد بن محمد. “تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق.”
  • انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب

    انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب

    انظر معي حضارة “اليونان” العظيمة! وكيف نشأت في بلاد العرب وجادلني بعدها في أنّ جمهورية اليونان المعاصرة ليست من لصوص التراث.

    هذه قائمة بأعمدة الحضارة اليونانية القديمة (الإغريقية)، وانتبه أين درسوا واشتغلوا في حياتهم.

    الفلاسفة

    أبيقور (إپِقُرُس) Ἐπίκουρος: مؤسّس المدرسة الإبيكورية للفلسفة. وُلد في العام 341 قبل الميلاد في جزيرة ساموس في اليونان. نشأ في أثينا وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الفلسفة في مدينة الحلّة (بابل) في العراق ومدينة أنطاكيَة في تركيا حيث أقام واشتغل.

    ثالس (طاليس) Θαλῆς وُلد في العام 624 قبل الميلاد في مدينة ديديم Didim (ميليتوس Μίλητος) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن الماء هو أصل الكون.

    أناكسيمينس Ἀναξιμένης وُلد في العام 585 قبل الميلاد في مدينة ديديم Didim (ميليتوس Μίλητος) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطور نظرية أن الهواء هو أصل الكون.

    أنكساغوراس Ἀναξαγόρας وُلد في العام 585 قبل الميلاد في مدينة أورلا Urla (كلازوميناي Κλαζομεναί) في تركيا. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن النار هي أصل الكون. ثم اشتغل في مدينة أثينا.

    أفلوطين (أفلاطون) Πλάτων وُلد في العام 427 قبل الميلاد في مدينة أثينا في اليونان. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، وطوّر نظرية أن المثل هي أصل الكون. ثمّ اشتغل في مدينة بابل.

    أرسطاطاليس (أرسطو) Ἀριστοτέλης وُلد في العام 384 قبل الميلاد في مدينة ستاگيرا Στάγειρα في شبه جزيرة خلقيدية المقدونية. درس في معبد الإلهة نيت في مدينة صا الحجر في محافظة الغربية المصرية (سايس Ⲥⲁⲓⲥ)، ودرس في أكاديمية أفلوطين في بابل وأصبح تلميذًا لأفلاطون. وطور نظرية أن المادة والصورة هما أصل الكون. وفي حِقْبَة الإمبراطورية الأخمينيّة، سافر إلى العراق وسوريا حيث درس الطبّ والعلوم الطبيعية في مدينة أربيل في العراق ومدينة دمشق في سوريَا. اشتغل في مدينة أثينا.

    زينون القيطي Ζήνων ὁ Κιτιεύς وُلد في العام 334 قبل الميلاد في مدينة لارنكا (قيطعيون) في قبرص. وهو مؤسّس المدرسة الستوية للفلسفة الستوية. درس في أثينا وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الفلسفة في مدينة بابل في العراق ومدينة أنطاكيَة في تركيا، حيث اشتغل.

    فيثاغورث أو فيثاغورس Πυθαγόρας وُلد حوالي عام 570 قبل الميلاد في جزيرة ساموس Σάμος اليونانية. درس في العديد من الأماكن، إذ سافر إلى مصر وبلاد النهرين حيث تعلّم في معابد الكهنة المصريين وتلقى علوم البابليين. وبعد سنوات طويلة من الدراسة والسفر، عاد إلى ساموس ومن ثم استقر في كروتونا Crotone في جَنُوب إيطاليا حيث أسّس مدرسته الفلسفية والدينية التي أصبحت معروفة بالمدرسة الفيثاغورية. مدرسة فيثاغورس أسست نظاماً معقّداً من الإيمان والمعتقدات والعبادات الذي كان له تأثير كبير على الفلسفة اليونانية وأفكار العديد من الفلاسفة اللاحقين.

    العلماء و الأطبّاء

    أوقليدس (إقليدس) Εὐκλείδης وُلد في العام 325 قبل الميلاد في مدينة الإسكندرية في مصر. وهو عالم رياضيات. درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظريّة الهندسة الإقليدية.

    بَطليموس Κλαύδιος Πτολεμαῖος وُلد في العام 100 في ريف مدينة الإسكندرية في مصر. وهو عالم رياضيات وفلكي. درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية النظام الشمسي البطلمي.

    بُقْراط Ἱπποκράτης وُلد في العام 460 قبل الميلاد في جزيرة كوس Κῶς في اليونان. يُعتبر أبو الطب الحديث وأحد أعظم الأطباء في التاريخ. درس في مدينة الخرطوم بحري (نَپَتَا) السودانية وسافر إلى العراق وسوريا حيث درس الطب في مدينة بابل في العراق ومدينة حلب في سوريا. وطوّر نظرية الطبّ الأبقراطية. اشتغل في مدينة نَپَتَا.

    ديُسقوريدس Διοσκουρίδης وُلد في العام 40 في مدينة أناڤارزا Anavarza (أنازاربوس Ἀνάζαρβος) في كيليكيا جَنُوب تركيا. نشأ في مدينة أنطاكيَة ثمّ درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية الطب البيطري. عاد واشتغل في مدينة أنطاكيَة.

    جالين (جالينوس) Γαληνός وُلد في العام 130 في مدينة بيرگاما Bergama في تركيا (پيرگامون Πέργαμος). وهو طبيب درس في مكتبة الإسكندرية، وطوّر نظرية الطبّ الهليني. اشتغل في مدينة روما.

