الوسم: عربفوبيا

  • جذور المعتقدات العربية القديمة

    جذور المعتقدات العربية القديمة

    لا أقدر على السخرية من معتقدات أسلافنا العرب، وأديانهم التي قدّست السمك والأفاعي والثيران والوعول والأيائل والنسور والذئاب والبوم وغيرها من الحيوانات. ولا أغفر لأهل العربفوبيا واللاعربية سخريتهم من أسلافي العرب.

    حين درست فلسفة تلك المعتقدات القديمة وجدت أنها بدأت بمفهوم شكر المخلوق امتناناً للتضحية بجسده غذاء حياة الإنسان. فصارت الناس تصلّي للحيوان بعد صيده امتناناً وشكراً له لمعروفه.

    ثمّ صارت الناس تشكر الخالق على توفير هذه المخلوقات زاداً للحياة، وتعبّر عن شكرها هذا بواسطة أكل واحترام أكل هذه المخلوقات، والاحتفال بمواسم خاصّة للتعبير عن هذا الشكر.

    مثلاً، العربي القديم ومن حسن الأخلاق فيه، شعر بالامتنان للسمكة التي صادها وأكلها، فقد ماتت لتمنحه وأولاده حياتها كي يستمروا. فصار يحترم تقدمة هذه السمكة ويضع معروفها على رأسه.

    ثمّ ذهب إدراكه أن لا بدّ للسمكة من خالق يوفّر وجودها ويكرّسها لحياة الإنسان، فصار يجلّ ويحترم هذا الخالق ويتعبّد امتناناً لمعروفه.

    هذا العربي قديماً لم يعبد السمكة، فهو يقتلها ويأكلها يوميّاً. إنما شكرها امتناناً لفضلها على حياته. وصار يعقد الاحتفالات الدينية لشكر السمك وخالق السمك، وليس للتعبّد للسمك.

    فهذا العربيّ قديماً ما شعر بالاستعلاء على مخلوقات الأرض، إنما رأى نفسه معها سواء، فخجل أمام تضحية السمكة، وشكرها باحترامها.

    وكعادة الأديان في كلّ عصر، انحرف بعض أتباعها لاحقاً عن المفهوم الأول، وصاروا يتعبّدون للسمك ويحرّمون أكله، تكرار للاحترام القديم؛ دون فهم لفحوى العقيدة الأولى.

    المعتقدات العربيّة القديمة بدأت كلّها على أساس الامتنان وشكر المعروف، قبل الغرق في فلسفة الخطايا ودفع العقوبات. وهذه أخلاق عالية تُحترم. ولو خالفت معتقداتنا المعاصرة.

  • المحيط الهندي عربي قبل الإسلام

    المحيط الهندي عربي قبل الإسلام

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، فإليك حكاية عن عظمة البحريّة العربيّة في العصر الروماني. قبل الإسلام بسبع قرون.

    من نفائس المكتشفات الأثرية المهملة كتاب جغرافي مصري من منتصف القرن الأول، اسمه “رحماني البحر الإريتري” Periplus Maris Erythraei أي الطواف حول البحر الإريتري. ومنطقة البحر الإريتري في الثقافة الهلنستية كانت دائماً تشير إلى مجموع مناطق البحر الأحمر وخليج عدن مع ساحل القرن الأفريقي.

    الكتاب مجهول اسم المؤلّف، لكن من الواضح أنّ مؤلّفه كان جغرافيّاً رحل في البحار بأمر من ملك مصري پطولمي في العهد الروماني، مكلّفاً بتدوين فِهْرِس تجاري ملكي. واسم الكتاب بالإغريقية Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης، وقد خطّ الكتاب باللّغة الإغريقية الكوينية مخطوطاً بالحرف اللاتيني في منتصف القرن الأول. والكتاب يسجل مسارات إبحار ومعلومات تجارية وسياسية وتفاصيل عن السلالات الحاكمة للموانئ في فتره كتابته. وكان أُنجر في حِقْبَة لم ينتشر فيها بعد استعمال الخرائط في الثقافتين الهلنستية والرومانية، فأتى مزيجاً ما بين الأطلس وكتاب الرحّالة.
    الكتاب مجهول اسم المؤلّف، لكن من الواضح أنّ مؤلّفه كان جغرافيّاً رحل في البحار بأمر من ملك مصري پطولمي في العهد الروماني، مكلّفاً بتدوين فِهْرِس تجاري ملكي. واسم الكتاب بالإغريقية Περίπλους τῆς Ἐρυθρᾶς Θαλάσσης، وقد خطّ الكتاب باللّغة الإغريقية الكوينية مخطوطاً بالحرف اللاتيني في منتصف القرن الأول. والكتاب يسجل مسارات إبحار ومعلومات تجارية وسياسية وتفاصيل عن السلالات الحاكمة للموانئ في فتره كتابته. وكان أُنجر في حِقْبَة لم ينتشر فيها بعد استعمال الخرائط في الثقافتين الهلنستية والرومانية، فأتى مزيجاً ما بين الأطلس وكتاب الرحّالة.

    من معلومات الكتاب المهمّة الحديث عن مملكتي حِمير وسبأ واتّساع نشاطهم التجاري، حيث يذكر المؤلّف أنّ مملكتي حمير وسبأ قد أعادوا تنظيم صفوفهم تحت سلطة حاكم واحد اسمه {كربال} بالسبئية 𐩫𐩧𐩨𐩱𐩡 وتعرفه المصادر الغربية باسم شربل أو شربَئيل. وقد يكون هو الملك السبئي {كرب-ئيل وتر الثاني}.

    يورد المؤلّف بالحرف الاقتباس التالي: “وبعد تسع أيّام أو أكثر نصل “سفر” Saphar، مدينة عاصمة، حيث يقيم شريب-ئيل، ملك شرعي على قبيلتين، الحميريّون وأولئك الذين يعيشون بجوارهم، يقال لهم السبئيّين، ومن خلال السفارات والهدايا المستمرّة هو صديق للأباطرة” ويقصد أباطرة روما.

    وبحسب مؤلّف الرحماني، عقد الملك كربال اتّفاقيات تعاون تجارية مع رومَا وانتشرت موانئه على سواحل اليمن وساحل القرن الأفريقي حتى ميناء “ربطه” قبالة جزيرة مدغشقر، كما كانت له مواني وعلاقات جيدة بمملكة “فُنَن” جَنُوب شرق آسيا. وهذه الأخيرة هي سبب وصول الأرز إلى أسواق العرب، قبل الإسلام بنحو ألف عام. وهي التي أعارت العرب تسميتها للأرز المسلوق أتَمَنّ. حيث {أتَ} تعني مسلوق، مطهو، و{مَنّ} تعني أرز.

