الوسم: حضارة عربية

  • اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    اللّغة العربية… حاملة راية الحضارة الإنسانية

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ولغتهم العربية ما كان لهم فضل على الحضارة الإنسانية منذ فجر الإسلام… فلنحك نقطة في بحر فضل اللّغة العربية على العالم.

    منذ فجر التاريخ وعبر آلاف السنين، اتّخذت العربية مكانةً مرموقةً بين لغات العالم، تاركةً بصمةً حضاريةً خالدةً عبر مسار الزمن. ومن ذلك حملها لنواة الأديان الأكثر انتشاراً في عالم اليوم. فمَا هي الثمار التي جنتها البشرية من رحلةٍ استمرّت 1400 سنة الأخيرة مع لغة الظاء؟

    تُعدّ اللّغة العربية حاملةً راية حضارةٍ عريقةٍ، غنيّةٍ بالعلوم والآداب والفلسفة. تابعها العصر الإسلامي الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث شهدت ازدهارًا في مختلف المجالات العلمية والفكرية. إليك بعض العلوم التي نشأت وتطورت باستخدام اللّغة العربية:

    أسهم الأطباء والعلماء بتطوّر كبير في الطبّ باللّغة العربية، بواسطة تأليف الكتب والموسوعات التي تعالج مختلف الأمراض وطرق العلاج. وبالعربية كُتب “القانون في الطبّ” و”الحاوي في الطبّ”، والذين كانا مرجعًا طبيًا لقرون في الشرق والغرب. وبقيت العربية لغة تدريس الطب في أوروپا مثلاً لأكثر من خمس قرون.

    وبالعربية انفصلت الكيمياء كعلم عن الخيمياء مع العلماء العرب مثل جابر بن حيان، الذي يعدّ “أبو الكيمياء”. وأدخل العلماء العرب مفاهيم مثل التقطير والتبلور والتصعيد.

    بالعربية نما علم الصيدلة كعلم منفصل عن الطب، حيث قام العلماء بتصنيف الأدوية وتحضير الوصفات الصيدلانية ووضع معايير للجودة. الزهراوي، الذي ألف كتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف”، يعدّ من الروّاد في هذا المجال، وقد أسهم كتابه في تطور الجراحة والصيدلة. فهو أبو الصيدلية.

    بالعربية ازدهر علم الفلك في العالم، حيث قام العلماء ببناء المراصد وتطوير الأدوات الفلكية مثل الأسطرلاب. كانوا يدرسون حركة الكواكب والنجوم وألّفوا الزيجات الفلكية التي تحتوي على جداول معقّدة لحركات الأجرام السماوية. البتّاني مثلاً هو أبو علم الفلك المعاصر.

    في الرياضيات. نجد البغدادي الخوارزمي، الذي يُعدّ أحد أعظم الرياضيّين، أسهم في تأسيس الجبر والخوارزميّات، وأدخل نظام الأرقام العربية، الذي يعتمد على النظام العددي وأصبح أساس النظام العددي المستخدم اليوم في كل أرجاء العالم.

    بالعربية ألّف الجزري كتابه “كتاب في معرفة الحيل الهندسية” والذي ضمّ تصاميم لأجهزة ميكانيكية متطورة مثل الساعات المائية. وكان له فضل اختراع المحرّك المعاصر وعلبة المحرّكات (التروس) والبسطون (المكبس).

    بالعربية تأسّس علم البصريّات وعلم المناظير. ابن الهيثم البصري، مؤلف “كتاب البصريات” و”كتاب المناظر”، قدم نظريات هامة حول كيفية عمل العين وكيف يتم تشكيل الرؤية. واخترع القُمرة (الكميرا).

    ابن العوام وأبو زكريا القسطلاني كتبوا كتبًا هامة في الزراعة، تضمّنت وصفًا لطرق الزراعة، وتحسين التربة، وتقنيات الري، وتصنيف النباتات. كتاب ابن العوام “الفلاحة الأندلسية” يعتبر مرجعًا مهمًّا في هذا العلم، ويقوم عليه علم الزراعة الحديث.

    الفارابي وابن مسكويه من الفلاسفة الذين بحثوا في الأخلاق والقانون، مقدّمين أفكارًا حول العدالة والحكم الرشيد والسلوك الأخلاقي. وعلومهم التي قدّموها باللّغة العربية صارت أساساً لفلسفة الأخلاق في علوم غرب أوروپا الحديثة.

    هذه العلوم تطورت في بيئة ثقافية غنية ومتفاعلة، حيث كانت اللّغة العربية هي وسيلة تدوين المعرفة ونقلها. ولعلّ أهمّ ما يميّز هذه الفترة هو ابتكار نظام التعليم النظامي لتدريس اللّغة العربية والفقه، ولم يزل هذا النظام قائماً مستخدماً في أنحاء العالم المختلفة إلى اليوم.

    اليوم تُعدّ اللّغة العربية لغةً رسميةً لأكثر من 25 دولة، ومعترف بها كلغة أقلّية في أكثر من 40 دولة غيرها، منها الولايات المتحدة الأميركية. ويتحدّثها أكثر من نصف مليار شخص حول العالم.  وتؤدّي دورًا هامًا في التواصل بين الشعوب العربية، ونشر المعرفة والثقافة. كما تُعدّ لغةً دينيةً للقرآن الكريم، ما يمنحها مكانةً مقدسةً لدى المسلمين.

    السؤال الأهم، هو طوال 1400 سنة، ماذا قدّم كارهوا اللّغة العربية اللاعربيّين منكري الحضارة العربية؟

    مراجع

    1. الرصافي، مصطفى صادق. “من تاريخ الحضارة العربية.”
    2. حسين، محمد كامل. “تاريخ الفكر الإسلامي.”
    3. رصا، رجاء نعمة. “اللغة العربية وآدابها في العصر الإسلامي.”
    4. السيد، رشدي. “فجر العلم في الحضارة الإسلامية.”
    5. رضا، محمد عبد الحليم. “العلوم عند العرب.”
    6. الخوارزمي، محمد بن موسى. “الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة.”
    7. ابن النديم، محمد بن إسحاق. “الفهرست.”
    8. ابن سينا. “القانون في الطب.”
    9. جابر بن حيان. “كتاب الكيمياء.”
    10. البتاني، عبد الرحمن بن عمر. “الزيج الصابي.”
    11. ابن الهيثم، حسن بن الهيثم. “كتاب المناظر.”
    12. الجزري، بديع الزمان أبو العز. “كتاب في معرفة الحيل الهندسية.”
    13. ابن العوام، أبو زكريا يحيى. “كتاب الفلاحة الأندلسية.”
    14. ابن رشد، أبو الوليد. “تهافت التهافت.”
    15. الفارابي، أبو نصر. “آراء أهل المدينة الفاضلة.”
    16. ابن مسكويه، أحمد بن محمد. “تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق.”
  • خيمة البدوي أم قصر الملك: هل العمارة هي المقياس الحقيقي للحضارة؟

    خيمة البدوي أم قصر الملك: هل العمارة هي المقياس الحقيقي للحضارة؟

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، محتجّين بأنّ شبه جزيرة العرب تخلو من آثار عمرانية تسبق حِقْبَة الحكم الروماني لبعض بلاد العرب، ويقولون أنّ شعباً بجمل وخيمة لا ينتج حضارة! ومع أنّني أرفض هذا البيان بالمطلق، لكثرة الآثار العمرانية القديمة في جزيرة العرب. لكن، أحبّ اليوم أن أناقش هذه الفكرة الغبيّة التي تربط “الحضارة” بـ”العمارة”. وتسعدني مساهمتك في هذا النقاش في التعليقات.

    العمارة والآثار هما من أبرز العناصر التي تُظهر تاريخ وحضارة المجتمعات المختلفة عبر العصور، ويمكن للنقاش حول ما إذا كانتا تمثّلان مظهراً من مظاهر التقدّم الحضاري أن يتّخذ أبعاداً متعدّدة، تشمل الجوانب الفنية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية.