  • حضارة أوسان

    حضارة أوسان

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ألم يسمعوا بحضارة أوسان؟

    حضارة أوسان (ملكه أوسه‌ن 𐩣𐩤𐩨𐩥𐩫𐩬𐩣 𐩱𐩠𐩣𐩲𐩵𐩷𐩣) في اليمن وشرق أفريقيا هي واحدة من أهمّ الحضارات العربية القديمة، وتركت إرثاً حضارياً غنيّاً يمتدّ إلى يومنا هذا. إذ ازدهرت حضارة أوسان في الحِقْبَة بين القرن ٨ ق.م والقرن الأول ميلادية. وكانت عاصمتها مدينة مسورة ثم هجر يهر، التي تقع في محافظة شبوة جَنُوب اليمن. وتميزت حضارة أوسان بمهاراتها المعمارية والزراعية المتطوّرة، حيث كانت تبني مدناً وحصوناً ضخمة، وتستخدم تقنيّات متقدّمة في الزراعة.

    كما سيطرت حضارة أوسان على طرق التجارة البحرية بين الهند واليمن وشرق أفريقيا، وكانت تؤدّي دوراً مهمّاً في التجارة بين هذه المناطق. وأسّست حضارة أوسان مستعمرات ومراكز تجارية على سواحل القرن الأفريقي، لذلك سُمّيت سواحل شرق أفريقيا في تلك الحِقْبَة بالساحل الأوساني نسبة إلى حضارة أوسان. حتّى أنّ بحر العرب كلّه حمل اسم بحر أوسان لمدّة ستّ قرون! وبعد تدمير السبئيّين لمملكة أوسان، نزح أغلب سكّانها وملوكها وتابعوا حياة أملاكهم في “الساحل الأوساني” شرق أفريقيا وفي الحبشة وغرب الهند، حيث استمرّت اللّغة الأوسانية وتطوّرت إلى لغات غيرها.

    تعدّ حضارة أوسان شاهداً آخر على عمق التاريخ الحضاري العربي وتفوّقه في مجالات متعدّدة. وما هي سلطنة كِلوة الإسلامية إلّا امتداد لحضارة أوسان وتراثها. إذ اشتهرت حضارة أوسان بمهاراتها المعمارية المتطورة، حيث كانت تبني مدناً وحصوناً ضخمة. وعُثر على العديد من الأبنية الأثرية التي تعود إلى حضارة أوسان، والتي تتميّز بتصميمها الفريد ودقّة بنائها. كذلك تميّزت حضارة أوسان بمهاراتها الزراعية المتطوّرة، حيث كانت تمارس الزراعة على نطاق واسع. واستخدمت حضارة أوسان تقنيّات متقدّمة في الزراعة، مثل الري والاستخدام المكثّف للأسمدة. كما لعبت حضارة أوسان دوراً مهمّاً في التجارة بين الهند واليمن وشرق أفريقيا وأوروپا. وأسّست مستعمرات عربية ومراكز تجارية على سواحل القرن الأفريقي، ممّا ساعد على ازدهار التجارة بين هذه المناطق.

    تركت حضارة أوسان إرثاً حضارياً غنيّاً يمتدّ إلى يومنا هذا. كما تركت حضارة أوسان آثاراً عميقة على مناطق سلطنة كلوة السابقة (كينيا وتنزانيا وموزامبيق ومدغشقر)، وذلك لعدّة أسباب، منها القرب الجغرافي، والتواصل التجاري، والهجرة. كذلك هاجر العديد من العرب من حضارة أوسان إلى شرق أفريقيا، بما في ذلك، المنطقة التي صارت لاحقاً سلطنة كِلوة، ثم منطقة اللّغة السواحلية.

    الخريطة للمناطق التي ثبتت تبعيّتها لحضارة أوسان، سواء على المستوى السياسي أو التجاري، ونرى أنّها سيطرت على مناطق حساسة من المضائق البحرية، من تركيا وقبرص حتى سيناء والقلزم، بالإضافة إلى مداخل الخليج العربي. كامل الساحل الشرقي لأفريقيا ومعظم الساحل الغربي للهند. وقسم كبير من الحبشة (إرتريا وإثيوپيا).

    للمزيد اقرأ تدوينتي {سلطنة كِلوة} على مدونة البخاري من هنا

  • خيمة البدوي أم قصر الملك: هل العمارة هي المقياس الحقيقي للحضارة؟

    خيمة البدوي أم قصر الملك: هل العمارة هي المقياس الحقيقي للحضارة؟

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، محتجّين بأنّ شبه جزيرة العرب تخلو من آثار عمرانية تسبق حِقْبَة الحكم الروماني لبعض بلاد العرب، ويقولون أنّ شعباً بجمل وخيمة لا ينتج حضارة! ومع أنّني أرفض هذا البيان بالمطلق، لكثرة الآثار العمرانية القديمة في جزيرة العرب. لكن، أحبّ اليوم أن أناقش هذه الفكرة الغبيّة التي تربط “الحضارة” بـ”العمارة”. وتسعدني مساهمتك في هذا النقاش في التعليقات.

    العمارة والآثار هما من أبرز العناصر التي تُظهر تاريخ وحضارة المجتمعات المختلفة عبر العصور، ويمكن للنقاش حول ما إذا كانتا تمثّلان مظهراً من مظاهر التقدّم الحضاري أن يتّخذ أبعاداً متعدّدة، تشمل الجوانب الفنية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية.