    ما يعني ببساطه أن سفن مملكة حمير قد سيطرت فعلاً على خطوط النقل البحرية على عرض المحيط الهندي في العالم القديم، وحملت التجارة العالمية ما بين الصين والهند من جهة والامبراطورية الرومانية من جهة ثانية.

    يذكر الكتاب كذلك امتلاك الملك إليعازر ملك الأنباط ثلاث محطّات تجارية في حضرموت، مينائي ملاحة ومحطّة برّية هي مدينة “شبوة” المعاصرة، كما تنفّذ الحضارمة تحت سلطة الأنباط على سبع محطات تجاريه في الهند، خمس منها مواني على الساحل الهندي الغربي.

    أهمّ صادرات الرومان تَبَعاً للرحماني كان النبيذ من المناطق الإغريقية، والمعادن من سوريا والشام والملابس من مصر. بينما كانت أهمّ صادرات العرب هي النبيذ والزهور العطرية، أما صادرات القرن الأفريقي فكانت البهارات والعاج. وعلى الطرف المقابل كانت صادرات الصين أساساً الحرير، في حين تصدّر الهند البهارات والمعادن والملابس والأحجار الثمينة، أمّا فُنن فكانت تصدّر الأرز.

    مملكة “فُنَن” هي مملكة عاشت من 68 ق.م حتى 550 ميلادية، تمثل مساحتها اليوم منطقة موزعة على ڤييتنام وكمبوديا ولاوس وتايلاند وماليزيا وجزئ من ميانمار.

    تسمّى بالصينية بانان Bānān، وبالخميريّة فونون Phouṇn. كانت على علاقات تجارية ممتازة بالصين حيث تمرّر مراكزها التجارية أغلب التجارة الصينية مع رومَا واليمن.

    وأدّى امتزاجها بالثقافة الآرامية الوافدة من الشمال إلى ولادة شعب وثقافة ولغة الخمير.

  • العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة

    العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة

    العربفوبيا، والشعوبيّة، واللاعربيّة هي مصطلحات تُستخدم لوصف أنواع مختلفة من التحيّز والمواقف تجاه العرب والثقافة العربية. إليك تعريف كلّ منها:

     العربفوبيا Arabophobia 

    ومعناها الحرفي: اضطراب رُهاب العرب

    العربفوبيا هي مصطلح يُستخدم لوصف الخوف، والكراهيَة، أو التحيّز ضدّ العرب. يمكن أن يشمل هذا: الخوف أو الكراهيَة للّغة العربيّة، أو الثقافة العربيّة، أو الأديان السائدة في الدول العربيّة مثل الإسلام. العربفوبيا واحدة من أشكال ذُهان العنصريّة والتمييز الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء التفاهم، والإقصاء الاجتماعي، وأحيانا العنف ضدّ الأفراد العرب، سواء البدني أو اللّفظي.

    كثيراً ما تتطوّر أعراض العربفوبيا إلى الإسلامفوبيا، من باب أن العربي لا يقدر على إنتاج ديانة راقية.

     الشعوبيّة Shu’ubiyya

    الشعوبية كانت في الأصل حركة ثقافيّة وسياسيّة داخل الإسلام، دعت إلى القوميّة؛ أي رفض مفهوم الأمّة الإسلاميّة وتفضيل الهويّات الشعوبيّة على الهُوِيَّة الدينيّة. لكن، حين رأت هذه الحركة ارتباط الإسلام بسمات الهُوِيَّة العربيّة، تحوّلت إلى حركة لانتقاد العروبة نفسها وتفضيل العجم على العرب، وتشجيع الفصل بين الإسلام وسمات العروبة، وتحقير العرب.

     اللاعربيّة Anti-Arabism

    اللاعربيّة كما اللاساميّة هي موقف أو إيديولوجيّة تتضمّن التحيّز ضدّ العرب وثقافتهم وتاريخهم. هذا يشمل إنكار إنجازات الحضارة العربيّة وتقليل شأن دور العرب في التاريخ العالمي والمساهمات الثقافيّة. واللاعربيّة يمكن أن تتّخذ أشكالاً متعدّدة من التمييز، بما في ذلك التمييز العنصري والثقافي والديني ضدّ الأشخاص الذين ينتمون إلى الهويّة العربيّة أو يعبّرون عن الثقافة العربيّة.

    تتجلّى اللاعربيّة في العديد من السياقات، مثل الإعلام والسياسة والتعليم والممارسات الاجتماعيّة، حيث يُصوّر العرب بطريقة سلبيّة، وإنكار دورهم التاريخي والحالي في الحضارة الإنسانيّة.

    مقارنة مع العربفوبيا والشعوبية

    العربفوبيا تشير إلى الخوف غير المنطقي والكراهيّة أو التحيّز ضدّ العرب، وقد تتداخل مع اللاعربيّة ولكنّها تركّز أكثر على الخوف والنفور العاطفي.

    الشعوبيّة في الاستخدام الحديث، تشير إلى تفضيل الهويّات القوميّة الأخرى على حساب الهُوِيَّة العربيّة، سواء داخل المجتمعات العربيّة أو خارجها. وهي هكذا جزء من العربفوبيا.

    إنّ اللاعربية كإيديولوجية إنكاريّة تؤدّي إلى تشويه صورة العرب والتقليل من شأن مساهماتهم الثقافية والحضارية، ممّا يساهم في تغذية الصور النمطية السلبية والتمييز ضدّهم. وما يسق إليها هو اضطراب العربفوبيا.

  • حضارة أوسان

    حضارة أوسان

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ألم يسمعوا بحضارة أوسان؟

    حضارة أوسان (ملكه أوسه‌ن 𐩣𐩤𐩨𐩥𐩫𐩬𐩣 𐩱𐩠𐩣𐩲𐩵𐩷𐩣) في اليمن وشرق أفريقيا هي واحدة من أهمّ الحضارات العربية القديمة، وتركت إرثاً حضارياً غنيّاً يمتدّ إلى يومنا هذا. إذ ازدهرت حضارة أوسان في الحِقْبَة بين القرن ٨ ق.م والقرن الأول ميلادية. وكانت عاصمتها مدينة مسورة ثم هجر يهر، التي تقع في محافظة شبوة جَنُوب اليمن. وتميزت حضارة أوسان بمهاراتها المعمارية والزراعية المتطوّرة، حيث كانت تبني مدناً وحصوناً ضخمة، وتستخدم تقنيّات متقدّمة في الزراعة.

