الوسم: كتاب

  • لو لم أكن عربيّ الأبوين

    لو لم أكن عربيّ الأبوين

    لو لم أكن عربيّ الأبوين لتمنّيت أن أكون عربياً، لأنّ من يطّلع على ما قام به العرب من خِدْمَات للإنسانيّة، وللعلم والحضارة العالمية ليَقف إجلالاً للعلماء العرب في عصورهم الزاهية وإمبراطوريّتهم الواسعة.

    ولو لم أكن عربيّ الأبوين نسباً لتمنّيت أن أكون عربيّاً بالولاء، ذلك لأنّ المسلمين قديماً، على اختلاف ألوانهم، وأجناسهم، قد انتسبوا إلى قبائل عربيّة، وأُسر عربيّة، وأعلام من العرب؛ رجالاً ونساء، وأصبحوا منهم، لا يختلفون عنهم في الحقّ، ولا واجب. اعتزّوا بالعرب، وعلت مكانتهم بهم وبالإسلام.

    ولو لم أكن عربيّاً نسباً أو ولاء لتمنّيت أن أكون عربيّاً بالثقافة. ذلك لأنّ اللّغة العربيّة، والثقافة الإسلاميّة، كونتا شعوباً وأجيالاً من الناس ما زالت مخلصة للعرب، تحبّهم كأنفسهم أو أكثر حبّاً، لأنّ العربيّة لغة القرآن الكريم هي لغة رسول الله ص ولغة أصحابه وهم من العرب. وعروبة الثقافة كعروبة النسب.

    ما سبق، كتبه المؤرّخ العراقي الأستاذ أبو رجاء ناجي معروف عبد الرزاق العبيدي الأعظمي، وتركه في كتابه الرائع: {عروبة العلماء المنسوبين إلى البلدان الأعجمية في المشرق الإسلامي}. وهو موسوعة تحقيقيّة من جزئين في ألف ومئة صفحة، أثبت فيها الدكتور معروف زَيف تنسيب أكثر من ثلاثمئة عالم عربي إلى الفرس. ما يوضح بجلاء سَعَة انتشار المدن العربيّة عبر غرب ووسط آسيا حتّى القرن 11. وسعة التطوّر والتفوّق العلمي الذي امتازت به هذه المدن العربيّة، قبل أن تُكره على التحوّل إلى الفارسيّة، ثمّ تزال بجهد من إيلخانات فارس المغول في القرن 13.

    يمكن تنزيل كتاب الأستاذ معروف من هنا

    ويمكنك كذلك قراءته وتنزيله من هنا

    في كتاب الأستاذ ناجي معروف ستتضّح لك الصورة في أنّ ألقاباً مثل الرازي والنيسابوري والجرجاني والأصفهاني والسمرقندي… هي في الواقع أنساب عربيّة وليست أعجميّة. وسترى بجلاء وبوضوح أنّ الدول الفارسيّة من أمثال الصفاريّين والسامانيّين وغيرهم قد سرقت الحضارة العربيّة فنسبنها لأنفسهم، فجعلنها فارسيّة، فقط ليقولوا أنّ العرب ما أبدعوا ولا أضافوا شيئاً إلى هذا العالم. وهو كذب وافتراء صريح.

    عُيّن الأستاذ ناجي معروف مدرّساً في الإعدادية المركزية في بغداد. ثم سافر إلى فرنسا في عام 1935م ملتحقاً بالبعثة العلمية فدرس في جامعة السوربون ومتحف اللوفر بإشراف الأستاذ (ديموبين) وأكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في التاريخ، وكان عنوان أطروحته “المدرسة لمستنصرية” وبسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية واحتلال الألمان مدينة باريس عاد إلى بغداد، قبل أن يناقش أطروحته وعاد معه الدكتور مصطفى جواد، والدكتور سليم النعيمي، وهما مثله كانوا بانتظار مناقشة الرسالة.

    أبو رجاء ناجي معروف عبد الرزاق العبيدي الأعظمي، مؤرخ عراقي، أستاذ التاريخ في جامعة بغداد، ألّف فيه مجموعة من الكتب، وهو عضو المجمع العلمي العراقي. وينتمي إلى قبيلة العبيد العربية الزبيدية القحطانية الحميرية، وأهل مدينة الأعظمية في بغداد أغلبهم من أبناء هذه القبيلة، وهو شقيق عواد معروف و أحمد معروف ووالد خلدون ناجي معروف وعم بشار عواد معروف.

    عمل الأستاذ ناجي معروف بعد عودته إلى العراق من فرنسا في مديرية الآثار العامة بعد فشل ثورة مايس في عام 1941م، ثمّ اعتُقل ولبث في المعتقل ثلاث سنوات. وفي عام 1946م عُيّن مديراً لأوقاف بغداد، ثم عُيّن بعد ذلك عميداً لكلية الإمام الأعظم. وعُيّن في عام 1952م، عميداً لكلية الشريعة، وفي عام 1963م، عُيّن عميداً لكلية الآداب بجامعة بغداد. وفي عام 1965م، عُيّن عضواً في مجلس الخدمة.

    وفي عام 1972م انتخب الأستاذ ناجي معروف عضواً عاملا في المجمّع العلمي العراقي. كما انتخب عضواً في مجمع اللّغة العربية بدمشق في سوريا. وعُيّن أستاذاً في قسم التاريخ للدراسات العليا في جامعة بغداد، وكان عضواً في مجلس أمانة بغداد. ومن أهم إنجازاته على الصعيد الشخصي أنّه كان أحد المساهمين في تأسيس جمعية منتدى الإمام أبي حنيفة في الأعظميّة عام 1968م، وانتخب رئيساً لها مدة تسع سنوات حتى وفاته، ولقد سعى بواسطتها لإنشاء المساجد والجمعيات الخيرية في القرى والأرياف.

    ـ

    الصور لريفيّين عرب من قرية جيناو العربيّة في قشقداريا الأوزبكيّة. مقدّمة من الخدمة الصحفية للإدارة الإقليمية لتنمية السياحة في منطقة قشقداريا، أوزبكستان.