    في وجهة النظر الأولى: العمارة كمؤشر على التقدم الحضاري. يرى أنصار هذا الرأي أنّ العمارة تعبّر عن:

    • الابتكار والإبداع: حيث تُظهر الأساليب المعمارية القدرة الإبداعية للمجتمعات في توظيف الموارد المتاحة وتسخيرها لخدمة احتياجاتها.
    • التطوّر التقني: إذ يتطلّب بناء الهياكل الضخمة والمعقّدة تطوير تقنيّات ومواد بناء جديدة، ممّا يدل على مستوى معيّن من التقدّم التكنولوجي.
    • الازدهار الاقتصادي: فإنشاء المباني الضخمة والفخمة يستلزم موارد مالية هائلة، مما يُظهر الاستقرار الاقتصادي.
    • التنظيم الاجتماعي: إذ تدلّ القدرة على إدارة وتنفيذ مشروعات عمرانية كبرى على مستوى معيّن من التطوّر الإداري والحكومي.

    في وجهة النظر الثانية: العمارة ليست المؤشّر الوحيد للتقدّم. يرى أصحاب هذا الرأي علامات التقدّم الحضاري في:

    • التقدّم الفكري والثقافي: قد يرتبط التقدّم الحضاري بدرجة أكبر بالفلسفة والآداب والعلوم والفنون. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.
    • التطوّر الأخلاقي والقانوني: حيث إنّ القوانين والأعراف الأخلاقية المتقدّمة قد تُظهر تطوراً حضارياً أكثر من المنشآت. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.
    • الاستدامة البيئية: فالحضارات التي تعايشت مع البيئة بشكل مستدام قد تعدّ أكثر تقدّماً من تلك التي خلّفت آثاراً عمرانية أضرّت بالبيئة. وهذه يتفوّق فيها رحّال في خيمة.
    • التقدّم الاجتماعي: حيث يمكن قياس التقدّم الحضاري بواسطة مدى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والحريّات. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.

    بالخلاصة:

    تُعدّ العمارة والآثار عناصر بالغة الأهمّية لفهم التاريخ البشري وتطوّر الحضارات، إلّا أنّها مجرّد جانب واحد من جوانب عدّة؛ تشكّل معادلة التقدّم الحضاري. فهذا التقدّم مفهوم شامل ومتعدّد الأبعاد، يمكن قياسه بمعايير مختلفة، منها التقنيّة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والفكر والأخلاق. فالكثير من “حضارات” اليوم تستورد قدرات غيرها لإنشاء العمارات العملاقة والمشاريع العمرانية الضخمة، غير أنّها ليست فعلاً من منجزاتها، ولو أنّها باقية آثار في أرضها… كما فعلت روما قديماً حين استوردت معمارياً عربياً من دمشق لإعادة تصميم المدينة، ولم تزل تفخر إلى اليوم بأحد أعظم منجزاته؛ الپانَثيون.

    وعلى هذا، العمارة كمؤشّر على التقدّم قد تكون مظهراً مهمّاً، غير أنّها ليست كافية بمفردها، وينبغي النظر إلى التقدم الحضاري كمفهوم متعدّد الأوجه. فالمجتمعات التي تحقّق التوازن بين الجوانب المادية والمعنوية، مع احترام البيئة وترسيخ العدالة، هي الأكثر تقدّماً بمعنى شامل. ويكمن التحدّي إذاً في تحقيق هذا التقدّم المستدام في كافة أبعاد الحضارة الإنسانية.

    شخصياً، لا أعتقد أنّ العمارة والآثار العمرانية مؤشّر حقيقي على الحضارة في التاريخ الإنساني. إنّما الفلسفة هي أوّلاً أبرز الدلائل التي تساعدني على تقييم ثقافة لمنحها صفة حضارة. الفلسفة تعني وجود نقاش فكري حقيقي وتعني وجود هيكلية علمية وبدن واعي في مجتمع متقدّم، على المستوى الأخلاقي والمعرفي.

    في الصورة إبريق سوري بديع من الخزف مصنوع على شكل ثور بإبداع رائع عمره حوالي ٣٤٠٠ سنة… والحقيقة أنّ هذا الإبريق صناعة جماعة كان اسمهم شعب المارليك أو المَرلِك أو المرلق، وهتي الجماعة كانت شعب بدوي رحّال باستمرار في المنطقة ما بين گيلان على ساحل البحر الطبري والساحل السوري عبر الجزيرة وإيلام. لكنّ هذا الشعب أبدع بصناعة الخزف ووصل إلى مستوى الخزف الصُّلْب الذي نعرفه اليوم… قبل أربع آلاف سنة… في الواقع المَرلِك أحد الأدلّة على أنّ الشعوب ليست بحاجة استقرار وعمارة لتطوير صناعات متطوّرة تبيعها للناس في كلّ مكان.

    الإبريق ارتفاعه 21 سم وعرضه 25 سم. والقطعة سرقتها فرنسا من الساحل السوري ومعروضة في متحف اللّوڤر في پاريس.

  • لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    أمسِ تحدّتني واحدة من العربفوبيّات لأستجمع شجاعتي وأجيبها عن سؤال غريب. ومع أنّني استغرب عَلاقة الموضوع بالشجاعة، غير أنّني أحبّ تقديم إجابة. 