    كما سيطرت حضارة أوسان على طرق التجارة البحرية بين الهند واليمن وشرق أفريقيا، وكانت تؤدّي دوراً مهمّاً في التجارة بين هذه المناطق. وأسّست حضارة أوسان مستعمرات ومراكز تجارية على سواحل القرن الأفريقي، لذلك سُمّيت سواحل شرق أفريقيا في تلك الحِقْبَة بالساحل الأوساني نسبة إلى حضارة أوسان. حتّى أنّ بحر العرب كلّه حمل اسم بحر أوسان لمدّة ستّ قرون! وبعد تدمير السبئيّين لمملكة أوسان، نزح أغلب سكّانها وملوكها وتابعوا حياة أملاكهم في “الساحل الأوساني” شرق أفريقيا وفي الحبشة وغرب الهند، حيث استمرّت اللّغة الأوسانية وتطوّرت إلى لغات غيرها.

    تعدّ حضارة أوسان شاهداً آخر على عمق التاريخ الحضاري العربي وتفوّقه في مجالات متعدّدة. وما هي سلطنة كِلوة الإسلامية إلّا امتداد لحضارة أوسان وتراثها. إذ اشتهرت حضارة أوسان بمهاراتها المعمارية المتطورة، حيث كانت تبني مدناً وحصوناً ضخمة. وعُثر على العديد من الأبنية الأثرية التي تعود إلى حضارة أوسان، والتي تتميّز بتصميمها الفريد ودقّة بنائها. كذلك تميّزت حضارة أوسان بمهاراتها الزراعية المتطوّرة، حيث كانت تمارس الزراعة على نطاق واسع. واستخدمت حضارة أوسان تقنيّات متقدّمة في الزراعة، مثل الري والاستخدام المكثّف للأسمدة. كما لعبت حضارة أوسان دوراً مهمّاً في التجارة بين الهند واليمن وشرق أفريقيا وأوروپا. وأسّست مستعمرات عربية ومراكز تجارية على سواحل القرن الأفريقي، ممّا ساعد على ازدهار التجارة بين هذه المناطق.

    تركت حضارة أوسان إرثاً حضارياً غنيّاً يمتدّ إلى يومنا هذا. كما تركت حضارة أوسان آثاراً عميقة على مناطق سلطنة كلوة السابقة (كينيا وتنزانيا وموزامبيق ومدغشقر)، وذلك لعدّة أسباب، منها القرب الجغرافي، والتواصل التجاري، والهجرة. كذلك هاجر العديد من العرب من حضارة أوسان إلى شرق أفريقيا، بما في ذلك، المنطقة التي صارت لاحقاً سلطنة كِلوة، ثم منطقة اللّغة السواحلية.

    الخريطة للمناطق التي ثبتت تبعيّتها لحضارة أوسان، سواء على المستوى السياسي أو التجاري، ونرى أنّها سيطرت على مناطق حساسة من المضائق البحرية، من تركيا وقبرص حتى سيناء والقلزم، بالإضافة إلى مداخل الخليج العربي. كامل الساحل الشرقي لأفريقيا ومعظم الساحل الغربي للهند. وقسم كبير من الحبشة (إرتريا وإثيوپيا).

    للمزيد اقرأ تدوينتي {سلطنة كِلوة} على مدونة البخاري من هنا

  • العربفوبيا واللاعربية في إيران وانعكاساتها على الأقلية العربية

    العربفوبيا واللاعربية في إيران وانعكاساتها على الأقلية العربية

    ترتبط القوميّة الفارسية ارتباطاً وثيقاً بحركات العربفوبيا والاعربية. فالقوميّة الفارسية هي حركة سياسية وثقافية ظهرت مع الأسرة الپهلوية عقب الحرب العالمية الأولى، وتسعى إلى تعزيز الهُوِيَّة الفارسية والثقافة الفارسية. وغالباً ما ترتبط هذه الحركة بمشاعر العداء تجاه العرب، ممّا يؤدّي إلى ظهور حركات العربفوبيا والاعربية في إيران وبين الموالين لها.

    لتعزيز مشاعر العداء هذه، يدّعي منظّرو القومية الفارسية خرافات عن تاريخ طويل من صراع مُفترض بين الفُرس والعرب، وهي ذاتها رواية الشعوبيّة. وتروي هذه الخرافة أسطورة تقول: أنّ العرب ومنذ القرن السابع الميلادي، حكموا بلاد فارس مدة خمس قرون. وترك هذا الحكم تأثيراً عميقاً على الثقافة الفارسية، ممّا أدّى إلى ظهور مشاعر العداء تجاه العرب لدى بعض الفرس. وهكذا تدّعي خرافة القوميّين الفرس أنّ ثقافتهم مهدّدة من قبل الثقافة العربية.

    ومن حركات العربفوبيا والاعربية في إيران الملكية والجمهورية:

    – جمعية “فرهنگ” (الثقافة) السرية التي تأسّست عام ١٨٩٠، والتي كانت أوّل منظّمة تدعو إلى القومية الفارسية. وأدّت هذه الأفكار إلى ظهور مشاعر العداء تجاه العرب لدى أعضاء الجمعية، الذين كانوا يعتقدون أنّ الثقافة العربية تهديد للهوية الفارسية. إذ زعم بعض أعضاء الجمعية أنّ العرب هم “غزاة” لبلاد فارس، وأنّهم حاولوا القضاء على الثقافة الفارسية. فدعا أعضاء الجمعية إلى طرد العرب من بلاد فارس. وهاجموا الإسلام، الذي يُرى أنّه دين عربي.

    شكّل العرب آنذاك نسبة حوالي ٢٥٪ من سكّان إيران (باستثناء الأحواز التي لم تكن جزء من إيران قبل ١٩٢٥ والعرب كانوا ٨٠٪ من أهلها)

    – حركة الفدائيّين الماركسيّين-اللينينيّين (فدائيان خلق)، التي تأسّست في عام ١٩٦٥. و كانت هذه الحركة متطرّفة في موقفها من العرب، حيث كانت تدعو إلى طرد جميع العرب من إيران.

