الوسم: فنيقية

  • قصّة قبيلة جيس العربية

    قصّة قبيلة جيس العربية

    واحدة من القصص التي تغيظ العربفوبيّين وبني اللاعربيّة هي قصّة قبيلة جيس العربية، لأنّ الجيس إحدى أنسال الفنيقيّين الباقية إلى اليوم، ولا يقدر أحد على إنكار عروبتها، ولا يسمح الجيس لتافه أن يقول فيهم أنّهم مستعربين… وأوّل ردود اللاعربيّين على هذه القصة تكون دوماً بنفي عروبة تاريخ الجيس.

    قبيلة جيس هم جَمجمة من جماجم العرب، أي من ساداتهم. ويُعتقد أنّ عرب الجيس هم رؤساء القيسيّين ما بعد الإسلام، إذ أنّ حلف الجيس هو أمراء أغلب دول القيسيّين. وعلى خلاف ما يُعتقد، أنّ نشاط قبائل الجيس كان في خلاء شبه الجزيرة العربية فقط، ما قبل الإسلام. فإنّ من أصول وأفرع الجيس ملوك مملكة حِمْصَ. أكبر وأهمّ الممالك الدينية في العهد الروماني.

    في القرن ١٠ ق.م. خسر عبدة مي (الشمس) معبدهم المقدّس في مدينة الرقّة التي فيها معبد داگون المقدّس، وانتقلت القداسة من بعدها إلى مدينة حِمْصَ في سوريَا. وانتقل إليها حجّ الفنيقيّون من كلّ أنحاء البحر المتوسط. وفي حِمْصَ، نشأت في القرن الثالث قبل الميلاد مملكة إميسان الغربية (مملكة إميسه) المقدّسة برئاسة الفيلسوف يمليكو 𐡉𐡌𐡋𐡊𐡅 (توفّى 245 ق.م) وانتشر مذهبه الفلسفي في كلّ أرجاء المملكة السلوقيّة وبين العديد من القبائل الإغريقيّة والفرنجيّة والتركيّة في البلقان. وانتشرت فلسفة يمليكو داعياً إلى عبادة إله الجبل 𐡁𐡋𐡄𐡀𐡂𐡀𐡋 والحجر الأسود المقدّس الذي أرسله إله الجبل من السماء، ثمّ أودعه العرب في معبد إله الجبل المقدّس في مدينة حِمْصَ مزيّنا بشكل الشمس.

    أبناء شمس إگِرَم 𐡔𐡌𐡔𐡂𐡓𐡌 (شمسيغرام) هؤلاء كانوا من الجيس، سمّاهم العرب بالجيسيّين والجسياسيّين والجسّاسين والغسياسيّين والغسّاسين والغسيانيّين والغسّان. إحدى ملوكهم يمليكو الأوّل 𐡉𐡌𐡋𐡊𐡅 (حفيد يمليكو الفيلسوف، وتوفّى 31 ق.م) حمل لقب “فيلارخ العرب” أي بابا العرب المقدّس. هؤلاء الجيس سمّاهم الرومان الگَيُس Gaius وسمّاهم الإغريق غايوس أو گايُّس Γάϊος وكذلك قايّوس Κᾱ́ῐ̈ος و قَيس Κάης تحوير بصيغة نسبة عن الكلمة العربية القديمة قيّن التي تعني في الإغريقيّة والسلاڤيّة والتركيّة القديمة: ملك.

    للمزيد اقرأ تدوينتي {قبيلة جيس العربية، إحدى أنسال الفنيقيّين الباقية إلى اليوم} على مدوّنة البخاري من هنا

    الخارطة هي خارطة فنيقيا في القرنين الثاني والثالث، رسمتها وفقاً لكتابات القدّيس هپّوليتُس (هيبوليتوس الرومي)، وهي ذاتها مملكة حمص، إميسان الغربية، إميسه، التي تحالفت مع الرومان ثمّ صارت بعدها جزء من الإمبراطورية.