    في وجهة النظر الأولى: العمارة كمؤشر على التقدم الحضاري. يرى أنصار هذا الرأي أنّ العمارة تعبّر عن:

    • الابتكار والإبداع: حيث تُظهر الأساليب المعمارية القدرة الإبداعية للمجتمعات في توظيف الموارد المتاحة وتسخيرها لخدمة احتياجاتها.
    • التطوّر التقني: إذ يتطلّب بناء الهياكل الضخمة والمعقّدة تطوير تقنيّات ومواد بناء جديدة، ممّا يدل على مستوى معيّن من التقدّم التكنولوجي.
    • الازدهار الاقتصادي: فإنشاء المباني الضخمة والفخمة يستلزم موارد مالية هائلة، مما يُظهر الاستقرار الاقتصادي.
    • التنظيم الاجتماعي: إذ تدلّ القدرة على إدارة وتنفيذ مشروعات عمرانية كبرى على مستوى معيّن من التطوّر الإداري والحكومي.

    في وجهة النظر الثانية: العمارة ليست المؤشّر الوحيد للتقدّم. يرى أصحاب هذا الرأي علامات التقدّم الحضاري في:

    • التقدّم الفكري والثقافي: قد يرتبط التقدّم الحضاري بدرجة أكبر بالفلسفة والآداب والعلوم والفنون. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.
    • التطوّر الأخلاقي والقانوني: حيث إنّ القوانين والأعراف الأخلاقية المتقدّمة قد تُظهر تطوراً حضارياً أكثر من المنشآت. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.
    • الاستدامة البيئية: فالحضارات التي تعايشت مع البيئة بشكل مستدام قد تعدّ أكثر تقدّماً من تلك التي خلّفت آثاراً عمرانية أضرّت بالبيئة. وهذه يتفوّق فيها رحّال في خيمة.
    • التقدّم الاجتماعي: حيث يمكن قياس التقدّم الحضاري بواسطة مدى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والحريّات. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.

    بالخلاصة:

    تُعدّ العمارة والآثار عناصر بالغة الأهمّية لفهم التاريخ البشري وتطوّر الحضارات، إلّا أنّها مجرّد جانب واحد من جوانب عدّة؛ تشكّل معادلة التقدّم الحضاري. فهذا التقدّم مفهوم شامل ومتعدّد الأبعاد، يمكن قياسه بمعايير مختلفة، منها التقنيّة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والفكر والأخلاق. فالكثير من “حضارات” اليوم تستورد قدرات غيرها لإنشاء العمارات العملاقة والمشاريع العمرانية الضخمة، غير أنّها ليست فعلاً من منجزاتها، ولو أنّها باقية آثار في أرضها… كما فعلت روما قديماً حين استوردت معمارياً عربياً من دمشق لإعادة تصميم المدينة، ولم تزل تفخر إلى اليوم بأحد أعظم منجزاته؛ الپانَثيون.

    وعلى هذا، العمارة كمؤشّر على التقدّم قد تكون مظهراً مهمّاً، غير أنّها ليست كافية بمفردها، وينبغي النظر إلى التقدم الحضاري كمفهوم متعدّد الأوجه. فالمجتمعات التي تحقّق التوازن بين الجوانب المادية والمعنوية، مع احترام البيئة وترسيخ العدالة، هي الأكثر تقدّماً بمعنى شامل. ويكمن التحدّي إذاً في تحقيق هذا التقدّم المستدام في كافة أبعاد الحضارة الإنسانية.

    شخصياً، لا أعتقد أنّ العمارة والآثار العمرانية مؤشّر حقيقي على الحضارة في التاريخ الإنساني. إنّما الفلسفة هي أوّلاً أبرز الدلائل التي تساعدني على تقييم ثقافة لمنحها صفة حضارة. الفلسفة تعني وجود نقاش فكري حقيقي وتعني وجود هيكلية علمية وبدن واعي في مجتمع متقدّم، على المستوى الأخلاقي والمعرفي.

    في الصورة إبريق سوري بديع من الخزف مصنوع على شكل ثور بإبداع رائع عمره حوالي ٣٤٠٠ سنة… والحقيقة أنّ هذا الإبريق صناعة جماعة كان اسمهم شعب المارليك أو المَرلِك أو المرلق، وهتي الجماعة كانت شعب بدوي رحّال باستمرار في المنطقة ما بين گيلان على ساحل البحر الطبري والساحل السوري عبر الجزيرة وإيلام. لكنّ هذا الشعب أبدع بصناعة الخزف ووصل إلى مستوى الخزف الصُّلْب الذي نعرفه اليوم… قبل أربع آلاف سنة… في الواقع المَرلِك أحد الأدلّة على أنّ الشعوب ليست بحاجة استقرار وعمارة لتطوير صناعات متطوّرة تبيعها للناس في كلّ مكان.

    الإبريق ارتفاعه 21 سم وعرضه 25 سم. والقطعة سرقتها فرنسا من الساحل السوري ومعروضة في متحف اللّوڤر في پاريس.

  • لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    أمسِ تحدّتني واحدة من العربفوبيّات لأستجمع شجاعتي وأجيبها عن سؤال غريب. ومع أنّني استغرب عَلاقة الموضوع بالشجاعة، غير أنّني أحبّ تقديم إجابة. 

    كان سؤالها “ليش الحضارة الإسلامية صارت في دول الروم والفرس وما صارت في السُّعُودية وقطر والإمارات؟” وبصراحة، لم أفهم في سؤالها ماذا تقصد بدول الروم والفرس. فأهمّ مراكز الحضارة الإسلامية في عصر الإسلام الذهبي لم تكن في دول للروم أو للفرس، إنّما كانت (على ترتيب النشاط): بغداد، دمشق، القاهرة، الرقّة، قرطبة، بخارى، سمرقند، الري، مكّة المكرّمة، المدينة المنوّرة، بيت المقدس، فاس، الرباط، مُرسيّة، تونس، طرابلس (الغرب)، المُكلّا، الغيضة، عتق، شبوة، عدن، زبيد، تعز، صنعاء… والمملكة الرسوليّة بالعموم كانت دولة علماء، أطبّاء وفلكيّين، حكموا المملكة ملوكاً وعلماء، وهذه ليست للفرس ولا للروم.

    من جهة ثانية، لم أفهم تماماً سبب تحديدها “السُّعُودية وقطر والإمارات” في سؤالها. لربّما جهلها بالتاريخ يدفعها للظنّ ألّا بلاد لغير “الروم والفرس” في هذا العالم سوى هذه البلدان الثلاث. وهذا طبيعي حين تكون من بنات العربفوبيا. مع ذلك، هذه إجابة على سؤالها، دون زيادة، عسى أن ترضيها وترضي جمع العربفوبيّين واللاعربيّين كذلك.

    وأحبّ أن أذكر هنا، أنّ إقناع العربفوبيّين واللاعربيّين لا يهمّني فعلاً، فهؤلاء عقدوا العزم على كراهة العرب ومعاداة العرب وجعلوا ديدنهم نكران الحضارة العربية ونفي عروبة شعوب العرب، لمحو التاريخ العربي تمهيداً لمحو الهُوِيَّة العربية بالمطلق من هذا العالم. وهذا ما يهمّني فعلاً، يهمّني أن يحافظ أبناءنا وبناتنا في نفوسهم على هويّة عربية صحيحة وسليمة من خرافات وسموم العربفوبيّين واللاعربيّين هؤلاء.

    عربفوبي
    عربفوبي

    للأسف، التوثيق التاريخي للإنجازات العلمية في المناطق التي تشمل اليوم السُّعُودية وقطر والإمارات محدود بالمقارنة مع بعض المراكز العلمية الأخرى في العالم الإسلامي مثل بغداد، القاهرة، تعز، وقرطبة خلال العصور الذهبية. ببساطة، لأنّها لم تكن مراكز قيادات سياسية على صعيد دُوَليّ. ومع ذلك، سأحاول تقديم معلومات أكثر تحديداً حول المنجزات العلمية في هذه المناطق:

    لنبدأ مع السُّعُودية: مع أنّ معظم الإنجازات العلمية التي نسبت إلى الحضارة الإسلامية لم تكن منسوبة مباشرة إلى منطقة قلب الجزيرة العربية، إلا أن هناك بعض الجوانب التي يمكن الإشارة إليها في علم الفلك والتقويم، ففي السُّعُودية الحالية، ولا سيما في مكّة والمدينة، كان هناك اهتمام بتحديد الأوقات الدقيقة للصلاة ومواقع النجوم والأهلة، الأمر الذي كان له بالغ الأهمية في تحديد الأشهر الهجرية ومواسم الحج. لهذا نشأت أكاديميّات فلكية ذات مراصد مهمّة، درست الفلك وأخرجت فلكيّين مهمّين، كانت لهم الكلمة العلمية في عموم العالم الإسلامية.