    – حركة جبهة التحرير الوطني للإيرانيّين (فليت)، التي تأسست في عام ١٩٧٩. و كانت هذه الحركة أيضاً متطرّفة في موقفها من العرب، حيث كانت تدعو إلى إنشاء دولة فارسية قومية خالية من العرب.

    – حركة المقاومة الوطنية الإيرانية (مجاهدين خلق)، التي تأسّست في عام ١٩٦٥. و كانت هذه الحركة أقل تطرفاً من الحركات السابقة، لكنّها كانت أيضاً تدعو إلى تعزيز الهُوِيَّة الفارسية والثقافة الفارسية، ممّا أدّى إلى ظهور بعض المشاعر العدائية تجاه العرب.

    وأخيراً، فإنّ ظهور حركات القوميّة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين أدّى دوراً في ظهور حركات العربفوبيا وأفكار الاعربية في إيران. فأدّت هذه الحركات إلى تصاعد الشعور العربي القومي في المنطقة، ممّا أثار مخاوف بعض الفرس من أن تصبح بلاد فارس جزء من العالم العربي.

    ولم تزل حركات العربفوبيا والاعربية في إيران مصدر للقلق بالنسبة للعديد من العرب. إذ وبالرغم من ضمّ الأحواز العربية إلى إيران، غير أنّ مجموع العرب لا يشكّل أكثر من ١٠٪ من سكّان جمهورية إيران الإسلامية المعاصرة، انخفاض كبير عمّ كانت عليه قبل مئة عام.

    لحركات العربفوبيا واللاعربية في إيران تأثير كبير على انخفاض أعداد العرب من سكّان الجمهورية الإيرانية المعاصرة. فهذه الحركات تروّج لأفكار عنصرية وتمييزية ضدّ العرب، ممّا يخلق جوّاً من الكراهيَة والعداء تجاههم. وهذا الجو من الكراهيَة والعداء يؤدي إلى هجرة العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية.

    إذ تروّج حركات العربفوبيا واللاعربية في إيران لخرافة أنّ العرب هم “غزاة” أو “خطر” على الثقافة الفارسية. وهذا يؤدّي إلى خلق جو من الكراهيَة والعداء تجاه العرب، ممّا يدفع بعض العرب إلى الهجرة من إيران بحثاً عن بيئة أكثر أماناً.

    وتحاول حركات العربفوبيا واللاعربية في إيران فرض الثقافة الفارسية على العرب، ممّا يدفع بعض العرب إلى الاندماج في الثقافة الفارسية. وهذا الاندماج يؤدّي إلى فقدان العرب لهويّتهم العربية، ممّا يساهم في انخفاض عددهم في إيران.

    في عام ١٩٧٩، اندلعت انتفاضة في منطقة الأحواز العربية، حيث طالب العرب بحقّهم في تقرير المصير. وقامت الحكومة الإيرانية بقمع هذه الانتفاضة بقسوة، ممّا أدى إلى هجرة العديد من العرب من الأحواز.

    في عام ١٩٨٠، اندلعت الحرب العراقية الإيرانية، حيث دعمت الحكومة الإيرانية الفصائل العربية والكردية التي كانت تقاتل ضدّ الحكومة العراقية. وقامت هذه الفصائل بارتكاب جرائم ضدّ المدنيين العرب، ممّا أدّى إلى هجرة العديد من العرب من إيران.

    في السنوات الأخيرة، تعرضت الأقلية العربية في إيران لحملة من القمع من قبل الحكومة الإيرانية. وأدّت هذه الحملة إلى هجرة العديد من العرب من إيران.

    انتهجت الحكومة الإيرانية سياسات تمييزية ضدّ العرب، مما أدّى إلى هجرة بعض العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية. ففي القرن التاسع عشر، فرضت الحكومة الإيرانية قيوداً على حرية العرب في التعليم والعمل والسفر. وفي القرن العشرين، استمرّت الحكومة الإيرانية في التمييز ضدّ العرب، مما أدّى إلى هجرة بعض العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية.

    هناك عدة أسباب لانخفاض نسبة العرب من سكّان الجمهورية الإيرانية المعاصرة خلال مئة عام، إذ هاجرت أعداد كبيرة من العرب من إيران إلى دول عربية أخرى، وذلك بحثاً عن فرص عمل أفضل أو هربًا من القمع السياسي. وانتهجت الحكومة الإيرانية سياسات تمييزية ضدّ العرب، مما أدّى إلى هجرة بعض العرب من إيران أو اندماجهم في الثقافة الفارسية.

    عموماً، يمكن القول أنّ حركات العربفوبيا واللاعربية في إيران تشكّل تهديداً شديد الْخَطَر على الأقلّية العربية في إيران.

  • الخوف من تكرار الربيع العربي: لماذا تدعم أوروبا حركات مناهضة للعرب؟

    الخوف من تكرار الربيع العربي: لماذا تدعم أوروبا حركات مناهضة للعرب؟

    ما هو سبب تحمّس القِوَى الأوروپية في العقد الأخير لزيادة دعم حركات العربفوبيا واللاعربية في البلاد العربية؟ والخوف من الربيع العربي؟

    هناك العديد من التجارِب التي تشبه حالة العربوفوبيّين في التاريخ القريب والبعيد. تشترك هذه التجارِب مع حالة العربوفوبيّين المعاصرين في البلاد العربية في أنّها تستند إلى الخوف من الآخر، وغالباً ما تؤدّي إلى أعمال عنف أو تمييز.

    مثلاً، بعد هجمات 11 أيلول سبتمبر، شهدت الولايات المتّحدة موجة من المشاعر المعادية للعرب. إذ تمّ استهداف العرب والمسلمين في أعمال عنف، وقُدّموا بشكل سلبي في وسائل الإعلام. كذلك، بعد الربيع العربي، شهدت أوروپا موجة من المشاعر المعادية للعرب. استُهدف العرب والمسلمين في أعمال عنف، وقُدّموا بشكل سلبي في وسائل الإعلام.

    وكان هناك عدّة أسباب للمشاعر المعادية للعرب في أوروپا بعد الربيع العربي، منها مثلاً الخوف من الإسلام، إذ كان الربيع العربي مدعوماً أحياناً من قبل العديد من الجماعات الإسلامية، ممّا أدّى إلى زيادة الخوف من الإسلام في أوروپا. وقد غذّى هذا الخوف خطاب الكراهيَة ضدّ المسلمين، والذي غالباً ما كان يستهدف العرب بشكل خاص.