  • خرافة القوميّة الأمازيغية والتيفيناغ وسرقة التراث العربيّ

    خرافة القوميّة الأمازيغية والتيفيناغ وسرقة التراث العربيّ

    حين اخترع روّاد القوميّة الأمازيغيّة أسطورة قوميّتهم المفترضة، عثروا في البادية الجزائريّة والليبيّة على نقوش وكتابات بأحرف قديمة غير مألوفة، فقالوا هذه أحرفنا القديمة التي أبادها العرب! ثمّ اشتغلوا على إعادة إحياء هذه الأحرف واستنباط نظام كتابة جديد يخدم خرافات الأمازيغيّة ودعايتها.

    منحوا هذه الأبجديّة اسم {تيفيناغ} تحوير عن {تَفِناق}؛ التي أجمع العديد من علماء الألسن على أنّها صيغة جمع مؤنّثة مبربرة عن التسمية اللاتينيّة Punicus التي تعني پونيقي أي فنيقي. وهي دمج البادئة تَـ التي تشير إلى التأنيث بالصفة فِناق التي تعني فنيقي، وهي صيغة واضحة العروبة. وبهذا يكون معنى تسمية تَفِناق حرفيّاً: الأحرف الفنيقيّة.

    يمكن التأكّد من هذه النظريّة في كتاب الأميركي Thomas G. Penchoen الذي نشره عبر جامعة ڤيرجينيا سنة 1973 تحت عنوان Tamazight of the Ayt Ndhir.

    وتقرأ عنها كذلك في الصفحات 112-116 في كتاب جامعة أوكسفورد The World’s Writing Systems لسنة 1996 الذي يحتوي على مقالة Michael O’Connor : The Berber scripts، التي يشرح فيها كذلك حيرة القوميّين الأمازيغ في مطلع ظهورهم في المملكة المغربيّة قبل عقدين، بين اختيار الأبجديّة العربيّة أو اللّاتينيّة؛ لكتابة اللّغة الأمازيغيّة الجديدة، ثمّ الرسوّ على فكرة ابتكار أبجديّة جديدة مستنبطة من تلك النقوش القديمة؛ البدويّة الفنيقيّة، لصناعة وهم الأقدميّة.

    وتقرأ عنها كذلك في مقالة Salem Chaker البحثيّة ذات العنوان L’ECRITURE LIBYCO-BERBERE : Etat des lieux et perspectives من هنا

    وفي الخلاصة، هذه الأحرف وباعتراف التسمية البربريّة نفسها، هي أحرف كانت في نظرهم ومن العهد الروماني أحرف فنيقيّة تبنّاها بدو البربر وكتبوا نقوشهم بها، ثمّ انقرضت مع استبدالها أخيراً باللاتينيّة خلال العهد الروماني. وقد أخطأت حكومات البلاد المغاربيّة بالاعتراف بهذه الكتابة وبإضافتها إلى الشاخصات واللافتات الرسميّة في البلاد. وكان يمكن الاعتراف بالخرافة الأمازيغيّة استثناءً شرط كتابتها بالحرف العربي. حرف البلاد المغاربيّة الرسمي.

    بعد هذا، ادّعى القوميّون الأمازيغ أنّهم سكّان شمال أفريقيا الأصليّين الذين جاء العرب الفنيقيّون إلى بلادهم واحتلّوها، ثمّ من بعدهم اللّاتين الرومان، ثمّ من بعدهم العرب المسلمين. ثمّ، لمّا اكتشفوا أنّ خرافة نقوشهم كلّها مبنيّة على حقيقة أنّ الأحرف هذه هي في الأساس وافدة من جنوب شبه العربيّة، ولها دول وحضارات قديمة هناك، صاروا يتحدّثون عن أمازيغ اليمن وعُمان ويتفنّنون في تكبير الكذبة وتطويرها… وما هي غير كرة ثلج تتدحرج وتكبر في طريقها لهرس الجميع… وغداً يقولون أنّ العرب أساساً أمازيغ، حين تعجز سطورهم عن محو عروبة هذه البلاد: بلاد المغرب العربي.