    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى

    منطقة قطر كان لها تاريخ طويل في الملاحة البحرية، فتطوير تقنيات الملاحة البحرية وأساليب صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ. كان القطريّون يعتمدون على المعرفة العميقة بالتيارات البحرية والنجوم للإبحار والعودة إلى سواحلهم. ويعتمد العالم على خبرائهم لتطوير هذه العلوم. بالإضافة إلى صناعة السفن، إذ أنّ تطوير تقنيات بناء السفن الخشبية التي كانت تستخدم في الإبحار والتجارة، وهذا يشمل معرفة بالهندسة البحرية وتصميم السفن. وكانت في قطر والإمارات أكاديميّات مهمّة للهندسة البحرية بقيت حتى عهد استيلاء بريطانيا على الخليج العربية في القرن ١٩. وفي القرون الوسطى كانت الساحل الغربي للخليج العربية هو المصدر الأوّل للسفن في كل بلاد العالم.

    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى

    الإمارات، وخاصّة منطقة العين، كانت معروفة بنظام الري التقليدي: نظام الأفلاج: وهو نظام معقّد لتوزيع المياه يتألّف من قنوات تحت الأرض تنقل المياه من الآبار إلى المناطق الزراعية. هذا النظام يظهر معرفة متقدمة بالهيدرولوجيا وإدارة الموارد المائية. فضلاً على ذلك، يجدر الذكر أنّ البيئة الصحراوية والساحلية في الإمارات طورت معرفة خاصة في العديد من المجالات، مثل المعمار والبناء كتطوير تقنيات البناء المناسبة للظروف الصحراوية، مثل تقنيات التبريد الطبيعي واستخدام مواد البناء المحلية. وفي الزراعة والرعي كان تطوير أساليب زراعية معينة للتكيف مع البيئة القاحلة، مثل استخدام نظم الري المحورية وأساليب الزراعة الموسمية.

    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى

    من الجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة، تمّ الاهتمام بشكل متزايد في تلك المناطق بالحفاظ على التراث وتوثيق الإنجازات التاريخية. وقد شمل هذا إعادة بناء وصيانة الأفلاج والآثار التاريخية الأخرى، وكذلك دراسة التقاليد البحرية والصحراوية والأساليب التقليدية في الملاحة والزراعة والبناء.

    مع الرغم من أن هذه المناطق لم تكن مراكز علمية بارزة في العصور الوسطى بالمقارنة مع بعض المناطق الأخرى في العالم الإسلامي، إلا أنها كانت لها إسهامات مهمّة في مجالات مثل الملاحة البحرية وإدارة الموارد المائية والزراعة والبناء، والتي كانت تظهر التكيف مع البيئة المحلية والمعرفة العملية المتوارثة.

    بكلّ حال، يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج غرب الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أنّ بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب
    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.

  • الزراعة والتجارة والصناعة: أبرز منجزات الحضارات العربية القديمة

    الزراعة والتجارة والصناعة: أبرز منجزات الحضارات العربية القديمة

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أن بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.

  • الهُوِيَّة العربية بين الأصالة والمعاصرة

    الهُوِيَّة العربية بين الأصالة والمعاصرة

    لماذا يخجل العرب بالتصريح علناً بآثار حضارتهم العربية؟ ولماذا يستحي العربي عن القول أن هذه الآثار في بلاد العرب هي آثار أجداد العرب؟

    بينما نرى كارهي العرب وناكري الحضارة العربية، لا يستحون عن السرقة وعن القول بصوت مرتفع بأنّ آثار أجدادنا هي لأجدادهم، بل وينسبنها لخرافاتهم بكل وقاحة.

    يقول المثل: المال الداشر بيعلّم السرقة… ونحن دشّرنا آثار أجدادنا لغيرنا ليسرقها، لأننا نستحي عن القول بكل صراحة أنها آثار أجدادنا وأنها عربية، لأنّ أجدادنا، من نهر زرافشان إلى محيط الأطلس، عرب مثلنا.

    مسألة الخلط بين الهُوِيَّة العربية والحضارات القديمة مثل حضارة بلاد ما بين النهرين ومصر القديمة، لطالما شكلت تحدّيا كبيرا أمام فهمنا لتراثنا وهويتنا العربية. فالكثير منّا مازال يعتقد أنّ الآثار القديمة في بلاد العرب هي آثار لحضارات أخرى غير عربية، في حين الواقع أن تلك الحضارات كانت حضارات عربية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

    فهويّتنا العربية ليست وليدة الإسلام فحسب، بل سبقته بآلاف السنين. حيث عاش أجدادنا العرب على هذه الأرض وتركوا لنا إرثا حضاريا عظيما في مجالات عديدة. لكن الجهل بالتاريخ وعدم الثقة بالنفس وقلّة الجهود المبذولة في نشر الوعي، أدّت إلى طمس هذه الحقيقة لدى الكثيرين من شبابنا.

    علينا كعرب أن نستعيد ثقتنا من جديد من طريق تعزيز معرفتنا بتاريخنا الحضاري العريق، ونشر الوعي بأهمّية المحافظة على هويّتنا واعتزازنا بإرثنا الحضاري. يجب إدراج دراسة تاريخ الحضارة العربية بعمق في مناهجنا التعليمية، وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال، لنتعرّف على تراثنا ونفتخر به ونستفيد من الدروس والعبر في بناء حاضرنا ومستقبلنا.

    كما يجب محاربة الجهل والأفكار الخاطئة التي تشوه صورة حضارتنا العريقة. لن يتأتّى لنا ذلك إلا من طريق نشر التعليم والثقافة والإعلام. فالاعتزاز بهويّتنا وجذورنا العربية أينما كنّا، هو السبيل لاستعادة مكانتنا الحضارية وريادتنا في مجالات العلم والمعرفة. إن شاء الله ستزدهر أمتنا من جديد.

    المساحة ما بين هذه النُّقَط الحمراء جميعاً تحتوي على وجود عربي مستمر من 3500 سنة على الأقل.

    خريطة: المساحة ما بين هذه النُّقَط الحمراء جميعاً تحتوي على وجود عربي مستمر من 3500 سنة على الأقل.

    لحضارات المشرق العربي أثر وتأثير كبير على قارّات العالم القديم طوال الـ3500 سنة الماضية، وقد تجلّى ذلك في المجالات التالية:

    • العلوم والتكنولوجيا: كان المشرق العربي مهداً للعديد من الاختراعات والاكتشافات العلمية والتكنولوجية التي كان لها تأثير عميق على تطور الحضارات الإنسانية، ومن أبرز هذه الاختراعات والاكتشافات:
      • الكتابة: حيث كانت بلاد ما بين النهرين مهدًا لظهور الكتابة المسمارية، وهي أول نظام كتابة معروف في العالم.
      • الرياضيات: حيث كان البابليون بارعين في الرياضيات، وقد طوروا العديد من المفاهيم الرياضية الأساسية، مثل الجبر والهندسة.
      • الفلك: حيث كان البابليّون والمصريّون بارعين في الفلك، وقد طوروا العديد من المفاهيم الفلكية الأساسية، مثل التقويم.
      • الطب: حيث كان المصريّون بارعين في الطبّ، وقد طوّروا العديد من التقنيات الطبّية المتقدّمة، مثل الجراحة وعلاج الجروح.
    • الدين والفلسفة: كان المشرق العربي أيضاً مهداً للعديد من الأديان والفلسفات التي كان لها تأثير عميق على تطور الحضارات الإنسانية، ومن أبرز هذه الأديان والفلسفات:
      • اليهودية: حيث كانت اليهودية أول ديانة توحيدية في العالم، وقد ساهمت في تطوير العديد من المفاهيم الدينية والفلسفية الأساسية، مثل مفهوم الإله الواحد.
      • المسيحية: حيث نشأت المسيحية في المشرق العربي، وقد ساهمت في تطوير العديد من المفاهيم الدينية والفلسفية الأساسية، مثل مفهوم الثالوث.
      • الإسلام: حيث نشأ الإسلام في المشرق العربي، وقد ساهم في تطوير العديد من المفاهيم الدينية والفلسفية الأساسية، مثل مفهوم التوحيد.
    • الفنون والعمارة: كان المشرق العربي مهداً للعديد من الأشكال الفنية والمعمارية التي كان لها تأثير عميق على تطور الحضارات الإنسانية، ومن أبرز هذه الأشكال:
      • العمارة: حيث تميزت العمارة في المشرق العربي بأشكالها الرائعة، مثل الأهرامات المصرية والمدن البابلية.
      • الفنون التشكيلية: حيث تميزت الفنون التشكيلية في المشرق العربي بأشكالها المتنوعة، مثل اللّوحات المصرية وفسيفساء الفينيقيين.
      • الموسيقى: حيث تميزت الموسيقى في المشرق العربي بأشكالها المتنوعة، مثل الموسيقى العربية والموسيقى اليهودية المعاصرة.