    كذلك، أدّى الربيع العربي إلى موجة من الهجرة\النزوح إلى أوروپا، ممّا أدى إلى زيادة الخوف من المهاجرين في أوروپا. وقد غذّى هذا الخوف خطاب الكراهيَة ضدّ المهاجرين، والذي غالباً ما كان يستهدف العرب بشكل خاص.

    فضلاً على ذلك، لعب الخطاب السياسي والدعاية دوراً مهمّاً في تأجيج المشاعر المعادية للعرب في أوروپا. فقد استخدمت بعض الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام خطاب الكراهيَة ضدّ العرب والمسلمين، ممّا ساهم في زيادة هذه المشاعر. على سبيل المثال، استخدم حزب البديل للديمقراطية في ألمانيا خطاب الكراهيَة ضدّ العرب والمسلمين، ممّا ساهم في زيادة المشاعر المعادية للعرب في ألمانيا.

    من المهمّ أن نتذكّر أنّ المشاعر المعادية للعرب ليست شيئاً جديداً في أوروپا. فقد كانت هذه المشاعر موجودة طيلة قرون، وقد ظهرت في موجات متتالية. ومع ذلك، فإنّ الربيع العربي قد أدّى إلى زيادة هذه المشاعر، ممّا أدّى إلى تفاقم مشكلة العنصرية والتمييز في أوروپا. وإلى تحمّس القِوَى الأوروپية لزيادة دعم حركات العربفوبيا واللاعربية في البلاد العربي، لمقاومة تكرار ظروف مشابهة لأحداث الربيع العربي.

    المشاعر المعادية للعرب ليست شيئاً جديداً في أوروپا، بل هي موجودة منذ قرون. وقد ظهرت هذه المشاعر في موجات متتالية، كلّ موجة كانت أقوى من سابقتها.

    كان الربيع العربي بمنزلة الدافع لزيادة هذه المشاعر، حيث ربطت بعض وسائل الإعلام الأوروپية والشخصيّات السياسية هذه الأحداث بالإرهاب والدين الإسلامي. وقد أدّت هذه الأفكار إلى تفاقم مشكلة العنصرية والتمييز في أوروپا، حيث تعرّض العرب لمضايقات وجرائم عنصرية في العديد من البلدان الأوروپية.

    ثمّ أنّ الربيع العربي قد أدّى إلى زيادة دعم حركات العربفوبيا واللاعربية في البلاد العربية. إذ رأت (وروّجت) هذه الحركات أنّ الربيع العربي كان مؤامرة غربيّة تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة العربية. وقد تلقّت هذه الحركات دعماً من بعض الدول الأوروپية، التي تسعى إلى مقاومة تكرار ظروف مشابهة لأحداث الربيع العربي.

    من المهمّ أن نتذكّر أن المشاعر المعادية للعرب ليست مبرَّرة، وأنّ العرب هم مواطنين مثل أي مواطن آخر، يستحقّون الاحترام والتقدير. وهو إلى ذلك من المهمّ أن نتذكّر أنّ الربيع العربي كان ثورة شعبية تهدف إلى تحقيق الديمقراطية والحرّية في المنطقة العربية.

    وعلى هذا فإنّ دعم بعض الدول الأوروپية لحركات العربفوبيا واللاعربية في البلدان العربية يرجع لعدة أسباب منها:

    • خوف هذه الدول الأوروپية من انتشار أفكار الربيع العربي والثورات الشعبية إلى بلدانها، فتسعى إلى دعم حركات مناهضة لهذه الأفكار.
    • رغبة هذه الدول الأوروپية في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة، والتي قد تتضرّر بانتشار الديمقراطية.
    • تبنّي بعض الأحزاب والشخصيّات اليمينية المتطرّفة في أوروپا خطاباً عربفوبياً ومناهضاً للإسلام، ممّا يدفع حكوماتها لدعم من يحمل نفس الأفكار.
    • التحالف الاستراتيجي بين بعض الدول الأوروپية وأنظمة عربية مستبدّة، ممّا يدفعها لدعم حركات مناهضة للتغيير الديمقراطي.
    • استغلال بعض الدول الأوروپية للمخاوف من الهجرة والإرهاب لدفع الرأي العام نحو دعم حركات مناهضة للعرب والمسلمين.

    ويأتي هذا الدعم الأوروپي لحركات العربفوبيا واللاعربية في البلاد العربية في أشكال مختلفة كالدعم المالي والسياسي والعسكري وتقديم المساعدات اللّوجستية والتدريبية. في شكل نراه واضحاً في دعم بعض المنظّمات الأوروپية لحركات قومية مبتدعة في مصر وبلاد المغرب العربي.

  • كيف نتفاعل مع كارهي العرب على السوشلميديا

    كيف نتفاعل مع كارهي العرب على السوشلميديا

    أحياناً تصادف في التعليقات تعليقاً من شخص جاهل يعاني من الغرور المعرفي. وهذه المتلازمة ملازمة لأهل العربفوبيا واللاعربية.

    أعتقد أنّه من الأفضل ألّا نقول شيئاً لمثل هؤلاء الأشخاص. فالجهل والغرور صفتان مزدوجتان لا يمكن كسرهما بالكلام. بدلاً من ذلك، يجب علينا أن نكون قدوة حسنة بالعلم والتواضع، وأن نساعد الآخرين بلطف وصبر. فالحكمة تأتي من الممارسة والتجربة، لا من النقاشات. علينا أن نركّز طاقتنا على مساعدة من يرغبون في التعلّم بدلاً من إضاعة وقتنا مع من لا يريدون ذلك.

    ويقصد علم النفس بالغرور المعرفي الميل إلى المبالغة في تقييم المعارف والقدرات الذاتية، والاعتقاد الخاطئ بامتلاك مستوى عال من الكفاءة والخبرة في مجال ما، مع عدم الاستعداد لتقبّل وجهات النظر الأخرى والانفتاح على أفكار جديدة قد تصحّح هذا التصوّر المغالى فيه.

    وبذلك يجمع هذا التعريف بين عناصر الغرور والتفكير المغلق وانعدام الوعي بالذات التي تميّز شخصية المغرور معرفياً.