    كان سؤالها “ليش الحضارة الإسلامية صارت في دول الروم والفرس وما صارت في السُّعُودية وقطر والإمارات؟” وبصراحة، لم أفهم في سؤالها ماذا تقصد بدول الروم والفرس. فأهمّ مراكز الحضارة الإسلامية في عصر الإسلام الذهبي لم تكن في دول للروم أو للفرس، إنّما كانت (على ترتيب النشاط): بغداد، دمشق، القاهرة، الرقّة، قرطبة، بخارى، سمرقند، الري، مكّة المكرّمة، المدينة المنوّرة، بيت المقدس، فاس، الرباط، مُرسيّة، تونس، طرابلس (الغرب)، المُكلّا، الغيضة، عتق، شبوة، عدن، زبيد، تعز، صنعاء… والمملكة الرسوليّة بالعموم كانت دولة علماء، أطبّاء وفلكيّين، حكموا المملكة ملوكاً وعلماء، وهذه ليست للفرس ولا للروم.

    من جهة ثانية، لم أفهم تماماً سبب تحديدها “السُّعُودية وقطر والإمارات” في سؤالها. لربّما جهلها بالتاريخ يدفعها للظنّ ألّا بلاد لغير “الروم والفرس” في هذا العالم سوى هذه البلدان الثلاث. وهذا طبيعي حين تكون من بنات العربفوبيا. مع ذلك، هذه إجابة على سؤالها، دون زيادة، عسى أن ترضيها وترضي جمع العربفوبيّين واللاعربيّين كذلك.

    وأحبّ أن أذكر هنا، أنّ إقناع العربفوبيّين واللاعربيّين لا يهمّني فعلاً، فهؤلاء عقدوا العزم على كراهة العرب ومعاداة العرب وجعلوا ديدنهم نكران الحضارة العربية ونفي عروبة شعوب العرب، لمحو التاريخ العربي تمهيداً لمحو الهُوِيَّة العربية بالمطلق من هذا العالم. وهذا ما يهمّني فعلاً، يهمّني أن يحافظ أبناءنا وبناتنا في نفوسهم على هويّة عربية صحيحة وسليمة من خرافات وسموم العربفوبيّين واللاعربيّين هؤلاء.

    عربفوبي
    عربفوبي

    للأسف، التوثيق التاريخي للإنجازات العلمية في المناطق التي تشمل اليوم السُّعُودية وقطر والإمارات محدود بالمقارنة مع بعض المراكز العلمية الأخرى في العالم الإسلامي مثل بغداد، القاهرة، تعز، وقرطبة خلال العصور الذهبية. ببساطة، لأنّها لم تكن مراكز قيادات سياسية على صعيد دُوَليّ. ومع ذلك، سأحاول تقديم معلومات أكثر تحديداً حول المنجزات العلمية في هذه المناطق:

    لنبدأ مع السُّعُودية: مع أنّ معظم الإنجازات العلمية التي نسبت إلى الحضارة الإسلامية لم تكن منسوبة مباشرة إلى منطقة قلب الجزيرة العربية، إلا أن هناك بعض الجوانب التي يمكن الإشارة إليها في علم الفلك والتقويم، ففي السُّعُودية الحالية، ولا سيما في مكّة والمدينة، كان هناك اهتمام بتحديد الأوقات الدقيقة للصلاة ومواقع النجوم والأهلة، الأمر الذي كان له بالغ الأهمية في تحديد الأشهر الهجرية ومواسم الحج. لهذا نشأت أكاديميّات فلكية ذات مراصد مهمّة، درست الفلك وأخرجت فلكيّين مهمّين، كانت لهم الكلمة العلمية في عموم العالم الإسلامية.

    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى

    منطقة قطر كان لها تاريخ طويل في الملاحة البحرية، فتطوير تقنيات الملاحة البحرية وأساليب صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ. كان القطريّون يعتمدون على المعرفة العميقة بالتيارات البحرية والنجوم للإبحار والعودة إلى سواحلهم. ويعتمد العالم على خبرائهم لتطوير هذه العلوم. بالإضافة إلى صناعة السفن، إذ أنّ تطوير تقنيات بناء السفن الخشبية التي كانت تستخدم في الإبحار والتجارة، وهذا يشمل معرفة بالهندسة البحرية وتصميم السفن. وكانت في قطر والإمارات أكاديميّات مهمّة للهندسة البحرية بقيت حتى عهد استيلاء بريطانيا على الخليج العربية في القرن ١٩. وفي القرون الوسطى كانت الساحل الغربي للخليج العربية هو المصدر الأوّل للسفن في كل بلاد العالم.

    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى

    الإمارات، وخاصّة منطقة العين، كانت معروفة بنظام الري التقليدي: نظام الأفلاج: وهو نظام معقّد لتوزيع المياه يتألّف من قنوات تحت الأرض تنقل المياه من الآبار إلى المناطق الزراعية. هذا النظام يظهر معرفة متقدمة بالهيدرولوجيا وإدارة الموارد المائية. فضلاً على ذلك، يجدر الذكر أنّ البيئة الصحراوية والساحلية في الإمارات طورت معرفة خاصة في العديد من المجالات، مثل المعمار والبناء كتطوير تقنيات البناء المناسبة للظروف الصحراوية، مثل تقنيات التبريد الطبيعي واستخدام مواد البناء المحلية. وفي الزراعة والرعي كان تطوير أساليب زراعية معينة للتكيف مع البيئة القاحلة، مثل استخدام نظم الري المحورية وأساليب الزراعة الموسمية.