    ومن الأمثلة على تأثير حضارات المشرق العربي على قارات العالم القديم:

    • انتشار الكتابة: انتشرت الكتابة المسمارية من بلاد ما بين النهرين إلى العديد من الحضارات الأخرى في العالم القديم، مثل الحضارة المصرية والحضارة الفينيقية.
    • التبادل التجاري: كان المشرق العربي مركزاً تجارياً مهمّاً في العالم القديم، ممّا أدّى إلى انتشار الأفكار والثقافات بين الحضارات المختلفة.
    • الغزوات العسكرية: شنت حضارات المشرق العربي العديد من الغزوات العسكرية على العديد من الحضارات الأخرى في العالم القديم، مما أدّى إلى انتشار ثقافاتها وتأثيراتها.

    عموماً، يمكن القول أنّ حضارات المشرق العربي كانت لها تأثير عميق وملموس على تطور الحضارات الإنسانية في جميع أنحاء العالم.

    برأيك، لماذا يستهدف الجميع الهويّة العربيّة؟ ويشتغلون على تزييفها؟

    تمنح الهويّة العربيّة الإنسان العربي شعوراً بالانتماء إلى مجتمعه ووطنه، وتجعله يشعر بالارتباط بتاريخه وحضارته، ممّا يعزّز من ثقته بنفسه وشعوره بالكرامة.

    وتساعد الهويّة العربيّة الإنسان العربيّ على التواصل مع الآخرين من أبناء ثقافته، ما يسهّل عليه التعبير عن نفسه وفهم الآخرين.

    وتمنح الهويّة العربيّة الإنسان العربي القدرة على الإبداع والابتكار، ممّا يساهم في تقدمه وازدهار حياته.

    يجب أن يتمّ تدريس التاريخ العربي والثقافة العربية بشكل سليم في المدارس والجامعات، حتّى يتمكّن الطلّاب من التعرّف على هويّتهم وتاريخهم بشكل صحيح. ويجب أن يحرص الإعلام العربي على نقل الصورة الصحيحة عن الهويّة العربيّة والتاريخ العربي، ومقاومة أيّ محاولات لتزييف هذه الصورة. ويجب أن يتمّ دعم الفنون والثقافات العربيّة، حتّى تتمكّن من الحفاظ على هويّتها وتميّزها.

    الحفاظ على الهويّة العربيّة والدفاع عن تاريخها ومقاومة تزويره، هو واجب كل إنسان عربيّ، فهو أمر لا يقل أهمّيّة عن الحفاظ على الأرض والوطن.

    العروبة في جوهرها قيم نبيلة وإنسانية سامية. العروبة هي حياة مشتركة قائمة على التعاون والتكافل بين أبناء الأمة الواحدة. وهي أخلاق سمحاء مستمدّة من تعاليم تراثنا الحنيف وآدابنا الراقية.

    والعروبة شهامة وشجاعة والتصاق بالأرض والدفاع عن الحقوق. كما أنّها تحضّر ورقي في العلم والفكر وسمو في الفن والأدب. والعروبة كرم وجود وبذل من غير حدود. لذلك يجب أن نتمسّك بعروبتنا ونعتز بها، ونسعى لتطويرها نحو الأفضل دائماً.

    أكثر العلوم التي أحبّها هي الفيزياء والتاريخ… الفيزياء أرشدتني إلى طريق فهم الحياة، والتاريخ جذبني إلى علوم الجغرافيا والسوسيولوجيا والإتيمولوجيا، وأكثر بكثير من علوم الأحياء…

    تعلّمت من دراسة التاريخ أنّ الثابتة الوحيدة في أيّ معرفة هي أنّها متغيرة. حتّى أكثر اليقينيّات رسوّا تنجرف كوريقة يابسة متى أزالها كشف جديد. وهذه حقيقة برهنتها فيزياء الكم.

    لذا وصلت إلى قناعة أنّ من أساسيات الإدراك: الإنكار. وإنكار البديهيّات هو أوّل الفتوحات المعرفيّة؛ وعماد اليقين. ولو أنّ الظاهر يبدو دائماً وكأنّ إنكار البديهيّات هادم لليقين. لكنّ اليقين هشّ وضعيف جداً إذا لم تدعمه عمدانٌ جذورها الإنكار. إذ أنّ الشكّ هو طريق اليقين.

    من دون فعل الشكّ لا نحصل على معرفة. إنّما نتّجه صوب الرسوب والتخامد، ولا منفعة للحياة من الرواسب.

    ومن باب المعرفة، أعتقد أنّ أبرز النِّقَاط والموضوعات التي يجب على شباب العرب مناقشتها باستمرار، في هذه المرحلة:

    • الاعتزاز باللغة العربية وأهمّية المحافظة عليها
    • التاريخ والتراث والثقافة العربية المشتركة
    • العلاقة بين العروبة والإسلام
    • قيم الكرم والتسامح والتضامن الاجتماعي
    • الوحدة العربية والتحدّيات التي تواجهها
    • انتقادات لفكرة القومية العربية
    • الهُوِيَّة العربية في مواجهة التغريب

    ويمكن تحقيق ذلك من طريق التركيز على:

    • تأكيد أهمّية المحافظة على الهُوِيَّة والتاريخ العربي في مواجهة محاولات التشويه أو التزييف.
    • ضرورة تصحيح مسار تدريس التاريخ والثقافة العربية في المناهج التعليمية، بعيدًا عن الأفكار المغلوطة.
    • دور الإعلام في نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الهُوِيَّة، ومقاومة محاولات تزييفها.
    • أهمّية دعم الثقافة والفنون العربية لتعزيز الانتماء الحضاري.
    • ضرورة غرس قيم الانتماء الوطني والدفاع عن الهُوِيَّة لدى الأجيال الجديدة.
    • التأكيد على أن الاعتزاز بالتاريخ والإرث الحضاري لا يتنافى مع التقدم والازدهار.

    تعدّ الهُوِيَّة العربية من الموضوعات الشائكة والمعقدة التي لا تزال تثير جدلاً واسعاً بين المثقفين والمفكرين العرب. فالبعض يرى أن الهُوِيَّة العربية ثابتة وراسخة، في حين يرى آخرون أنها مهددة ومنقوصة. وتنبع هذه الاختلافات من وجهات نظر متباينة حول التاريخ والحضارة والثقافة العربية.

    فمن جهة، هناك من ينظر إلى الماضي العربي القديم بعين الإعجاب والتقدير، حيث كانت الحضارة العربية الإسلامية رائدة في مجالات عديدة كالعلوم والفنون والآداب، وانتشرت اللغة العربية والثقافة العربية في أصقاع الأرض. لكن من جهة أخرى، يرى البعض الآخر أن هذا الماضي بالكاد يمثل الواقع الحالي للعرب، إذ تراجعت مكانتهم ودورهم الحضاري، وأصبحوا يعانون من تخلف سياسي واقتصادي وثقافي.

    وقد أدت هذه الازدواجية في نظرة العرب إلى أنفسهم وتاريخهم إلى إشكاليات كثيرة في تحديد معالم الهُوِيَّة العربية المعاصرة. فالبعض ينادي بالتمسك الحرفي بالتراث ورفض الانفتاح على الثقافات الأخرى، في حين يدعو آخرون إلى الانصهار الكامل في الحداثة الغربية والتخلي عن كل ما هو عربي تقليدي.

    والحقيقة أن كلا الموقفين يفتقر إلى التوازن. فالمطلوب هو الجمع بين الاعتزاز بتراثنا وهويتنا العربية من جهة، وبين الانفتاح على الثقافات الأخرى واستيعاب التقدم العلمي والتكنولوجي من جهة أخرى. إننا بحاجة إلى نهج وسطي متزن يراعي خصوصيتنا الحضارية مع السعي نحو التجديد والإبداع، نهج يوفق بين الأصالة والمعاصرة، فنأخذ من تراثنا وثقافتنا ما يعزز هويتنا، ونتفاعل مع الآخرين بما يخدم مصالحنا ويحقق طموحاتنا.