    في الأدب العربي يمكن وصف هذا الشخص بأنه:

    • جاهل: لا يمتلك المعرفة والفهم الكافيين في مجال ما.
    • مغرور: يظن أنه يمتلك المعرفة والفهم الكافيين في حين ليس كذلك.
    • منغلق: لا يرغب في تعلم أشياء جديدة أو تصحيح فهمه الخاطئ.
    • متعالي: ينظر للآخرين من منطلق الاستعلاء وكأنه أعلم منهم.
    • غير قابل للنقد: لا يقبل النقد أو النصح ويرفض الاعتراف بجهله.
    • جامد: لا يطور معارفه ولا يوسع آفاقه الفكرية.

    إذاً الجهل والغرور والتعالي وعدم الانفتاح على المعرفة هي السمات الرئيسية لشخصية العربفوبي واللاعربي.

    من منظور علم النفس وعلم الاجتماع، يمكن تعريف العربفوبي على النحو التالي:

    • يعاني من التفكير المغلق Closed-mindedness: وهو ميل الفرد إلى رفض وجهات نظر مخالفة لمعتقداته، وعدم الانفتاح على أفكار جديدة.
    • يعاني من الغرور الزائف Hubris: وهو شعور مبالغ فيه بالثقة الزائدة بالنفس والاعتقاد الخاطئ بتفوّق المعرفة الشخصية.
    • يعاني من انعدام الوعي بالذات Lack of self-awareness: عدم القدرة على التقييم الدقيق للذات ونقاط القوة والضعف الشخصية.
    • يعاني من التأكيد الزائد على الذات Self-enhancement: الميل إلى التركيز على جوانب القوّة وتجاهل نِقَاط الضعف للحفاظ على تقدير الذات.
    • يعاني من انخفاض مستوى النضج المعرفي Low cognitive maturity: عدم القدرة على التفكير المجرد وتقييم الأفكار بموضوعية.

    فالعربفوبي إذاً يجمع بين عدّة اضطرابات نفسية ومعرفيّة تؤدي إلى تشوّه نظرته لذاته وللمعرفة.

  • خيمة البدوي أم قصر الملك: هل العمارة هي المقياس الحقيقي للحضارة؟

    خيمة البدوي أم قصر الملك: هل العمارة هي المقياس الحقيقي للحضارة؟

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأنّ العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، محتجّين بأنّ شبه جزيرة العرب تخلو من آثار عمرانية تسبق حِقْبَة الحكم الروماني لبعض بلاد العرب، ويقولون أنّ شعباً بجمل وخيمة لا ينتج حضارة! ومع أنّني أرفض هذا البيان بالمطلق، لكثرة الآثار العمرانية القديمة في جزيرة العرب. لكن، أحبّ اليوم أن أناقش هذه الفكرة الغبيّة التي تربط “الحضارة” بـ”العمارة”. وتسعدني مساهمتك في هذا النقاش في التعليقات.

    العمارة والآثار هما من أبرز العناصر التي تُظهر تاريخ وحضارة المجتمعات المختلفة عبر العصور، ويمكن للنقاش حول ما إذا كانتا تمثّلان مظهراً من مظاهر التقدّم الحضاري أن يتّخذ أبعاداً متعدّدة، تشمل الجوانب الفنية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية.

    في وجهة النظر الأولى: العمارة كمؤشر على التقدم الحضاري. يرى أنصار هذا الرأي أنّ العمارة تعبّر عن:

    • الابتكار والإبداع: حيث تُظهر الأساليب المعمارية القدرة الإبداعية للمجتمعات في توظيف الموارد المتاحة وتسخيرها لخدمة احتياجاتها.
    • التطوّر التقني: إذ يتطلّب بناء الهياكل الضخمة والمعقّدة تطوير تقنيّات ومواد بناء جديدة، ممّا يدل على مستوى معيّن من التقدّم التكنولوجي.
    • الازدهار الاقتصادي: فإنشاء المباني الضخمة والفخمة يستلزم موارد مالية هائلة، مما يُظهر الاستقرار الاقتصادي.
    • التنظيم الاجتماعي: إذ تدلّ القدرة على إدارة وتنفيذ مشروعات عمرانية كبرى على مستوى معيّن من التطوّر الإداري والحكومي.

    في وجهة النظر الثانية: العمارة ليست المؤشّر الوحيد للتقدّم. يرى أصحاب هذا الرأي علامات التقدّم الحضاري في:

    • التقدّم الفكري والثقافي: قد يرتبط التقدّم الحضاري بدرجة أكبر بالفلسفة والآداب والعلوم والفنون. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.
    • التطوّر الأخلاقي والقانوني: حيث إنّ القوانين والأعراف الأخلاقية المتقدّمة قد تُظهر تطوراً حضارياً أكثر من المنشآت. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.
    • الاستدامة البيئية: فالحضارات التي تعايشت مع البيئة بشكل مستدام قد تعدّ أكثر تقدّماً من تلك التي خلّفت آثاراً عمرانية أضرّت بالبيئة. وهذه يتفوّق فيها رحّال في خيمة.
    • التقدّم الاجتماعي: حيث يمكن قياس التقدّم الحضاري بواسطة مدى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والحريّات. وهذه يقدر عليها رحّال في خيمة.

    بالخلاصة:

    تُعدّ العمارة والآثار عناصر بالغة الأهمّية لفهم التاريخ البشري وتطوّر الحضارات، إلّا أنّها مجرّد جانب واحد من جوانب عدّة؛ تشكّل معادلة التقدّم الحضاري. فهذا التقدّم مفهوم شامل ومتعدّد الأبعاد، يمكن قياسه بمعايير مختلفة، منها التقنيّة والاقتصاد والمجتمع والثقافة والفكر والأخلاق. فالكثير من “حضارات” اليوم تستورد قدرات غيرها لإنشاء العمارات العملاقة والمشاريع العمرانية الضخمة، غير أنّها ليست فعلاً من منجزاتها، ولو أنّها باقية آثار في أرضها… كما فعلت روما قديماً حين استوردت معمارياً عربياً من دمشق لإعادة تصميم المدينة، ولم تزل تفخر إلى اليوم بأحد أعظم منجزاته؛ الپانَثيون.