    سكّان شمال أفريقيا الأصليّين هم العرب. كلّ حضارات بلاد المغرب العربي ومن فجر التاريخ هي حضارات عربيّة. لا يوجد أثر لحضارة محلّيّة في المنطقة لم تبنه أياد وأفكار عربيّة قديمة، والعرب المغاربة هم سكّان البلاد المغاربيّة الأصليّين. أمّا من يدّعون اليوم أنّهم أمازيغ، فهم في الواقع نسل الضيوف والوافدين الذي وطّنهم الرومان في هذه البلاد أو استحضرهم الفنيقيّون مماليك من غير بلاد. إذا كانوا من غير العرب. وهؤلاء غير البربر، الذين لم تذكرهم وثيقة رومانيّة واحدة غير أنّهم بدو الفنيقيّين الوافدين من الشرق، سراسين Saracenus أو حِميريّين Hamiorum.

    هذا يعني أنّ من يدّعون اليوم أنّهم أمازيغ هم سلالة بقايا أوروپيّين وأفارقة استوطنوا بلاد المغرب العربي خلال أكثر من 2500 سنة، ثمّ يسرقون اليوم تراث بدو الفنيقيّين أهل البلاد، ويدّعونه لأنفسهم، ثمّ يقولون أنّ كلّ أثر فنيقي في البلاد هو أثر أمازيغي، لإثبات أقدميّة تراثهم الوافد.

    وهذا يعني، أنّ من يدّعي اليوم أنّه الأصلي والأصل في البلاد، هو في الواقع وافد أجنبي، فتح له أهل البلاد العرب ديارهم يحلّ فيها أهلاً… فلا يجوز له سرقة البلاد من أهلها، والادّعاء بوقاحة أنّه أصل فيها.

    مراجع ومصادر

    1. Penchoen, Thomas G. (1973). Tamazight of the Ayt Ndhir. Charlottesville: University Press of Virginia.
    2. O’Connor, Michael. (1996). “The Berber scripts” في The World’s Writing Systems، edited by Peter T. Daniels and William Bright, 112-116. Oxford: Oxford University Press.
    3. Chaker, Salem. “L’ECRITURE LIBYCO-BERBERE: Etat des lieux et perspectives” (مقالة بحثية ذات صلة بالموضوع، يمكن البحث عنها للحصول على معلومات أكثر تفصيلاً).
    4. Brett, Michael, and Elizabeth Fentress. (1996). The Berbers. Oxford: Blackwell Publishers.
    5. Camps, Gabriel. (1996). Les Berbères: Mémoire et Identité. Paris: Errance.
    6. McDougall, James. (2006). History and the Culture of Nationalism in Algeria. Cambridge: Cambridge University Press.
    7. Brett, Michael, and Werner Forman. (1983). The Moors: Islam in the West. New York: Orbis Publishing.
    8. Julien, Charles-André. (1970). Histoire de l’Afrique du Nord: Tunisie – Algérie – Maroc. Paris: Payot.
    9. Hachid, Malika. (2000). Les premiers Berbères. Aix-en-Provence: Edisud.
    10. Abun-Nasr, Jamil M. (1987). A History of the Maghrib in the Islamic Period. Cambridge: Cambridge University Press.

    كما هي منشورة على مدوّنة البخاري

  • في تأصيل كلمة ثور وعلاقتها بكلمة تورُس

    في تأصيل كلمة ثور وعلاقتها بكلمة تورُس

    واحدة من أهمّ الكلمات في تراث العرب. مسؤولة عن حرفين من أهمّ وأوّل أحرف لغتنا العربيّة؛ حرف الألف، وحرف التاء. وسبب لخروج كلمات طور و توراه و حكمة التاو.

    هي كلمة ثور، وبشكلها المعاصر قديمة جدّاً. فهي في البداية {ثَوْرُ} وكانت تشير إلى ذكر كل حيوان ثدي مستأنس ذو قرون. فلم يكن الثور هو ذكر البقر فقط، بل كان كذلك هو الوعل والشاة والظبي وغيرهم.

    في الآرامية كان اسمه تَورا תַּוְרָא والألف الأخيرة مائلة صوب الياء. وعنها في السريانيّة تَورا و تَوراء ܬܱ݁ܘܪܳܐ. وعن الآراميّة كذلك في الپهلويّة توور (توڤر) و تَوَر. وعنها في الفارسيّة تاول (تاڤل). وعن الآراميّة كذلك في التركيّة القارلوقية تَوَر. وفي الأرمينية تَڤَر.