    في النهاية، الهُوِيَّة العربية ليست شيئًا جامدًا بل هي حالة من التفاعل المستمر مع تراكمات الماضي وتطلعات الحاضر والمستقبل. وما دمنا نؤمن بأنفسنا ونعتز بانتمائنا، فإننا قادرون على تجاوز أزمات الهُوِيَّة وبناء مستقبل عربي أفضل يواكب التقدم والازدهار البشري.

  • الهُوِيَّة العربية والإسلامية: تأمّلات الشباب العربي

    الهُوِيَّة العربية والإسلامية: تأمّلات الشباب العربي

    زغبتُ الأحبّة المتابعين على فيٓسبوك في استطلاع رأي دام ثلاث أيّام. وبواسطته تحقّقت من آراء شباب مجتمعنا العربي المتنوّع، باستطلاع آراء عيّنة شملت أكثر من ٣٠٠ شخص. أغلب العينة ذكور، من جيل ما بين ٢٥-٣٥ سنة، من مختلف البلاد العربية، والأغلبية الساحقة أظهرت عدم رضى عن الحدود السياسية الحالية لبلادهم.

    قدّمتُ خارطة غير دوليّة، ملوّنة، مجرّدة من أيّ تصنيفات وعناوين، وكان المُلفت أنّ أغلب المعلّقين تعامل مع الخارطة على أنّها تمثيل للدولة الإسلامية في عهدها الذهبي. وفي المجمل، تعكس التعليقات مجموعة متنوّعة من الردود والآراء في الخريطة، بدءًا من الاستحسان والرغبة في التغيير، إلى النقد التاريخي والجغرافي، وصولاً إلى التشكيك في الدقّة والذهاب إلى السلبية.

    خارطة غير دوليّة، ملوّنة، مجرّدة من أيّ تصنيفات وعناوين
    خارطة غير دوليّة، ملوّنة، مجرّدة من أيّ تصنيفات وعناوين

    عمومًا يمكن تلخيص الآراء كما يلي:

    1. رغبة في التغيير والوحدة: بعض المعلّقين أبدوا إعجابهم بالخريطة وقدّموا تعليقات إيجابية تّجاهها، معبّرين عن رغبتهم في رؤية تحقيق هذه الرؤية أو الخارطة، في حين أبدى آخرون رغبتهم في الوحدة.
    2. النقد التاريخي والجغرافي: العديد من التعليقات تناولت الجوانب التاريخية والجغرافية للخريطة. بعض المعلّقين ناقشوا الأماكن التي سيطر عليها العرب أو المسلمين تاريخياً. كما أشار بعضهم إلى أنّ الخريطة تفتقد لبعض المناطق التي كانت جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية في فترات معينة من التاريخ.
    3. الشكوك حول الدقّة والتحقّق: بعض المعلّقين استفسروا حول دقّة الخريطة وما إذا كانت تعكس بشكل صحيح التاريخ أو الواقع الجغرافي. كانت هناك بعض الاعتراضات حول تقسيم بعض المناطق أو الدول.
    4. التعليقات السلبية: بعض المعلّقين أبدوا تعليقات سلبية حول الخريطة، معتبرين أنّها غير واقعية أو أنّها قد تسبّب المزيد من التوتّرات السياسية أو الجغرافية. ومن هؤلاء كان القوميّون الكرد والقوميّون المصريّون، والوطنيّون المتمسّكون بالأنظمة الحاكمة في بلادهم.

    وبشكل تفصيلي آخر:

    • – بعض المعلّقين أبدى إعجابه بالخريطة ووصفها بالجميلة والمنطقية وأنها تمثّل حلمهم.
    • – البعض الآخر انتقد عدم دقّة الخريطة حَسَبَ رأيهم، مثل عدم ضم سيناء لمصر أو ضم مكة والمدينة لليمن.
    • – هناك من طالب بإضافة مناطق غرب أفريقيا وجنوب شرق آسيا للخريطة.
    • – بعض التعليقات تحدّثت عن الخلافات التاريخية بين مناطق الشام والعراق ومن يملك أحقّيّة كل منطقة.
    • – عدّة تعليقات ذكرت أنّ المهمّ ليس مساحة الأرض بل نوع الحكم والحرّية التي يتمتّع بها الشعب.
    • – تعليقات أخرى تحدّثت عن أهمّية الوحدة الإسلامية بغض النظر عن الحدود الجغرافية.
    • – وكان هناك بعض التعليقات المعارضة تماماً لفكرة الخريطة أصلاً.

    عمومًا، نرى تباين واختلاف كبير في وجهات النظر حول هذا الموضوع الحساس. وبناءً على تحليل التعليقات، أقدّر النسب المئوية لكل فئة من فئات المعلقين كالتالي:

    نتيجة استطلاع إعادة تخطيط الحدود
    نتيجة استطلاع إعادة تخطيط الحدود
    • – المؤيدون للخريطة والفكرة: حوالي 25%
    • – المنتقدون لعدم دقة الخريطة: حوالي 15%
    • – المتحدّثون عن الخلافات التاريخية: حوالي 15%
    • – الداعون للوحدة الإسلامية: حوالي 15%
    • – المطالبون بإضافة مناطق: حوالي 10%
    • – المهتمّون بنوع الحكم أكثر من الحدود: حوالي 10%
    • – المعارضون تماماً: حوالي 10%

    في الختام، يمكن القول أنّ تباين الآراء في الخارطة المقدّمة يعكس التنوّع الكبير والتعقيد في الثقافة والهوية العربية والإسلامية. يُظهر استطلاع الرأي هذا أنّ الكثير من المتابعين لديهم أفكار وآراء مختلفة في الحدود السياسية والجغرافية، وما يمثلها تاريخياً وعلى الواقع. من الواضح أنّ هناك رغبة في التغيير وفي الوحدة بين بعض الشباب العرب، في حين يركز البعض الآخر على الجوانب التاريخية والجغرافية.

    هذا الاختلاف في الآراء يبرز التحديات التي تواجهها الفكرة العمومية للوحدة العربية أو الإسلامية، ويوضح الحاجة لمزيد من الحوار والمناقشة حول هذه القضايا. وفي ضوء هذه النتائج، يتعيّن علينا أن نعترف بأنّ الطريق نحو الوحدة والتغيير ليس سهلاً، وأنّه يتطلب تفهّماً وتقديراً أعمق لتعقيدات التاريخ والجغرافيا والهوية الثقافية. وفي النهاية، يجب أن نتذكّر دائماً أنّ الأهمّ من الحدود الجغرافية هو الحرّية والعدالة والرفاهية لجميع الشعوب، بغضّ النظر عن اسم المكان الذي يعيشون فيه.

  • الكتاب المقدّس للرومانسية الأوروپية، كتاب عربي

    الكتاب المقدّس للرومانسية الأوروپية، كتاب عربي

    في القرن 11 عاش ابن حزم الأندلسي، وهو نبيّ الحبّ الأوروپي؛ في نظر الكثيرين من منظّري ونقّاد الأدب الأوروپي من مرحلة الثورة الصناعية. 

    وابن حزم هو {أَبُو مُحَمَّدْ عَلِي بْنْ أَحْمَدْ بْنْ سَعِيدْ بْنْ حَزْمِ بْنْ غَالِبِ بْنْ صَالِحِ بْنْ خَلَّفَ بْنْ مُعَدَّانِ بْنْ سُفْيَانْ بْنْ يَزِيدَ اَلْأَنْدَلُسِيُّ اَلْقُرْطُبِيُّ}. وعليّ هذا أنتج سنة 1022 كتاباً سمّاه {طوق الحمامة في الأُلفَةِ والأُلَّاف}، وفي القرن 13 تُرجم الكتاب باللّغة اللاتينية، ونُشر تحت اسم De amore libri tres أي ثلاث كتب عن الحبّ. مع إغفال اسم المؤلّف الأصلي. وصار الكتاب فعلاً بمنزلة كتابة الحبّ المقدّس.

    كان كتاب De amore libri tres لابن حزم مؤثرًا في أوروپا الغربية خلال العصور الوسطى. إذ كان يُقرأ على نطاق واسع من قبل الفلاسفة واللاهوتيّين والمؤلّفين والكتّاب، وحضّت الكنائس (الجديدة) على قراءته ومناقشة محتوياته في حلَقات خاصّة، عارضتها الكنيسة الكاثوليكية التقليدية. وكان الكتاب أيضًا مؤثرًا في الأدب الرومانسي الأوروپي. حتّى تمّ اقتباس العديد من أفكار ابن حزم في الأعمال الأدبية الرومانسية، مثل Tristan und Isolde و Roman de la Rose. 