    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى

    من الجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة، تمّ الاهتمام بشكل متزايد في تلك المناطق بالحفاظ على التراث وتوثيق الإنجازات التاريخية. وقد شمل هذا إعادة بناء وصيانة الأفلاج والآثار التاريخية الأخرى، وكذلك دراسة التقاليد البحرية والصحراوية والأساليب التقليدية في الملاحة والزراعة والبناء.

    مع الرغم من أن هذه المناطق لم تكن مراكز علمية بارزة في العصور الوسطى بالمقارنة مع بعض المناطق الأخرى في العالم الإسلامي، إلا أنها كانت لها إسهامات مهمّة في مجالات مثل الملاحة البحرية وإدارة الموارد المائية والزراعة والبناء، والتي كانت تظهر التكيف مع البيئة المحلية والمعرفة العملية المتوارثة.

    بكلّ حال، يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج غرب الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أنّ بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب
    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.

  • الزراعة والتجارة والصناعة: أبرز منجزات الحضارات العربية القديمة

    الزراعة والتجارة والصناعة: أبرز منجزات الحضارات العربية القديمة

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أن بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.

  • الهُوِيَّة العربية والإسلامية: تأمّلات الشباب العربي

    الهُوِيَّة العربية والإسلامية: تأمّلات الشباب العربي

    زغبتُ الأحبّة المتابعين على فيٓسبوك في استطلاع رأي دام ثلاث أيّام. وبواسطته تحقّقت من آراء شباب مجتمعنا العربي المتنوّع، باستطلاع آراء عيّنة شملت أكثر من ٣٠٠ شخص. أغلب العينة ذكور، من جيل ما بين ٢٥-٣٥ سنة، من مختلف البلاد العربية، والأغلبية الساحقة أظهرت عدم رضى عن الحدود السياسية الحالية لبلادهم.

    قدّمتُ خارطة غير دوليّة، ملوّنة، مجرّدة من أيّ تصنيفات وعناوين، وكان المُلفت أنّ أغلب المعلّقين تعامل مع الخارطة على أنّها تمثيل للدولة الإسلامية في عهدها الذهبي. وفي المجمل، تعكس التعليقات مجموعة متنوّعة من الردود والآراء في الخريطة، بدءًا من الاستحسان والرغبة في التغيير، إلى النقد التاريخي والجغرافي، وصولاً إلى التشكيك في الدقّة والذهاب إلى السلبية.

    خارطة غير دوليّة، ملوّنة، مجرّدة من أيّ تصنيفات وعناوين
    خارطة غير دوليّة، ملوّنة، مجرّدة من أيّ تصنيفات وعناوين

    عمومًا يمكن تلخيص الآراء كما يلي:

    1. رغبة في التغيير والوحدة: بعض المعلّقين أبدوا إعجابهم بالخريطة وقدّموا تعليقات إيجابية تّجاهها، معبّرين عن رغبتهم في رؤية تحقيق هذه الرؤية أو الخارطة، في حين أبدى آخرون رغبتهم في الوحدة.
    2. النقد التاريخي والجغرافي: العديد من التعليقات تناولت الجوانب التاريخية والجغرافية للخريطة. بعض المعلّقين ناقشوا الأماكن التي سيطر عليها العرب أو المسلمين تاريخياً. كما أشار بعضهم إلى أنّ الخريطة تفتقد لبعض المناطق التي كانت جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية في فترات معينة من التاريخ.
    3. الشكوك حول الدقّة والتحقّق: بعض المعلّقين استفسروا حول دقّة الخريطة وما إذا كانت تعكس بشكل صحيح التاريخ أو الواقع الجغرافي. كانت هناك بعض الاعتراضات حول تقسيم بعض المناطق أو الدول.
    4. التعليقات السلبية: بعض المعلّقين أبدوا تعليقات سلبية حول الخريطة، معتبرين أنّها غير واقعية أو أنّها قد تسبّب المزيد من التوتّرات السياسية أو الجغرافية. ومن هؤلاء كان القوميّون الكرد والقوميّون المصريّون، والوطنيّون المتمسّكون بالأنظمة الحاكمة في بلادهم.

    وبشكل تفصيلي آخر:

    • – بعض المعلّقين أبدى إعجابه بالخريطة ووصفها بالجميلة والمنطقية وأنها تمثّل حلمهم.
    • – البعض الآخر انتقد عدم دقّة الخريطة حَسَبَ رأيهم، مثل عدم ضم سيناء لمصر أو ضم مكة والمدينة لليمن.
    • – هناك من طالب بإضافة مناطق غرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا للخريطة.
    • – بعض التعليقات تحدّثت عن الخلافات التاريخية بين مناطق الشام والعراق ومن يملك أحقّيّة كل منطقة.
    • – عدّة تعليقات ذكرت أنّ المهمّ ليس مساحة الأرض بل نوع الحكم والحرّية التي يتمتّع بها الشعب.
    • – تعليقات أخرى تحدّثت عن أهمّية الوحدة الإسلامية بغض النظر عن الحدود الجغرافية.
    • – وكان هناك بعض التعليقات المعارضة تماماً لفكرة الخريطة أصلاً.