    وعلى هذا، العمارة كمؤشّر على التقدّم قد تكون مظهراً مهمّاً، غير أنّها ليست كافية بمفردها، وينبغي النظر إلى التقدم الحضاري كمفهوم متعدّد الأوجه. فالمجتمعات التي تحقّق التوازن بين الجوانب المادية والمعنوية، مع احترام البيئة وترسيخ العدالة، هي الأكثر تقدّماً بمعنى شامل. ويكمن التحدّي إذاً في تحقيق هذا التقدّم المستدام في كافة أبعاد الحضارة الإنسانية.

    شخصياً، لا أعتقد أنّ العمارة والآثار العمرانية مؤشّر حقيقي على الحضارة في التاريخ الإنساني. إنّما الفلسفة هي أوّلاً أبرز الدلائل التي تساعدني على تقييم ثقافة لمنحها صفة حضارة. الفلسفة تعني وجود نقاش فكري حقيقي وتعني وجود هيكلية علمية وبدن واعي في مجتمع متقدّم، على المستوى الأخلاقي والمعرفي.

    في الصورة إبريق سوري بديع من الخزف مصنوع على شكل ثور بإبداع رائع عمره حوالي ٣٤٠٠ سنة… والحقيقة أنّ هذا الإبريق صناعة جماعة كان اسمهم شعب المارليك أو المَرلِك أو المرلق، وهتي الجماعة كانت شعب بدوي رحّال باستمرار في المنطقة ما بين گيلان على ساحل البحر الطبري والساحل السوري عبر الجزيرة وإيلام. لكنّ هذا الشعب أبدع بصناعة الخزف ووصل إلى مستوى الخزف الصُّلْب الذي نعرفه اليوم… قبل أربع آلاف سنة… في الواقع المَرلِك أحد الأدلّة على أنّ الشعوب ليست بحاجة استقرار وعمارة لتطوير صناعات متطوّرة تبيعها للناس في كلّ مكان.

    الإبريق ارتفاعه 21 سم وعرضه 25 سم. والقطعة سرقتها فرنسا من الساحل السوري ومعروضة في متحف اللّوڤر في پاريس.

  • لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    لماذا لم تنشأ الحضارة الإسلامية في السُّعُودية وقطر والإمارات كما في بلاد الروم والفرس؟ نظرة تاريخية

    أمسِ تحدّتني واحدة من العربفوبيّات لأستجمع شجاعتي وأجيبها عن سؤال غريب. ومع أنّني استغرب عَلاقة الموضوع بالشجاعة، غير أنّني أحبّ تقديم إجابة. 

    كان سؤالها “ليش الحضارة الإسلامية صارت في دول الروم والفرس وما صارت في السُّعُودية وقطر والإمارات؟” وبصراحة، لم أفهم في سؤالها ماذا تقصد بدول الروم والفرس. فأهمّ مراكز الحضارة الإسلامية في عصر الإسلام الذهبي لم تكن في دول للروم أو للفرس، إنّما كانت (على ترتيب النشاط): بغداد، دمشق، القاهرة، الرقّة، قرطبة، بخارى، سمرقند، الري، مكّة المكرّمة، المدينة المنوّرة، بيت المقدس، فاس، الرباط، مُرسيّة، تونس، طرابلس (الغرب)، المُكلّا، الغيضة، عتق، شبوة، عدن، زبيد، تعز، صنعاء… والمملكة الرسوليّة بالعموم كانت دولة علماء، أطبّاء وفلكيّين، حكموا المملكة ملوكاً وعلماء، وهذه ليست للفرس ولا للروم.

    من جهة ثانية، لم أفهم تماماً سبب تحديدها “السُّعُودية وقطر والإمارات” في سؤالها. لربّما جهلها بالتاريخ يدفعها للظنّ ألّا بلاد لغير “الروم والفرس” في هذا العالم سوى هذه البلدان الثلاث. وهذا طبيعي حين تكون من بنات العربفوبيا. مع ذلك، هذه إجابة على سؤالها، دون زيادة، عسى أن ترضيها وترضي جمع العربفوبيّين واللاعربيّين كذلك.

    وأحبّ أن أذكر هنا، أنّ إقناع العربفوبيّين واللاعربيّين لا يهمّني فعلاً، فهؤلاء عقدوا العزم على كراهة العرب ومعاداة العرب وجعلوا ديدنهم نكران الحضارة العربية ونفي عروبة شعوب العرب، لمحو التاريخ العربي تمهيداً لمحو الهُوِيَّة العربية بالمطلق من هذا العالم. وهذا ما يهمّني فعلاً، يهمّني أن يحافظ أبناءنا وبناتنا في نفوسهم على هويّة عربية صحيحة وسليمة من خرافات وسموم العربفوبيّين واللاعربيّين هؤلاء.

    عربفوبي
    عربفوبي

    للأسف، التوثيق التاريخي للإنجازات العلمية في المناطق التي تشمل اليوم السُّعُودية وقطر والإمارات محدود بالمقارنة مع بعض المراكز العلمية الأخرى في العالم الإسلامي مثل بغداد، القاهرة، تعز، وقرطبة خلال العصور الذهبية. ببساطة، لأنّها لم تكن مراكز قيادات سياسية على صعيد دُوَليّ. ومع ذلك، سأحاول تقديم معلومات أكثر تحديداً حول المنجزات العلمية في هذه المناطق:

    لنبدأ مع السُّعُودية: مع أنّ معظم الإنجازات العلمية التي نسبت إلى الحضارة الإسلامية لم تكن منسوبة مباشرة إلى منطقة قلب الجزيرة العربية، إلا أن هناك بعض الجوانب التي يمكن الإشارة إليها في علم الفلك والتقويم، ففي السُّعُودية الحالية، ولا سيما في مكّة والمدينة، كان هناك اهتمام بتحديد الأوقات الدقيقة للصلاة ومواقع النجوم والأهلة، الأمر الذي كان له بالغ الأهمية في تحديد الأشهر الهجرية ومواسم الحج. لهذا نشأت أكاديميّات فلكية ذات مراصد مهمّة، درست الفلك وأخرجت فلكيّين مهمّين، كانت لهم الكلمة العلمية في عموم العالم الإسلامية.