    بعد تَرْجَمَة الكتاب إلى اللاتينيّة أُغفل اسم المؤلّف الأصلي {ابن حزم} وتمّ تغييره إلى الموهامّيتانُس Al-Mohammetanus أي “المسلم”. هذا التغيير في الاسم كان ناتجًا عن التحيّزات الدينيّة في أوروپا الغربية خلال العصور الوسطى. إذ كان يُنظر إلى المسلمين على أنّهم أعداء للمسيحيّة، لذلك كان من غير اللائق أن يُنسب عمل إلى اسم مسلم صريح. لكن، طالمَا حاربت الكنيسة الغربية التقليدية أفكار الكتاب فكانت نسبة الكتاب إلى الموهامّيتانُس “المسلم” وسيلة لتجنّب إثارة الجدل أو الإدانة، طالمَا أنّ الكثير من الأدباء استعملوا طريقة نقد الكتاب كرسائل معكوسة لتمرير أفكاره إلى المجتمع.

    ارتبط اسم الموهامّيتانُس بكتاب De amore libri tres في أوروپا الغربية خلال العصور الوسطى مع تغييب اسم ابن حزم. وظلّ هذا الاسم حتى القرن 17. إذ، اكتُشفت التَّرْجَمَةً اللاتينية الأصلية لكتاب ابن حزم وعليها اسمه في المكتبة البابوية في الفاتيكان سنة 1606. وكانت محفوظة فيها منذ القرن 13، وتمّ نسخها ثمّ نُشرت وسرعان ما أصبحت واحدة من أكثر الأعمال الأدبية شعبيّة في أوروپا الغربية. وترجمت عن اللّاتينية مرّة أخرى إلى العديد من اللّغات الأوروپية باسم “طوق الحمامة”.

    سنة 1931 اكتُشفت النسخة العربية الأصلية من كتاب ابن حزم {طوق الحمامة} في مدينة فاس في المملكة المغربية. كانت المخطوطة في حالة سيئة للغاية، وجرى ترميمها ونشرها في عام 1933. ثمّ، سنة 1951 نُشرت أوّل تَرْجَمَة إلى الإنگليزية مباشرة عن العربية. النسخة العربية الأصلية من كتاب ابن حزم هي مصدر قيّم للأدب العربي والتاريخ الإسلامي. لأنّها تقدّم نظرة ثاقبة للحياة في الأندلس في القرن 11، كما أنّها تكشف عن عبقرية ابن حزم كمؤلّف وعالم.

    كتاب “طوق الحمامة” مرجع هام في الأدب العربي ودراسة الحبّ. يمكن لكلّ شخص مهتم بالأدب أو الحبّ أو التاريخ الثقافي أن يجد فيه مادّة ثرية للتفكّر والاستمتاع. وكان له تأثير كبير على الأدب الأوروپي، خاصّة في العصور الوسطى وبعدها. حيث جرت ترجمته إلى العديد من اللّغات الأوروپية، بما في ذلك اللاتينية والإسپانية والفرنسية والإنگليزية.

    الكتاب يتضمّن العديد من الأفكار والمبادئ التي جرت الاستفادة منها في الأدب الرومانسي الأوروپي. فقد استكشف ابن حزم العديد من الأشكال المختلفة للحبّ، وهذا أمر مشترك مع الأدب الرومانسي الذي يركّز على العلاقات العاطفية بين الأفراد. ببساطة، نشأت الفكرة الرومانسية في الحبّ استناداً على كتاب {طوق الحمامة في الأُلفَةِ والأُلَّاف} لابن حزم الأندلسي، وخرج عنها الأدب الأوروپي الرومانسي كلّه.

    بل والأهم من ذلك، أعطى “طوق الحمامة” لغة وأسلوبًا للتعبير عن الحبّ والعاطفة، وهو ما كان يفتقر إليه الأدب الأوروپي في ذلك الوقت. فالعديد من مفاهيم الحبّ والغرام التي تمّ التعبير عنها في “طوق الحمامة” وجدت طريقها إلى الأدب الأوروپي، وتبقى جزءًا من الأدب الغربي حتى اليوم. ويمكن القول إنّ “طوق الحمامة” ساهم بشكل كبير في تطوّر الفكر الأوروپي، وأثّر على الطريقة التي يفكّر بها الأوروپيّون ويتحدّث بها عن الحبّ في الثقافة الغربية.

    في الختام، نكتشف من قصّة “طوق الحمامة” لابن حزم التأثير العميق وبعيد المدى للحضارة العربية على الثقافة الأوروپية. ومن خلال هذا العمل، نرى كيف تمكّنت الأفكار والمفاهيم العربيّة من التأثير في التفكير الأوروپي وتشكيله، خاصّة فيمَا يتعلّق بالحبّ والرومانسية. فـ”طوق الحمامة” هو دليل حيّ على القيمة والأهمّية الثقافية للحضارة العربية، وكيف أثّرت بشكل ملموس على حركة الرومانسية في أوروپا. بواسطة الشعر العربي والنثر، تمكّن ابن حزم من إعطاء الأوروپيين لغة وأسلوبًا جديدين للتعبير عن الحبّ والعاطفة، شيء كان يفتقر إليه الأدب الأوروپي في ذلك الوقت.

    ومع ذلك، فإنّ التاريخ الطويل للحضارة العربيّة في مجال التأثير على العالم الأوروپي لا يقتصر على الأدب فحسب. بل يمتدّ ليشمل العلوم، والفلسفة، والرياضيات، والفنون، في حين تستمرّ المساهمات العربية في تشكيل الثقافة الأوروپية حتى اليوم. وفي النهاية، يجب أن نذكر أنّ الحضارة العربية، مثلها مثل أيّ حضارة أخرى، تشكّل جزءًا أساسيًا من التراث الإنساني. والقصّة المحيطة بابن حزم و”طوق الحمامة” تعدّ تذكيرًا قويًّا بأنّ الثقافات والأفكار تتداخل وتتبادل التأثير، وتتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية. ومن هذا المنطلق، يتحتّم علينا احترام وتقدير للتأثيرات المتعدّدة التي تشكّل ثقافتنا العالمية المشتركة.

    يمكنك قراءة وتنزيل كتاب {طوق الحمامة في الأُلفَةِ والأُلَّاف} لعليّ بن حزم الأندلسي مجاناً من موقع مؤسّسة هنداوي من هنا.

    مراجع ومصادر

    1. ابن حزم الأندلسي، “طوق الحمامة في الألفة والألفاظ”، تحقيق/تَرْجَمَة د. إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1983.
    2. محمود علي مكي، “ابن حزم وأثره في الأدب الأوروبي”، دار النفائس، بيروت، لبنان، 1997.
    3. “ديوان الحب الأندلسي”، تحقيق د. لويس گارثيا لاريا، مدريد، إسبانيا، 2001.
    4. ماريا روزا منوكال، “الحبّ العربي: كيف أثر العرب على الثقافة الأوروبية”، مِطْبَعَة جامعة هارڤارد، الولايات المتحدة الأمريكية، 2003.
    5. جون تولان، “أوروبا والإسلام: تاريخ التفاعلات المتبادلة”، مِطْبَعَة جامعة برينستون، الولايات المتحدة الأمريكية، 2002.
    6. إيميليو گارثيا غوميز، “ابن حزم وتراثه في الأدب الإسباني”، مدريد، إسپانيا، 1977.
    7. “التراث الأندلسي وأثره في الأدب الغربي”، تحقيق د. أنطونيو گونزاليس بالنسيا، مِطْبَعَة جامعة غرناطة، إسبانيا، 1990.
    8. “ابن حزم الأندلسي: دراسة تحليلية لكتاب طوق الحمامة”، تأليف د. نزار أباظة، دار الشروق، القاهرة، مصر، 2005.
  • مي، الربّة العربية العظيمة للإمبراطورية الرومانية

    مي، الربّة العربية العظيمة للإمبراطورية الرومانية

    English edition here

    في العصور القديمة، كان اسم مدينة إيميسا (الآن تعرف باسم حمص في سوريا) مرتبطاً بإلهة أو إله الشمس يدعى “مي”. كانت هذه الإلهة معروفة بأنها إلهة حامية لإيميسا، وكانت تعتبر تجسيداً للشمس.