    عمومًا، نرى تباين واختلاف كبير في وجهات النظر حول هذا الموضوع الحساس. وبناءً على تحليل التعليقات، أقدّر النسب المئوية لكل فئة من فئات المعلقين كالتالي:

    نتيجة استطلاع إعادة تخطيط الحدود
    نتيجة استطلاع إعادة تخطيط الحدود
    • – المؤيدون للخريطة والفكرة: حوالي 25%
    • – المنتقدون لعدم دقة الخريطة: حوالي 15%
    • – المتحدّثون عن الخلافات التاريخية: حوالي 15%
    • – الداعون للوحدة الإسلامية: حوالي 15%
    • – المطالبون بإضافة مناطق: حوالي 10%
    • – المهتمّون بنوع الحكم أكثر من الحدود: حوالي 10%
    • – المعارضون تماماً: حوالي 10%

    في الختام، يمكن القول أنّ تباين الآراء في الخارطة المقدّمة يعكس التنوّع الكبير والتعقيد في الثقافة والهوية العربية والإسلامية. يُظهر استطلاع الرأي هذا أنّ الكثير من المتابعين لديهم أفكار وآراء مختلفة في الحدود السياسية والجغرافية، وما يمثلها تاريخياً وعلى الواقع. من الواضح أنّ هناك رغبة في التغيير وفي الوحدة بين بعض الشباب العرب، في حين يركز البعض الآخر على الجوانب التاريخية والجغرافية.

    هذا الاختلاف في الآراء يبرز التحديات التي تواجهها الفكرة العمومية للوحدة العربية أو الإسلامية، ويوضح الحاجة لمزيد من الحوار والمناقشة حول هذه القضايا. وفي ضوء هذه النتائج، يتعيّن علينا أن نعترف بأنّ الطريق نحو الوحدة والتغيير ليس سهلاً، وأنّه يتطلب تفهّماً وتقديراً أعمق لتعقيدات التاريخ والجغرافيا والهوية الثقافية. وفي النهاية، يجب أن نتذكّر دائماً أنّ الأهمّ من الحدود الجغرافية هو الحرّية والعدالة والرفاهية لجميع الشعوب، بغضّ النظر عن اسم المكان الذي يعيشون فيه.

  • مي، الربّة العربية العظيمة للإمبراطورية الرومانية

    مي، الربّة العربية العظيمة للإمبراطورية الرومانية

    English edition here

    في العصور القديمة، كان اسم مدينة إيميسا (الآن تعرف باسم حمص في سوريا) مرتبطاً بإلهة أو إله الشمس يدعى “مي”. كانت هذه الإلهة معروفة بأنها إلهة حامية لإيميسا، وكانت تعتبر تجسيداً للشمس.

    وفقاً للمصادر القديمة، كانت “مي” إلهة عربية محلية تُعبد بشكل رئيس في مدينة إيميسا والمنطقة المحيطة بها. وكانت غالباً ما تصوَّر على أنها شخصية أنثوية لها سمات شمسية، مثل تاج من الأشعة أو قرص يمثل الشمس. وفي بعض المجتمعات، كانت “مي” مرتبطة أيضاً بالقمر باسم “مه” وكانت تُعبد كإلهة قمرية أيضاً في ماده (القمريّة) في عراق عجم.

    كانت “مي” إلهة مهمة في الحياة الدينية لإيميسا، وكانت عبادتها مرتبطة بشكل وثيق بالهوية السياسية والاجتماعية للمدينة. وكان يعتقد أنها تحمي المدينة وسكانها، وكان يدعم عبادتها شبكة من الكهنة والكاهنات الذين يؤدون شعائرًا وتضحياتٍ في شرفها.

    مع مرور الوقت، انتشرت عبادة “مي” خارج إيميسا إلى أجزاء أخرى من الإمبراطورية الرومانية، وكانت في بعض الأحيان تُجسّد كإلهة إيزيس أو الإلهة الإغريقية آرتيميس. ومع ذلك، كانت ارتباطاتها الأساسية دائماً بالشمس والتقاليد المحلية لإيميسا.

    وكان يكتب اسم إلهة الشمس “مي” بالعديد من اللّغات القديمة حسب الفترة الزمنية والسياق الثقافي. وفيما يلي بعض الأمثلة:

    1. الآرامية: كان اللّغة المُتحدّثة في إيميسا خلال عصر إلهة “مي” الآرامية، وكان اسم الإلهة في هذه اللغة سيكتب كما يلي: ما أو مء “מא” (ميم-أليف)، وهي كلمة آرامية تعني “الماء”. ويمكن مقارنة ذلك باللغة العربية “مَيّه” و “ماي” و “ماء”.

    2. الإغريقية: كان غالباً ما يتم تهجئة اسم إلهة “مي” في اللغة الإغريقية على شكل “Μα” (ما)، وهي المعادلة اليونانية للآرامية “מא”.

    3. اللاتينية: كان اسم الإلهة “مي” مسجلاً أيضًا في المصادر اللاتينية، حيث كان يتم كتابته على هيئة “Maia” أو “Maja” أو “Maiestas”. وكان من المرجح أن تكون هذه الأشكال اللاتينية للاسم متأثرة بإلهة الرومانية “مايا” التي كان لها ارتباط أيضاً بالشمس.