    قبلها كانت في الأگّديّة شورُم 𒋗𒌑𒊒 وفي الإبلاويّة شُلُم 𒄞𒌉 وفي الأُگاريتيّة ثور 𐎘𐎗. وعنها في الكنعانيّة شور و صور و سور שׁוֹר. وفي الفنيقيّة كذلك شور و صور 𐤔𐤓.

    في السبئيّة ثور وكُتبت بشكلين 𐩻𐩥𐩧 و 𐩻𐩧 على نمط الكتابة الفنيقي. وعنها في القتبانيّة ثور 𐩻𐩥𐩧. وفي المعينيّة ثور 𐩻𐩥𐩧.

    وعليه فقد تعدّدت طرق لفظ الكلمة في العربيّة القديمة ما بين شور، شل، ثور، صور، تور.

    لمّا عبد الحثيّون وعل العرب المقدّس حداد، كتبوا اسمه في نقوشهم: تَرُ، تَور، تَورو. ومع توسّع حكم الحثيّين في الأناضول وشرق أوروپا وصلت ديانتهم؛ عربيّة الأصل، إلى تلك البلاد، ووصل عبرها لفظ تَوروس Ταῦρος إلى اللّغة الإغريقية كاسم لكوكبة الثور في أبراج السماء. واستعمل الإغريق تسمية هذا البرج على مجموعة من القبائل التركية التي كانت تعيش في مرتفعات القرم وعبدت برج الثور. وبسبب هؤلاء صار اسم الجبال نفسها بالإغريقيّة كذلك جبال تَوروس (طوروس، طور).

    عن الحثّيّة كذلك صارت الكلمة في اللاتينية تَورُس taurus عن كلمة متداولة في إيطاليا من قبل ميلاد اللّغة اللاتينيّة وقبل نشوء روما، هي كلمة تَوروس tauros التي تشير إلى الثور البرّي وإلى حيوان الأُرْخُص الذي انقرض سنة 1627، وكان الحيوان الذي استأنسه الناس قبل البقر المعاصر، ويصل طول قرنه حتّى 80 سم.

    رسم لتوضيح الفرق ما بين حيوان الأُرْخُص المنقرض (على اليسار) الثور الأصلي، والثور المعاصر (على اليمين).
    رسم لتوضيح الفرق ما بين حيوان الأُرْخُص المنقرض (على اليسار) الثور الأصلي، والثور المعاصر (على اليمين).

    هذه الشعوب القديمة التي عاشت في إيطاليا عبدت الثور كذلك كما العرب القدامى وكما الحثّيين، ولهذا صارت كلمة تَوروس Ταῦρος الإغريقيّة تعبّر عن إله مقدّس تماماً كمنزلة كلمة تَورا תַּוְרָא الآراميّة ومنزلة كلمة صور שׁוֹר الكنعانيّة ومنزلة كلمة ثور 𐩻𐩥𐩧 السبئيّة.

    يقابل المعبود ثور في الشرق، المعبود أپِس 𓃾 في مصر القديمة، واسمه ورمزه هو سبب وجود شكل حرف ا في جميع الأبجديّات القديمة والحديثة، تنوّعاً عن الفنيقيّة 𐤀، وهو كذلك سبب وجود شكل حرف ت في جميع الأبجديّات القديمة والحديثة، تنوّعاً عن الفنيقيّة 𐤕. وتنوّعت أسماءه بتنوّع رؤاه الفلسفيّة، فهو ألِپ و ألِف و أوخ و خَپِس و خيپو و خَپِى و خَپِعنخ و هِپو… وعدّ المصريّون القدامى فرس النهر من تجسيداته، ولو أنّه بغير قرنين.

    لمّا عبد الأجداد الثور أطلقوا على الحكمة والشريعة اسم تاو (طاو) ذات اسم الثور تَورا، وخرج عن هذه التسمية حرف تاو 𐤕 الفنيقي الذي انتشر في أبجديّات العالم الغربي بشكله المعاصر T. ويُعتقد أنّ اسم كتاب التَوراة תּוֹרָה يعني في الواقع كتاب جمع الحكمة والشريعة (التاو) المأخوذ عن اسم الثور المقدّس تَورا תַּוְרָא.