    وفقاً للمصادر القديمة، كانت “مي” إلهة عربية محلية تُعبد بشكل رئيس في مدينة إيميسا والمنطقة المحيطة بها. وكانت غالباً ما تصوَّر على أنها شخصية أنثوية لها سمات شمسية، مثل تاج من الأشعة أو قرص يمثل الشمس. وفي بعض المجتمعات، كانت “مي” مرتبطة أيضاً بالقمر باسم “مه” وكانت تُعبد كإلهة قمرية أيضاً في ماده (القمريّة) في عراق عجم.

    كانت “مي” إلهة مهمة في الحياة الدينية لإيميسا، وكانت عبادتها مرتبطة بشكل وثيق بالهوية السياسية والاجتماعية للمدينة. وكان يعتقد أنها تحمي المدينة وسكانها، وكان يدعم عبادتها شبكة من الكهنة والكاهنات الذين يؤدون شعائرًا وتضحياتٍ في شرفها.

    مع مرور الوقت، انتشرت عبادة “مي” خارج إيميسا إلى أجزاء أخرى من الإمبراطورية الرومانية، وكانت في بعض الأحيان تُجسّد كإلهة إيزيس أو الإلهة الإغريقية آرتيميس. ومع ذلك، كانت ارتباطاتها الأساسية دائماً بالشمس والتقاليد المحلية لإيميسا.

    وكان يكتب اسم إلهة الشمس “مي” بالعديد من اللّغات القديمة حسب الفترة الزمنية والسياق الثقافي. وفيما يلي بعض الأمثلة:

    1. الآرامية: كان اللّغة المُتحدّثة في إيميسا خلال عصر إلهة “مي” الآرامية، وكان اسم الإلهة في هذه اللغة سيكتب كما يلي: ما أو مء “מא” (ميم-أليف)، وهي كلمة آرامية تعني “الماء”. ويمكن مقارنة ذلك باللغة العربية “مَيّه” و “ماي” و “ماء”.

    2. الإغريقية: كان غالباً ما يتم تهجئة اسم إلهة “مي” في اللغة الإغريقية على شكل “Μα” (ما)، وهي المعادلة اليونانية للآرامية “מא”.

    3. اللاتينية: كان اسم الإلهة “مي” مسجلاً أيضًا في المصادر اللاتينية، حيث كان يتم كتابته على هيئة “Maia” أو “Maja” أو “Maiestas”. وكان من المرجح أن تكون هذه الأشكال اللاتينية للاسم متأثرة بإلهة الرومانية “مايا” التي كان لها ارتباط أيضاً بالشمس.

    4. المصرية القديمة: تذكر بعض المصادر القديمة المصرية الإلهة “مي”، التي كانت معروفة أيضاً باسم “سيدة إيميسا”. وفي الصُوريّة (الهيروگليفية) المصرية، كان يتم كتابة اسمها على شكل “m3″، وهي تشكيلة صوتية للآرامية “מא”.

    يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه الأشكال الإملائية والنطق قد تختلف اعتمادًا على الفترة الزمنية والسياق الثقافي، وأن الإلهة “مي” قد تكون معروفة بأسماء وألقاب مختلفة في اللّغات والمناطق الأخرى.

    بإمكانك الاطّلاع على بعض المراجع التي تناولت الإلهة “مي” وتاريخ مدينة إيميسا، وهي على النحو التالي:

    • – “The Gods of Roman Syria: Divine Politics and Identity in the Eastern Mediterranean” لـ Ted Kaizer وجون دارك، الناشر: BRILL، 2009.
    • – “The Oxford Handbook of Roman Syria”، الناشر: Oxford University Press، 2011.
    • – “The Religion of the Nabataeans: A Conspectus” لـ Peter Alpass، الناشر: Brill، 2013.
    • – “Syria: A Historical and Architectural Guide” لـ Warwick Ball، الناشر: Interlink Books، 2011.
    • – “The Encyclopedia of Ancient History” لـ Roger S. Bagnall وغيره، الناشر: Wiley-Blackwell، 2012.

    هذه المراجع تشمل معلومات حول الإلهة “مي”، وتاريخ مدينة إيميسا، وتاريخ سوريا الرومانية عمومًا. يمكنك العثور على هذه الكتب في مكتبات الجامعات أو المكتبات العامة.

  • حكاية أوّل تَرْجَمَة تركيّة كاملة للقرآن الكريم

    حكاية أوّل تَرْجَمَة تركيّة كاملة للقرآن الكريم

    صانع الفكر الإسلامي الاجتماعي الأوزبكستاني المعاصر، من عرب قازاقستان، ومن رموز النضال القومي التركستاني في المهجر.

    قبل سنة 1956 لم يعرف أتراك تركستان قرآن بغير اللّغة العربيّة، وكان على مسلمي إمارة بخارى والدول المحيطة تعلّم اللّغة العربيّة إذا أرادوا قراءة القرآن. وفعلاً، كان التعليم في الطفولة يبدأ بتعلّم قراءة القرآن باللّغة العربيّة، ثمّ ينتقل الطالب إلى المدارس بتخصّصات مختلفة. وهكذا، كان يندر أن تجد في بلاد تركستان (وبالأخص أوزبكستان) شخصاً لا يفهم العربيّة، سواء أكانت لغة بيته هي التركيّة أو الفارسيّة أو غيرها. وهي حالة تشبه علاقتنا اليوم باللّغة الإنگليزيّة. لكن، مع إضفاء لمسة القدسيّة على تداول العربيّة.

    بعد أن احتلّ الروس إمارة بخارى سنة 1917 غيّروا اسمها إلى تركستان الروسيّة (تمييزاً عن تركستان الصينيّة)، ثمّ إلى تركستان السوڤيتيّة (جمهوريّة بخارى الشعبيّة السوڤيتيّة) ثمّ قسّمنها خمس دول. واجتهد البلاشفة من عهدهم الأوّل في منع تعليم اللّغة العربيّة والتضييق عليها، حتّى وصلت الأمور في بعض الأحيان إلى هدم البيت الذي يُعثر فيه على كتب تعليم اللّغة أو الخطّ العربيّ. وكانت بعض القرى قد حافظت على مدارس سرّيّة لتعليم لغة القرآن في أقبية أو جدران البيوت الريفيّة. 

    وبهذا التضييق نشأت أجيال من المسلمين الأتراك بعيدة عن القرآن ونصوصه، فالمصاحف في بيوتهم باللّغة العربيّة وتعليمها ممنوع. هذا إلى جانب حرمان الجالية البخارية التركستانية في البلاد غير العربية من تعلّم اللّغة العربيّة في مدارسها، فصاروا في عزلة تراثيّة عن معتقدات آبائهم وعادات مجتمعاتهم البخاريّة.

    لحلّ هذه المشكلة قام السيّد {محمود بن نذير الطرازي الحسيني المدني} بترجمة القرآن إلى اللّغة التركستانيّة (الأوزبكيّة) وطبع النسخة الأولى منها سنة 1956 في مومباي في الهند في ستّ مجلّدات، لمصلحة الجالية البخاريّة في هذا البلد، وهرّبها إلى تركستان. وتضمّنت التَّرْجَمَةً كذلك ترجمة التفسير (الحواشي). ثمّ طبع منه نسخ إضافيّة في كراتشي وفي المدينة المنوّرة وفي جدّة وفي الدوحة وفي إسطنبول. وكان يعمل على تسريب هذه الطبعات إلى تركستان بواسطة إهدائها إلى شخصيّات دينيّة وإلى مستشرقين روس وأوزبك من جمهورية أوزبكستان الاشتراكيّة السوڤيتيّة.

    غلاف طبعة بومبي في الهند للقرآن الكريم مترجم ومحشّى باللغة التركستانية
    غلاف طبعة بومبي في الهند للقرآن الكريم مترجم ومحشّى باللغة التركستانية

    وعلى الرغم من الملاحقة الجنائيّة لتوزيع مطبوعات الطرازي في دول تركستان، لوجودها الممنوع في البلاد، غير أنّ تَرْجَمَة القرآن التي كتبها الطرازي صارت تظهر ومن بداية ثمانينيّات القرن 20 بشكل غير قانوني في أسواق الجمعة في قوقند وطشقند وسمرقند وبخارى، وخاصّة الجزء الثلاثين من القرآن. وكانت على أجزاء بسبب ارتفاع كلفة النسخة الكاملة من المصحف الشريف في العهد السوڤييتي. ثمّ سنة 1991 احتفل الأوزبك باستقلالهم عن الاتّحاد السوڤييتي بتوزيع نسخ مجّانية بالآلاف من تَرْجَمَة الطرازي للقرآن الكريم وغيرها من الكتب الإسلاميّة. ورُفع حظر التداول عنها بشكل قانوني سنة 1993 فصارت تملأ البازارات بشكل علني. (~فيليپ خُسنُتدينڤ (حسن الدين)، طالب دكتوراه في معهد البيروني للدراسات الشرقي في طشقند، أوزبكستان).