    4. المصرية القديمة: تذكر بعض المصادر القديمة المصرية الإلهة “مي”، التي كانت معروفة أيضاً باسم “سيدة إيميسا”. وفي الصُوريّة (الهيروگليفية) المصرية، كان يتم كتابة اسمها على شكل “m3″، وهي تشكيلة صوتية للآرامية “מא”.

    يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه الأشكال الإملائية والنطق قد تختلف اعتمادًا على الفترة الزمنية والسياق الثقافي، وأن الإلهة “مي” قد تكون معروفة بأسماء وألقاب مختلفة في اللّغات والمناطق الأخرى.

    بإمكانك الاطّلاع على بعض المراجع التي تناولت الإلهة “مي” وتاريخ مدينة إيميسا، وهي على النحو التالي:

    • – “The Gods of Roman Syria: Divine Politics and Identity in the Eastern Mediterranean” لـ Ted Kaizer وجون دارك، الناشر: BRILL، 2009.
    • – “The Oxford Handbook of Roman Syria”، الناشر: Oxford University Press، 2011.
    • – “The Religion of the Nabataeans: A Conspectus” لـ Peter Alpass، الناشر: Brill، 2013.
    • – “Syria: A Historical and Architectural Guide” لـ Warwick Ball، الناشر: Interlink Books، 2011.
    • – “The Encyclopedia of Ancient History” لـ Roger S. Bagnall وغيره، الناشر: Wiley-Blackwell، 2012.

    هذه المراجع تشمل معلومات حول الإلهة “مي”، وتاريخ مدينة إيميسا، وتاريخ سوريا الرومانية عمومًا. يمكنك العثور على هذه الكتب في مكتبات الجامعات أو المكتبات العامة.

  • الخوارزميات علم عربي والخوارزمي عربي

    الخوارزميات علم عربي والخوارزمي عربي

    باستمرار يدّعي اللاعربيّون بأنّ أعظم علماء الحساب، الخوارزمي، تركي أو فارسي وغير عربي. وينسبنه إلى أوزبكستان… أنا من أوزبكستان ويشرّفني أنّ يحمل الخوارزمي اسم خيوة إحدى مدن أوزبكستان، لكن الرجل ليس من عندنا، إنما هو عراقي بغدادي.

    {أبو عَبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى الخَوارِزمي} ويكنّى كذلك بأبو جعفر، وُلد في بغداد سنة 781. أبوه موسى وُلد كذلك في بغداد، وكان أبو موسى (أي جدّ الخَوارِزمي وربّما جدّ أبيه) قد هاجر إلى بغداد من خيوة لما كانت تدير ولاية عبّاسيّة اسمها خوارزم (چوارزميا) 𐬓𐬁𐬌𐬭𐬌𐬰𐬆𐬨. وكما أسلفت، الخوارزمي بغدادي، ولد في بغداد ونشأ فيها ودرس فيها واشتغل فيها، وصعد في المراتب حتى عيّنه المأمون أمينا (رئيساً) للمكتبة العبّاسيّة الوطنيّة. ثمّ صعد منها لرئاسة جامعة دار الحكمة سنة 813 وبقي في منصبه هذا حتى سنة 833. كل ما أنجزه الخوارزمي عربي عراقي 100٪ وخرج عن أهمّ جامعات عصرها. دار الحكمة في بغداد.

    في سوريا وفلسطين والأردن اليوم الكثير من البخاريّين الذين يحملون لقب البخاري. هاجر أجدادهم إلى الشام قبل مئة ومئتين وثلاث مئة سنة… من وصل جدّه منهم إلى الشام في القرن 17 أو 18 وهو اليوم لا يتحدّث التركية ولا يستعمل غير العربيّة. هل يجوز أن يقال فيه اليوم أنّه أوزبكي غير شامي أو غير عربي؟ فقط لأنّه يحمل لقب بخاري! لا، هذا لا يجوز. ومحمّد الخوارزمي مثلهم، حمل لقب الخوارزمي لكنّه عراقي بغدادي، لم يعرف في حياته غير بغداد، وما اشتغل في غيرها.

    {مُحَمَّد الخَوارِزمي} أبدع علم الجبر، وبدأ ما نسمّيه اليوم بالخوارزميّات Algorismus، وهي التي تسيّر كل الأجهزة الذكيّة في كلّ مكان. وهي التي أعاد {أبو الحسن أحمد بن ابراهيم الإقليدسي} تطويرها في دمشق بعد ثلاث قرون وصنعها بشكلها المعاصر، وهو من سمّاها بالخوارزميّات، بالمناسبة. ويبقى هذا إبداع عراقي ومن حقّ العراق والعرب جميعاً الفخر به.

    يمكن تنزيل كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي لمن أحبّ قراءته من هنا

    أوزبكستان فخورة بهذا الرجل العراقي بالطبع، وخيوة فخورة بأنّه حمل اسم بلدها، لكنّه عراقيّ من بغداد. وهذا تمثاله العملاق على مدخل قلعة إچان في مدينة خيوة في أوزبكستان، حيث كُتب الأبِسْتاق أوّل مرّة، وحيث عاش زرادشت.