    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي للفلكيّين في الحجاز في القرون الوسطى

    منطقة قطر كان لها تاريخ طويل في الملاحة البحرية، فتطوير تقنيات الملاحة البحرية وأساليب صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ. كان القطريّون يعتمدون على المعرفة العميقة بالتيارات البحرية والنجوم للإبحار والعودة إلى سواحلهم. ويعتمد العالم على خبرائهم لتطوير هذه العلوم. بالإضافة إلى صناعة السفن، إذ أنّ تطوير تقنيات بناء السفن الخشبية التي كانت تستخدم في الإبحار والتجارة، وهذا يشمل معرفة بالهندسة البحرية وتصميم السفن. وكانت في قطر والإمارات أكاديميّات مهمّة للهندسة البحرية بقيت حتى عهد استيلاء بريطانيا على الخليج العربية في القرن ١٩. وفي القرون الوسطى كانت الساحل الغربي للخليج العربية هو المصدر الأوّل للسفن في كل بلاد العالم.

    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي رمزي لصناعة السفن في قطر في القرون الوسطى

    الإمارات، وخاصّة منطقة العين، كانت معروفة بنظام الري التقليدي: نظام الأفلاج: وهو نظام معقّد لتوزيع المياه يتألّف من قنوات تحت الأرض تنقل المياه من الآبار إلى المناطق الزراعية. هذا النظام يظهر معرفة متقدمة بالهيدرولوجيا وإدارة الموارد المائية. فضلاً على ذلك، يجدر الذكر أنّ البيئة الصحراوية والساحلية في الإمارات طورت معرفة خاصة في العديد من المجالات، مثل المعمار والبناء كتطوير تقنيات البناء المناسبة للظروف الصحراوية، مثل تقنيات التبريد الطبيعي واستخدام مواد البناء المحلية. وفي الزراعة والرعي كان تطوير أساليب زراعية معينة للتكيف مع البيئة القاحلة، مثل استخدام نظم الري المحورية وأساليب الزراعة الموسمية.

    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى
    رسم تخيّلي لمنطقة العين في الإمارات العربية المتحدة في القرون الوسطى

    من الجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة، تمّ الاهتمام بشكل متزايد في تلك المناطق بالحفاظ على التراث وتوثيق الإنجازات التاريخية. وقد شمل هذا إعادة بناء وصيانة الأفلاج والآثار التاريخية الأخرى، وكذلك دراسة التقاليد البحرية والصحراوية والأساليب التقليدية في الملاحة والزراعة والبناء.

    مع الرغم من أن هذه المناطق لم تكن مراكز علمية بارزة في العصور الوسطى بالمقارنة مع بعض المناطق الأخرى في العالم الإسلامي، إلا أنها كانت لها إسهامات مهمّة في مجالات مثل الملاحة البحرية وإدارة الموارد المائية والزراعة والبناء، والتي كانت تظهر التكيف مع البيئة المحلية والمعرفة العملية المتوارثة.

    بكلّ حال، يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج غرب الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أنّ بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب
    رسم تخيّلي رمزي لمعالم الحضارة العربية قبل الإسلام في منطقة جَنُوب جزيرة العرب

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.

  • الزراعة والتجارة والصناعة: أبرز منجزات الحضارات العربية القديمة

    الزراعة والتجارة والصناعة: أبرز منجزات الحضارات العربية القديمة

    يهاجمك العربفوبيّين دائماً بأن العرب ما كانت لهم حضارة قبل الإسلام، ثم، على نهج الأوروپيين، يبارزونك بدليل من خيالهم أن جزيرة العرب صحراء خالية من الحضارات القديمة.

    لو افترضنا، كما يريدون، أن بلاد العرب تقتصر على جزيرة العرب فقط. ولو تساهلنا وقلنا أن ّجزيرة العرب لا تشمل العراق والشام، فنحن نمسك بأرض تعاقبت عليها الحضارات منذ القِدم. حضارات تركت بصماتها الواضحة على التاريخ والتراث العربي والإنساني. مثل حضارات سبأ ومعين وحضرموت والقتبان ودلمون ومگان والأنباط والدادان وغيرهم الكثير.

    حضارة سبأ اشتهرت بالزراعة المتقدّمة والتجارة، واشتهرت كذلك بتقدّمها ببناء السدود، ومن أشهرها سد مأرب، الذي كان يُعد من أعظم السدود في العالم القديم.

    حضارة معين اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن واخترعت بعضها، واشتهرت كذلك بصناعة الفَخَّار المزخرف.

    حضارة حضرموت اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الأختام. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط سواحل بحر العرب جميعاً، من الهند إلى الصومال إلى جَنُوب أفريقيا.

    حضارة دلمون اشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك بصناعة الحلي والمجوهرات. وامتدّت شبكتها التجارية البحرية تربط جَنُوب شرق آسيا بالخليج العربي.

    حضارة الأنباط ورثت حضارة دادان والپونت واشتهرت بالتجارة وصناعة المعادن، واشتهرت كذلك ببناء المدن المحفورة في الصخر. من الحجاز إلى تركيا المعاصرة.

    حضارة مگان أعظم حضارات الخليج العربي. نقلت العالم إلى العصر النحاسي، واشتهرت بصناعة المعادن والتجارة البحرية، وابتكرت العديد من أنواع السفن. وامتلكت أعظم شبكة نقل بحري في العالم القديم.

    تميزت هذه الحضارات بتقدّمها الحضاري في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتجارة والصناعات والعمارة والفنون. وتعدّ هذه الحضارات القديمة جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية، حيث ساهمت في تشكيل الهُوِيَّة العربية وإثراء الثقافة العربية.

    تتمثّل أبرز منجزات الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية في ابتكارات الزراعة والتجارة والصناعة والعمارة والفنون.

    ساهمت هذه الحضارات في تطوير الزراعة في العالم، حيث طورت أساليب الري الحديثة، وتقنيّات تخزين الماء. وزرعت المحاصيل المختلفة، مثل القمح والشعير والتمر. وهي محاصيل لم يعرفها العالم قبلهم.

    كانت هذه الحضارات العربية من أهمّ مراكز التجارة في العالم القديم، حيث ربطت بين الحضارات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأوروپا. وابتكرت أنظمة النقد الدولي ومبادئ التجارة الدولية.

    ازدهرت الصناعات المختلفة في هذه الحضارات، مثل صناعة المعادن وصناعة الفَخَّار وصناعة الحلي والمجوهرات. وابتكرت أصناف جديدة من المعادن. أهمّها النحاس والبرونز والفولاذ.

    تميّزت هذه الحضارات بعمارتها الرائعة، حيث شيّدت المعابد والقصور والمدن المحفورة في الصخر. وازدهرت الفنون المختلفة في هذه الحضارات، مثل الفنون التشكيلية والفنون الأدبية والموسيقى.