    بعد أن أتمّ تَرْجَمَة القرآن إلى التركستانية (الأوزبكيّة) ترجم العديد من الكتب الإسلاميّة العربيّة إلى التركستانية كذلك، وألّف العديد من الكتب بالتركستانيّة والفارسيّة؛ التي كان منها كتاب {حالات مسمانان ترکستان بعد از انقلاب بولشویکان 1918م} أي تركستان للتركستانيّين بعد الثورة الشيوعيّة  1918م. وكانت مجموعة منشورات تدعوا إلى الثورة على الحكم الشيوعي السوڤييتي وإسقاطه. ولهذه الغاية أقام فترة في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، حين تأسّست الإدارة الدينيّة للجنة الوحدة القوميّة التركستانيّة فيها، وعيّنته المفتي الأكبر للتركستان القوميّة. ولجنة الوحدة القوميّة التركستانيّة كانت منظمة تركستانيّة (بخاريّة) تناضل لأجل تركستان موحّدة، حرّة من الاحتلال السوڤييتي، وتنادي العالم الإسلامي لدعم هذا النضال.

    قامت دار الإيمان بصناعة نسخة حديثة وقامت مكتبة الوقفية التابعة لمكتب الروضة للدعوة والإرشاد بالرياض بتصويرها، ويمكن سحبها كاملة من هنا  

    قامت دار الإيمان بصناعة نسخة حديثة وقامت مكتبة الوقفية التابعة لمكتب الروضة للدعوة والإرشاد بالرياض بتصويرها، ويمكن سحبها كاملة من هنا  

    وكان مئات الآلاف من التركستانيّين قد نزحوا عن بلادهم إلى الشرق الأوسط، ما بين سنوات 1917-1922، ونشأت منهم جاليات ملحوظة في پاكستان والهند وتركيا والحجاز وفلسطين وعموم بلاد الشام. ومن هؤلاء كان السيّد {محمود بن نذير الطرازي الحسيني المدني}، أحد عرب تركستان، الذي نزح بداية إلى بومباي. وكان السيّد محمود الطرازي قد وُلد حوالي سنة 1895 في مدينة {أوليا آته} (عرش الأولياء) العربيّة، وهي اليوم جَنُوب قازاقستان. وتوفّى سنة 1991 في المدينة المنوّرة.

    صورة مرمّمة للسيّد {محمود بن نذير الطرازي الحسيني المدني} التركستاني
    صورة مرمّمة للسيّد {محمود بن نذير الطرازي الحسيني المدني} التركستاني

    ومن نسب السيّد {محمود بن نذير الطرازي الحسيني المدني} نجد في مصر الأستاذ الدكتور {نصر الله مبشّر الطرازي الحسيني} خبير المخطوطات بدار الكتب المصريّة وأستاذ اللّغات الشرقية بالجامعات المصريّة. وهو ابن الخطيب {مبشّر الطرازي الحسيني المدني} الذي أعاد طابا لمصر، ودرّس العديد من الأجيال المصريّة قبل وفاته سنة 1977. وكان قد شكّل في شبابه اتّحاد الطلبة التركستانيّين سنة 1917 في مقاومة للأنشطة الشيوعيّة في البلد. ثمّ اعتقلته موسكو وصادرت مؤلّفاته التركيّة والفارسيّة والعربيّة وسجنته لعدّة سنوات. وخرج واستمرّ في أنشطة المقاومة حتّى سنة 1949 حين انتقل للإقامة في المملكة المصريّة، بعد أن دعاه الملك فاروق، ثمّ منحه جمال عبد الناصر الجنسيّة المصريّة لكثرة أفضاله في مصر، ولم يزل أولاده إلى اليوم من مواطنيّ الجمهوريّة المصريّة، ومنهم الدكتور {نصر الله الطرازي}.

  • الخوارزميات علم عربي والخوارزمي عربي

    الخوارزميات علم عربي والخوارزمي عربي

    باستمرار يدّعي اللاعربيّون بأنّ أعظم علماء الحساب، الخوارزمي، تركي أو فارسي وغير عربي. وينسبنه إلى أوزبكستان… أنا من أوزبكستان ويشرّفني أنّ يحمل الخوارزمي اسم خيوة إحدى مدن أوزبكستان، لكن الرجل ليس من عندنا، إنما هو عراقي بغدادي.

    {أبو عَبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى الخَوارِزمي} ويكنّى كذلك بأبو جعفر، وُلد في بغداد سنة 781. أبوه موسى وُلد كذلك في بغداد، وكان أبو موسى (أي جدّ الخَوارِزمي وربّما جدّ أبيه) قد هاجر إلى بغداد من خيوة لما كانت تدير ولاية عبّاسيّة اسمها خوارزم (چوارزميا) 𐬓𐬁𐬌𐬭𐬌𐬰𐬆𐬨. وكما أسلفت، الخوارزمي بغدادي، ولد في بغداد ونشأ فيها ودرس فيها واشتغل فيها، وصعد في المراتب حتى عيّنه المأمون أمينا (رئيساً) للمكتبة العبّاسيّة الوطنيّة. ثمّ صعد منها لرئاسة جامعة دار الحكمة سنة 813 وبقي في منصبه هذا حتى سنة 833. كل ما أنجزه الخوارزمي عربي عراقي 100٪ وخرج عن أهمّ جامعات عصرها. دار الحكمة في بغداد.

    في سوريا وفلسطين والأردن اليوم الكثير من البخاريّين الذين يحملون لقب البخاري. هاجر أجدادهم إلى الشام قبل مئة ومئتين وثلاث مئة سنة… من وصل جدّه منهم إلى الشام في القرن 17 أو 18 وهو اليوم لا يتحدّث التركية ولا يستعمل غير العربيّة. هل يجوز أن يقال فيه اليوم أنّه أوزبكي غير شامي أو غير عربي؟ فقط لأنّه يحمل لقب بخاري! لا، هذا لا يجوز. ومحمّد الخوارزمي مثلهم، حمل لقب الخوارزمي لكنّه عراقي بغدادي، لم يعرف في حياته غير بغداد، وما اشتغل في غيرها.

    {مُحَمَّد الخَوارِزمي} أبدع علم الجبر، وبدأ ما نسمّيه اليوم بالخوارزميّات Algorismus، وهي التي تسيّر كل الأجهزة الذكيّة في كلّ مكان. وهي التي أعاد {أبو الحسن أحمد بن ابراهيم الإقليدسي} تطويرها في دمشق بعد ثلاث قرون وصنعها بشكلها المعاصر، وهو من سمّاها بالخوارزميّات، بالمناسبة. ويبقى هذا إبداع عراقي ومن حقّ العراق والعرب جميعاً الفخر به.

    يمكن تنزيل كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي لمن أحبّ قراءته من هنا

    أوزبكستان فخورة بهذا الرجل العراقي بالطبع، وخيوة فخورة بأنّه حمل اسم بلدها، لكنّه عراقيّ من بغداد. وهذا تمثاله العملاق على مدخل قلعة إچان في مدينة خيوة في أوزبكستان، حيث كُتب الأبِسْتاق أوّل مرّة، وحيث عاش زرادشت.

    تمثال الخوارزمي على مدخل قلعة إچان في مدينة خيوة في أوزبكستان
    تمثال الخوارزمي على مدخل قلعة إچان في مدينة خيوة في أوزبكستان

    {أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري} ولأنّه كان ربّما يكره الخوارزمي سمّاه في تدويناته: {محمد بن موسى الخوارزميّ المجوسيّ القطربّليّ}… إهانة له بأنّه من قطربل (قطرب) بالقرب من بغداد وليس من بغداد نفسها. وبأنّه مجوسي غير مسلم. لكن، ما سجّله الخوارزمي في مقدّمة كتابه {الجبر} يُظهر بوضوح أنّه كان مسلماً ملتزماً على عقيدة بغداد والخلافة العبّاسيّة في القرن التاسع.