    تمثال الخوارزمي على مدخل قلعة إچان في مدينة خيوة في أوزبكستان
    تمثال الخوارزمي على مدخل قلعة إچان في مدينة خيوة في أوزبكستان

    {أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري} ولأنّه كان ربّما يكره الخوارزمي سمّاه في تدويناته: {محمد بن موسى الخوارزميّ المجوسيّ القطربّليّ}… إهانة له بأنّه من قطربل (قطرب) بالقرب من بغداد وليس من بغداد نفسها. وبأنّه مجوسي غير مسلم. لكن، ما سجّله الخوارزمي في مقدّمة كتابه {الجبر} يُظهر بوضوح أنّه كان مسلماً ملتزماً على عقيدة بغداد والخلافة العبّاسيّة في القرن التاسع.

  • اللّهجة العربيّة الصينيّة، مجهولة الوجود في بلاد العرب!

    اللّهجة العربيّة الصينيّة، مجهولة الوجود في بلاد العرب!

    مذ وصل الإسلام إلى شرق الصين، ومذ بُني مسجد قوانگتشو هوايشينگ 广州怀圣寺 سنة 627 ومساجد الصين تطوّر خطّاً عربيّاً خاصّاً بها. واليوم يتداول أتباع مذهب گَديمو 格迪目 الإسلامي وأغلب الخوي (الهوي) في الصين ما يسمّى بالخطّ الصيني ويستعملنه لكتابة اللّهجة العربيّة الصينيّة، وهي ما يعتقدها أتباع مذهب گَديمو الإسلامي أنّها العربيّة الصحيحة. وأنّ العربيّة الفصحى الحالية ليست العربيّة الصحيحة.

    سمات اللّهجة العربيّة الصينيّة قريبة من سمات اللّهجة الشاميّة البدويّة، مثلاً: تستعمل مثل الشاميّة نون الجمع بدلاً عن ميم الجمع الساكنة، فتقول عليكن بدلاً عن عليكم، وتستعمل الواو بدلاً عن التنوين، والگاف بدلاً عن القاف، والهمزة بدلاً عن الـ التعريف، وتلفظ الألف مائلة نحو الياء. وتقول: قَيْبُلؤِ 蓋布勒 بدلاً عن قَبُول. وتقول: سَيْلِيمُ 赛俩目 بدلاً عن سَلَامُ.

    مسجد قوانگتشو هوايشينگ 广州怀圣寺
    مسجد قوانگتشو هوايشينگ 广州怀圣寺

    يتبع مسلمي گَديمو (قديمٌ) المدرسة الحنفيّة (ما قبل الصوفيّة) على المذهب السنّي. وفي مطلع القرن 20 ومع انفتاح مسلمي الصين على الأتراك المسلمين وَسَط آسيا، تحوّل جزء من الخوي الصينيّين إلى الحنفيّة الصوفيّة، النسخة التركيّة من الإسلام، وصاروا يُعرفون باسم چينجيا 新教 أي أتباع التعاليم الجديدة، الذين يمارسون الإسلام بعربيّة بغداد، ويتبعون مدارس بخارى وسمرقند الشرعيّة في أوزبكستان. ومع ضمّ تركستان الشرقية إلى الصين سنة 1948 صار إسلام چينجيا يقوم مقام الپروتستانتيّة في مقابل محافظة مسلمي گَديمو الصيني.

    خريطة شعب خُوِزُو وهو منتشر في كل أرجاء الصين تقريباً، و يتحدث اليوم اللغة الصينية الحديثة كلغة أولى إلى جانب تعلّم العربية الصينية في المساجد. وتعدادهم داخل الصين حوالي عشر ملايين نسمة.
    اسمهم بلغتهم المحلية شعب خُوِزُو وهو منتشر في كل أرجاء الصين تقريباً، و يتحدث اليوم اللغة الصينية الحديثة كلغة أولى إلى جانب تعلّم العربية الصينية في المساجد. وتعدادهم داخل الصين حوالي عشر ملايين نسمة.

    في القرن السابع أو الثامن تحول يهود الصين بأغلبهم إلى الإسلام وانضمّوا إلى قوميّة الخوي.

    مصحف صيني باللغة العربية في مدرسة من مدارس {چينگتانگ چياوهو} 经堂教育
    مصحف صيني باللغة العربية في مدرسة من مدارس {چينگتانگ چياوهو} 经堂教育

    اليوم ومنذ القرن 16 يتعلّم مسلمي گَديمو الإسلام محافظين على طريقة الأديرة الصينية القديمة، بتقاليد تسمّى {چينگتانگ چياوهو} 经堂教育 التي تعني حرفيّاً نظام {تعليم قاعة الكتب المقدّسة}، وهي 13 كتاب بالعربيّة والفارسيّة. ويكتبون اللّغة العربيّة بأحرف صينيّة، مع الإبقاء على العبارات العربيّة المقدّسة بالخطّ الصيني العربي، وهو الذي تراه في الصورة وفيها آية الكرسي مكتوبة بالخطّ الصيني العربي… هل تقدر على قراءتها؟

    آية الكرسي مخطوطة بالخطّ الصيني العربي
    آية الكرسي مخطوطة بالخطّ الصيني العربي

    في القرن 19 خرجت عن الگَديمو طائفة جديدة خالفتها في كلّ المظاهر. وهي طائفة إيخوْواني 伊赫瓦尼 (أي الإخوان) التي تمرّدت على ما سمّته باللاوجياو (أي العقيدة القديمة) الصينيّة. وصارت تبني المساجد على نمط شرق أوسطي بدلاً عن النمط الصيني، وتقوم بنشر الإسلام على الطريقة الأزهريّة المصرية بدلاً عن الصينيّة القديمة.